إعلان

منظومة القيم في المجتمع المصري

د. إيمان رجب

منظومة القيم في المجتمع المصري

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

07:39 م الإثنين 17 أكتوبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

نشهد منذ فترة عديد من الأحداث التي تكشف في جوهرها عن خلل أصاب منظومة القيم التي استقرت في وعي المصريين لفترات طويلة، والتي ميزت سلوكهم العام ونمط علاقاتهم الاجتماعية، وما الحنين لأفلام الأبيض والأسود ولأغاني أم كلثوم وعبدالحليم وغيرهما إلا محاولات للبحث عن أي شيء يعكس تلك المنظومة من القيم.

وهذا الخلل نلحظه في أمور كثيرة، منها الرغبة في تحقيق الكسب المادي السريع حتى وإن كان على حساب العلاقات الأسرية، وغياب الثقة بين الناس، وتنوع أشكال الفساد، واتساع الفجوة بين أقوال الناس وأفعالهم على نحو أصبح ظاهرا للعيان في مواقف متعددة، فضلا عن كثرة الكذب والنفاق والتفنن فيه من خلال منصات التواصل الاجتماعي وما تتيحه من أدوات ذات صلة.

وهذا الخلل نبهت له دراسة كلف بها وزير التنمية المحلية الأسبق دكتور أحمد درويش وأشرف عليها دكتور أحمد زايد ونشرت نتائجها في العام 2009 ، حيث رصدت الدراسة أبعاد مختلفة للخلل في منظومة القيم من قبيل علو شأن لاعبي الكرة والفنانين وتراجع حظوظ المفكِّـرين والعلماء وغابت العدالة الوظيفية بسبب المحسوبية، والعدالة الاقتصادية بسبب الرشوة والفساد، وانتفاء قيمة الخَـير والحُـب، وتراجع قيمة القُـدوة، وتراجع قيمة الإحساس بالأمان والطمأنينة، وتراجُـع قيمة الأسرة التي أصبحت تواجِـه خطر التفكّـك وتراجع قيمة الانتِـماء للوطن.

ومنذ ذلك العام وحتى اليوم، تهتم عديد من الجهات الحكومية بدراسة التغير الذي طرأ على قيم المصريين، بهدف الوقوف على الأسباب التي تسمح بتصويب الخلل في تلك القيم لكونها ركيزة من ركائز الأمن القومي للدولة.

ومن المهم هنا توضيح أن القيم هي عامل مهم في سلوك الناس وتحدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول، ولكنها تتأثر أيضًا بالظروف المحيطة بهم وبالبيئة التي يعيشون فيها، وبالتالي هي قابلة للتغير بالسلب وبالإيجاب. ولذا فإن الحفاظ على القيم الإيجابية وتحصينها ضد أي ظروف قد تعمل على اضعافها أو خلخلتها يتطلب وجود سياسات وبرامج تكون معنية بالحفاظ عليها.

وفي هذا السياق تأتي أهمية ما أطلق من مبادرات في الفترة الأخيرة من أجل إحياء القيم الايجابية وتقويتها، ومنها مبادرة "أخلاقنا" التي أعلنتها وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع إدارة الشئون المعنوية في 2021 ، والتي تم فيها تنفيذ عدة أنشطة ومشروعات متنوعة وعرض أفلام توعوية ونشرها في مختلف الوسائل، بمشاركة مجموعة من الفنانين والرياضيين والشخصيات العامة.

كما بدأت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية منذ الشهر الماضي في تنفيذ مبادرة "أخلاقنا جميلة" للفت الانتباه للسلوكيات السلبية التي أصبحت العين تألفها وأصبح هناك اعتياد ما عليها في المجتمع من خلال أفلام فيديو قصيرة ورسائل نصية تحوي حكم ومعاني عميقة ذات صلة بمجموعة من القيم الإيجابية مثل أهمية اتقان العمل والمثابرة والإخلاص والصدق وحب الوطن وغيرها.

وحتى تؤتي هذه المبادرات ثمارها، لابد أن تنشط مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى وهي تحديدًا الأسرة والمدرسة والجامعة في تنفيذ فعاليات مكملة لما تقدمه هذه المبادرات، فمسئولية الحفاظ على القيم الايجابية واحياء ما اختفى منها هي مسئولية مشتركة بين جهات متعددة.

إعلان