لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

زجاجة جاباكسي وعلم الاقتصاد: هل درس الحضري علم البيانات؟

أحمد شكري رشاد

زجاجة جاباكسي وعلم الاقتصاد: هل درس الحضري علم البيانات؟

أحمد شكري رشاد

أستاذ الاقتصاد المساعد وزميل بحوث بمنتدى البحوث الاقتصادية

Twitter: @ahmshoukry

03:48 م الجمعة 11 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بروفيسور إجناسيو بالاسيوس هويرتا Ignacio Palacios-Huerta – هو أستاذ الاقتصاد بمدرسة لندن للاقتصاد London School of Economics وواحدة من أهم معاقل علم الاقتصاد في العالم. اجناسيو معروف بتخصصه في نظرية المباريات Game Theory التي تدرس الاستراتيجيات المثالية التي يستخدمها المتنافسين لتحقيق أهدافهم. اجناسيو وجد في كرة القدم وضربات الجزاء أفضل تطبيق لدارسة سلوك الأفراد والاستراتيجيات المختلفة لتحقيق الأهداف. في نهائي دوري الابطال موسكو 2008 الذي كان يعرف حينها باسم نهائي الحلم بين نادي مانشستر يونايتد ونادي تشيلسي، يحكي إجناسيو أنه تلقى اتصالا من نادي تشيلسي لاستخدام أبحاثه للمساعدة في تحليل ضربات الجزاء لفريق مانشستر يونايتد وتحديد أفضل استراتيجية لتعامل مع ضربات الجزاء في حالة الاحتكام اليها. يقول اجناسيو: علمت لمدة أسبوعين على تحليل البيانات ثم كتبت التقرير وأرسلته للمدير الفني لنادي تشيلسي الذي وجد التقرير رائع ومفيدة للغاية في حالة وصول لضربات الجزاء. في واحدة من أروع ليالي دوري الابطال، بدأت المباراة في موسكو وفي دقيقة 28 كالعادة ففز كريستيانو رونالدو قفزة فضائية ليسجل الهدف الأول من ضربة رأسية وفي دقيقة 44 عاد فرانك لامبارد لتعديل النتيجة لتتحول لتعادل بين الفريقين ويستمر التعادل حتى وصول لضربات الجزاء.

ما بحث عنه اجناسيو في تقريره حول لاعبي مانشستر هو التحيز عند لاعبين أو الميول المتكرر بشكل نظامي (systematic bias) لتفضيل استراتيجية معينة لتعامل مع ضربات الجزاء وخداع حارس المرمى. اكتشف اجناسيو ميولا أو تحيزا متكررا عند اثنين من لاعبي مانشستر. الأول هو كريستيانو رونالدو والثاني حارس مرمى مانشستر فان در سار. ما اكتشفه اجناسيو وكتبه في تقريره انه عندما يجري كريستيانو نحو الكرة لتسديد ثم يتوقف بشكل مباغت قبل الوصول إليها فإنه من شبه المؤكد أنه سوف يسدد على يمين الحارس. أما حارس مانشستر فان در سار فلديه ميل قوي بشكل متكرر للقفز نحو اليمين إذا كان اللاعب أيمن وقفز نحو اليسار إذا كان اللاعب أعسر. في ضربة جزاء الثالثة لمانشستر دخل كريستيانو على الكورة للتسديد وجرى نحو الكرة ثم توقف وكما توقع اجناسيو في تقريره سدد كريستيانو نحو اليمين وتمكن حارس تشيلسي بيتر تشك من صدها. وبفضل اجناسيو، تمكن لاعبو تشيلسي من تسجيل أربع ضربات جزاء وفي كل مرة يذهب فان در سار للاتجاه الخاطئ. في الركلة الأخيرة، دخل مدافع جون تيري لتسديد الركلة الخامسة سددها كما نصح اجناسيو وقفز فان در سار لجهة الخاطئة ولكن لحسن حظ فان در سار تزحلق جون تيري اثناء التسديد وارتطمت الكرة بالقائم. لتذهب المباراة لضربات إضافية. في الركلة السابعة، دخل نيكولا انيلكا لتسديد الضربة السابعة لتشيلسي ولكن في هذه المرة تجاهل انيلكا علم البيانات وسدد نحو اليمين وليصدها فان در سار ويفوز مانشستر بلقب دوري الابطال.

ولكن الآن لدي مفاجأة كبيرة لك عزيزي القارئ، عن هذه المباراة التاريخية، في هذه المباراة كان المدير الفني لمانشستر يونايتد المدرب التاريخي للفريق السير اليكس فيرجسون. ومن كان مساعد المدرب في اثناء المباراة؟ فكر لحظة. نعم احسنت عزيزي القارئ. انه هو كارلوس كيروش مدرب المنتخب الوطني المصري!

ليس لدي الشك للحظة ان كارلوس كيروش على علم تام بما فعله نادي تشيلسي وطلب المساعدة من عالم اقتصادي لتفوق على مانشستر يونايتد في ضربات الجزاء. ومن السهل التوقع ان كيروش هو من طلب من الجهاز الفني الاستفادة من علم البيانات لتحديد الميول المتكرر أو التحيزات عند الاعبين المنافسين لتفوق في ضربات الجزاء. في ظل التطور في آخر 10 سنوات في تكنولوجيا المعلومات وظهور دور محللي الأداء في الجهاز الفني لفرق الكرة، ولن تحتاج إلى عالم اقتصاد في جامعة لندن ولكن يكفي ان يكون لديك محلل أداء مع البيانات وباستخدام الخوارزميات الحديثة Algorithms يمكن التنبؤ بسهولة أين سيسدد اللاعب الكرة بدقة عالية. وكلنا شاهدنا كيف كان أداء جاباكسي المذهل في تصدي لضربات الجزاء المدعوم بعلم البيانات. وكيف انبهر العالم باستغلاله لزجاجة المياه لتدوين البيانات. لدرجة ان مجلة هارفارد بزنس ريفيو Harvard Business Review علقت على تصديات جاباسكي واستغلاله لعلم البيانات في اتخاذ القرارات. وعندما سأله المذيع عمرو اديب في برنامج الحكاية بتاريخ 7 فبراير عن سر تألقه في التصدي لضربات الجزاء رد جاباكسي بكلمة واحدة: العلم.

ان الفكرة الرئيسية التي أثبتها لنا جميعا جاباكسي سواء بقصد او بدون قصد ان القرارات والاستراتيجيات القائم على العلم دائما تؤدي إلى أفضل النتائج. وكيف يمكن ان يساهم العلم في تطوير كل شيء حتى كرة القدم. وان الرسالة الواضحة من تلك التجربة العملية، ان اتباع المنهج العلمي في اتخاذ القرارات سواء على مستوى الأفراد أو الحكومات دائما ما سيقود إلى أفضل المخرجات.

إعلان