لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

البنك العربي للإنشاء والتعمير

د.غادة موسى

البنك العربي للإنشاء والتعمير

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م الجمعة 23 ديسمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


أسفرت الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين عن انعقاد اجتماعات "بريتون وودز" بالولايات المتحدة الأمريكية. وكان الهدف من هذه الاجتماعات البحث في كيفية إعادة إعمار أوروبا، وبصفة خاصة ألمانيا وإعادتها لحظيرة الغرب الفكرية والسياسية. وكانت الوسيلة لتحقيق ذلك هي وضع إطار مؤسسي للاضطلاع بهذه المهمة من خلال بنك الانشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي.
وفي الواقع كانت مهمة إعادة الإعمار ذات بعدين اقتصاد وسياسي في آن واحد. وكان البعد السياسي هو الدافع الأساسي لإنقاذ أوروبا وتنميتها.
وخلال الأسابيع الأخيرة انعقدت القمة العربية الصينية ثم القمة الخليجية الصينية للبحث في مستويات التقدم في مشروع الحزام والطريق. وكيفية قيام الصين بمساندة الدول العربية في تسوية النزاعات السياسية وتحقيق التنمية الاقتصادية. كما أعقب تلك القمتين مؤتمر العراق "٢" الذي هدف أيضا بشكل عام للبحث في استقرار المنطقة ومنع التدخل في الشؤون الداخلية لدولة العراق.
وبإمعان النظر في منطقتنا العربية، سنجد أنها تمر منذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين وحتى الوقت الراهن بتقلبات سياسية واقتصادية وثقافية تراوحت بين الحروب والصراعات والأزمات والتفكك السياسي والإفلاس الاقتصادي إلى حد تفكك دول واختفاء دول من خريطة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى الرغم مما سبق، لم يتم تقديم مشروع متكامل للنظر في كيفية إعادة تنمية وتعمير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العربيتين، وذلك من خلال وضع حلول وتسوية الصراعات السياسية الكبرى التي- مع الأسف- تفاقمت وتعقدت منذ مطلع الألفية الجديدة.
لا يعني ذلك عدم وجود مبادرات ومشاريع تقدمت بها منظمة جامعة الدول العربية أو الدول العربية فرادى. ولكن لم ترق تلك المبادرات لمشروع استراتيجي كبير ومتكامل لتسوية صراعاتها السياسية وتحسين سياسات الحوكمة فيها ومن ثم تنميتها اقتصاديا واجتماعياً. وهو الأمر الذي يتطلب هيئة تمويلية تعمل وفق منطق التنمية المستدامة وإعادة التعمير.
وتعتبر فكرة إنشاء البنك العربي للإنشاء والتعمير الذي يتم فيه ضخ الأموال من الدول والشركات والمؤسسات العربية بشكل متباين- وفق قدراتها- أمراً غاية في الأهمية، بدلاً من اللجوء للصناديق والبنوك الدولية ذات الشروط السياسية المتشددة التي لن تقود لتنمية مستقلة ولا للاستقرار السياسي المنشود.
والبنك العربي للإنشاء والتعمير يحتاج قبل أية أموال إلى إرادة سياسية تجمع وتربط بين القائمين عليه. كما يحتاج إلى الإعداد والتجهيز من حيث حزم المشاريع التي سيمولها في الدول العربية التي تشهد أزمات سياسية داخلية أو صراعات مع دول إقليمية. كما يحتاج إلى تعاون من منظمات المجتمع المدني العربية لتوجيه موارده للوفاء بالاحتياجات التنموية المتنوعة لشعوب المنطقة.

إعلان