إعلان

 بداية جديدة / عقوق الأبناء

فاطمة مصطفى

بداية جديدة / عقوق الأبناء

فاطمة مصطفى

أ. الصحة النفسية والعلاقات الأسرية

07:00 م الأربعاء 02 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

انتشرت ظاهرة مثيرة للجدل والتعجب في نفس الوقت وهي (عقوق الأبناء) حيث نرى أن هناك آباء وأمهات يطردون أولادهم وفلذات أكبادهم من المنزل بحجة أن زوج الأم لا يرغب في وجود الابن أو أب يتبرأ من أولاده ولا يعترف بهم أو يفرق في المعاملة بين الأخوات والأخوة بحجة أنه لا يحب الأم أو لا يرغب فيها، أو أب يتبرأ وتنتزع منه كل مشاعر الأبوة ويغتصب ابنته وهي طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها سنوات الطفولة البريئة، أو أم تتفق مع عشيقها على التخلص من ابنها أو ابنتها لعدم رغبة عشيقها في وجود هذا الطفل...........تعددت الأمثلة المريبة والمرعبة التي تمثل هذه القضية، وللأسف هذه الظاهرة في زيادة وانتشار غير طبيعي وعلى مستوى فئات متنوعة ومختلفة، أي العامل المادي ليس له علاقة نهائي ولا مستوى التعليم أو حتى الإدراك والنضوج لأن هذه مشاعر فطرية من الخالق لدى الأب أو الأم، وللأسف وأكررها للمرة الثانية هذه الظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة أكثر وأكثر على الرغم من التقدم الذي يحدث في المجتمع.... ما سر هذه الظاهرة المرعبة؟ وما هو رأي علماء النفس والاجتماع في تصنيف هؤلاء الآباء والأمهات؟ سوف نناقش في هذا المقال هذه الظاهرة وطرق علاجها ...

عندما يتجرد كل من الأب أو الأم من المشاعر الفطرية التي منحها الله له ويتنازل عنها بمحض إرادته ولا يعترف بأولاده أيا كان سبب خلافه مع الطرف الآخر لابد أن نعي أنه إنسان غير سوي ومضطرب نفسيا ووصل لدرجة من الأنانية تحتاج إلى علاج نفسى مع متخصص يعرف ما أسباب هذا الشعور اللا آدمي لأنه شعور تم وضعه من الخالق للمخلوق أي تدخلت إرادة الله فيه فليس من الطبيعي أن نناقش حكمة الله سبحانه وتعالى فيما وضعه، وإذا تصادفت المواقف ووجدنا أمامنا حالة أو أخرى تتنافى مع الفطرة فلابد لها من علاج أو عقاب يتم تحديده من الجهات المختصة.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌعِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا" إقرار واضح وصريح من الله عز وجل بأن من نعم الدنيا على الفرد الأبناء وأنهم زينة الحياة وجاء بعدها مباشرة الباقيات الصالحات وهي الأعمال الصالحة وأيضا التسابيح (سبحان الله) والله أكبر ولا إله إلا الله والحمد لله... وهنا يأتي المعنى الأقوى وهو أن نعمة الأبناء جاءت قبل الباقيات الصالحات بمعنى أبسط وأوضح أن الله سبحانه وتعالى أمر وحث أن رعاية الأبناء فضلها أكبر من القيام بأعمال الخير (حث واضح ومباشر من الله) فهل بعد كلام الله كلام؟

أين كل أب وكل أم من هذا الكلام... هل وصل بكم الأمر بعد ما تجردتم من المشاعر الفطرية التي وهبها الله لكم أن تتخلوا عنها وتتنازلوا بكل عصيان وكبر وفجور، بل إنه ليس تجردا من المشاعر والمسؤولية فقط، ولكنه عصيان مباشر وواضح لأمر الله سبحانه وتعالى، وتتساءل بعد ذلك لماذا يأتي عقوق الوالدين؟

الأبناء هم مجرد بذرة أنت او أنت من قمتم برعايتها وتربيتها وحفظها وتدريبها فلكم ما صنعتم ...لا تستغربون في الكبر عندما تحتاجون لهم لا تجدونهم بجانبكم أو حواليكم، أنتم من صنع مشاعر الكره أو عدم العرفان بالجميل أو الجحود قبل ما تلومون هؤلاء الصغار راجعوا انفسكم هل كنتم ونعم الاب او الأم.
والمقصود هنا بالتربية ليس فقط الماديات والمسؤوليات الاجتماعية فقط بل هناك مسؤوليات معنوية ...اسأل نفسك عزيزي الأب كم مرة احتضنت ابنك وتناقشت معه في أمور حياته... كم مرة استمعت له واحترمت رأيه وفكره وعقله..كم مرة قمت باحتضانه وتشجيعه بكلمات المدح والثناء عليه...كم مرة تعاملت معه كرجل ناضج وليس طفلا لا يستحق أي اهتمام سوى الأكل والشرب والملبس... عليك الإجابة على هذه الأسئلة بكل صدق ( ليس معي أو هنا ولكن كن صادقا مع نفسك أولا).

عزيزتي الأم: كم مرة استمعت إلى ابنتك وفهمت واستوعبت احتياجاتها، وقبل ما تعاقبينها على الخطأ يتم مناقشة الخطأ نفسه حتى لا تقع فيه مرة أخرى أو تلجأ إلى صديقة تكون غير صالحة وهنا سوف تكون العواقب غير سليمة وغير مرضية لك قبل أي شخص آخر...كم مرة استمعت لها واحترمت رأيها بل وجعلت منها شخصية تحترم ذاتها وتثق بها وتشجعها على الاستقلال الفكري قبل الاستقلال المادي... كم مرة أخطأت وجاءت معترفة بالخطأ بكل شجاعة وحب واحترام قبل ما تكون خائفة ومترددة ومضطربة من رد فعلك وقلقة من العقاب وليست آمنة لك .....عليك الإجابة أيضا بكل صدق مع نفسك أولا .

أيها الآباء والأمهات اعلموا أن الحياة غاية في الصعوبة وتربية الأبناء أصعب وصعوبات الحياة المادية والأخلاقية في زيادة بصورة مرعبة وسريعة، ولكن أنتم من تجنون ما تزرعون أحسنوا التربية لأنكم أنتم من سوف يدفع الثمن لاحقا، عندما تحتاجون هؤلاء ولن تجدوهم نظرا لما زرعتم داخلهم من جحود وفجور ...وإذا استطعتم أن تحاسبوا انفسكم وتعتدلوا في الحكم عليها بطريقة سليمة صحيحة سوف تكون هذه بداية جديدة لكم أنتم، قبل أولادكم لكى تستمتعوا معهم بالعيش في حياة مليئة بالاستقرار النفسي والسلام الداخلي والدفء الأسري الذي طبيعي سوف ينعكس عليكم في الكبر.

بداية جديدة ....

إعلان