إعلان

كيف يمكن مواجهة الشائعات؟

د. إيمان رجب

كيف يمكن مواجهة الشائعات؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

07:00 م الإثنين 10 أكتوبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

يحذر الرئيس عبدالفتاح السيسي بشكل متواصل وفي مناسبات متعددة من التهديد الذي يحمله تداول الشائعات على الأمن القومي للدولة، وهو ما تحدث عنه الرئيس أثناء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف منذ أيام، وقبل هذه الاحتفالات بأقل من شهر حذر الرئيس أيضا من الشائعات ذات الصلة بالأوضاع الاقتصادية في البلاد.

ومنذ جائحة كوفيد-19 ثم الحرب الروسية الأوكرانية، أصبح التصدي للشائعات يتصدر قائمة اهتمام الحكومات وقادة دول العالم، وتشير بيانات موقع ستاتيستا statista الخاصة بعدد مستهلكي الأخبار الذين تعرضوا لأخبار زائفة وشائعات خلال شهر فبراير هذا العام الى أن النسبة الأكبر من الشائعات كانت تتعلق بـ6 قضايا رئيسية، أولاها من حيث مجمل الشائعات فيروس كورونا، ثم القضايا السياسية، ثم أخبار المشاهير، ثم التغير المناخي، ثم قضايا الهجرة، وأخيرا المنتجات والبضائع الاستهلاكية.

وكانت إفريقيا من أكثر المناطق التي تعرض فيها قارئو الأخبار لشائعات وأخبار زائفة خاصة فيما يتعلق بأخبار المشاهير والقضايا السياسية وفيروس كورونا.

وتشير بيانات المركز الاعلامي لمجلس الوزراء عن الشائعات المتداولة في البلاد طوال الفترة 2014 حتى 2021 إلى أنها في تزايد مستمر، وكان نصيب العام 2021 ما نسبته 23.5% من مجمل الشائعات المرصودة خلال تلك الفترة، وهذه المسألة تحدث عنها السيد الرئيس أيضا خلال حفل تخريج إحدى دفعات الكليات العسكرية في يوليو 2018 حين أوضح أن الدولة تصدت خلال ثلاثة أشهر لعدد 21 ألف شائعة.

والتزايد المستمر للشائعات المتداولة في البلاد يفيد بوجود بيئة حاضنة للشائعة، لاسيما وأن الشائعات بطبيعتها أكثر جاذبية من الأخبار المؤكدة، ومن بين العوامل التي تساعد على انتشار الشائعات بشكل متزايد هو تنامي استخدام منصات التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول إليها من خلال أجهزة المحمول الذكية، وهو ما جعل كل مستخدم يمتلك حساب على تلك المنصات ناشر لأي خبر ومستهلك لأي خبر سواء كان خبر زائف أو خبر مؤكد، وحريص على النشر السريع لأي شيء سعيًا وراء أن يتحول ما ينشره إلى تريند ليصبح موضوع لبرامج التوك شو المسائية التي أصبحت هي الأخرى تخصص فقرة للتريند الذي يتصدر منصات التواصل الاجتماعي.

والحديث عن هذا الجانب غير المسئول لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي لا يقلل من أهمية هذه المنصات حين يتم استخدامها بشكل هادف، ولكن يظل الاستخدام غير المسؤول هي السمة المسيطرة على استخدام هذه المنصات في بلدنا خاصة في ظل غياب أطر فعال للرقابة على ما ينشر على هذه المنصات لضمان سلامة مستخدمي المنصات وحمايتهم من أي شائعات.

جدير بالذكر أن ما يقوم به المركز الإعلامي لمجلس الوزراء من جهود كبيرة في رصد الشائعات والرد عليها، يعتمد على الأسلوب المباشر في التعامل مع الشائعة، ورغم أهمية هذا الأسلوب إلا أنه لابد أن تكون هناك جهود أخرى تساهم في خلق بيئة غير حاضنة للشائعات.

وتكشف خبرات دول كثيرة في العالم أن الحكومات أصبحت إلى جانب تبنيها سياسات تكفل الرد المباشر على الشائعات وكذلك الرد غير المباشر عليها، باتت تهتم بشكل متزايد ببناء قدرات المواطن ليكون أكثر قدرة على التحقق من أي خبر قبل أن يقوم بنقله أو إعادة نشره أو تصديقه بطريقة تؤثر على أي قرار قد يتخذه. ومن ذلك، خبرة الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت في قطاعات معينة تلزم العاملين في الجهاز الإداري للدولة بإكمال تدريب ذي صلة بخطوات التحقق من الشائعات والأخبار الزائفة وكذا كيفية حماية أنفسهم من أي هجمات إلكترونية تعرض سلامتهم الرقمية للخطر، ويتم إلزام العاملين بتجديد التحاقهم بهذا التدريب كل ثلاثة أشهر، وفي حال تخلف أي من الموظفين عن ذلك يتم خصم نسبة من الحوافز المقررة له.

ويحمل الاطلاع على خبرات الدول الأخرى في التعامل مع الشائعات دروسا مستفادة يمكن الاستعانة بها في تطوير منظومة التعامل مع الشائعات في بلدنا وفي زيادة وعي المواطن بضرورة التحقق من الخبر قبل تداوله على منصات التواصل الاجتماعي الرقمية أو أثناء اللقاءات الاجتماعية.

إعلان