إعلان

 لبناني يوصي ابنته في المطار!

الكاتب سليمان جودة

لبناني يوصي ابنته في المطار!

سليمان جودة
07:55 م الأحد 29 أغسطس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

ما حدث في مطار بيروت قبل أيام، هو تقريباً آخر ما كان يتوقع أي مواطن عربي أن يحدث في لبنان، الذي عشنا نراه ونعرفه بلداً محباً للحياه ومقبلاً عليها في كل الظروف!

وما حدث حسب رواية صحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر كل صباح في لندن، أن مواطناً لبنانياً كان يودع ابنته المسافرة فنصحها بألا تعود، ثم التفت إلى باقي الأبناء الذين كانوا بصحبته في المطار موجهاً إليهم ذات النصيحة المؤلمة!

وعندما يصل الحال بالمواطن في بلد عربي إلى هذه الدرجة، وعندما يصبح حال هذا المواطن شبه ظاهرة عامة في بلده، فإن لك أن تتصور إلى أي حد وصل سوء الأحوال هناك!

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قد أطلق تحذيراً منذ وقت مبكر حول تدهور الوضع اللبناني، فقال في تصريح شهير إن بلاده تخشى على لبنان من الزوال!.. ولو أن المسؤولين الذين يعنيهم الأمر في الدولة اللبنانية قد أنصتوا إلى ما قاله الوزير الفرنسي، ما كانت الأمور قد بلغت ما بلغته من يأس بين رجل وبين ابنته على الملأ في مطار البلاد!

وليس أغرب من أن يصبح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحرص على صالح لبنان من المسؤولين في البلد أنفسهم، وإلا، فهل ينسى أحد ممن يتابعون ما يدور فوق الأراضي اللبنانية أن ماكرون زار بيروت مرتين على أمل أن تتشكل حكومة لبنانية على قدر المسؤولية، أو أن يذهب المسؤولون عن انفجار ميناء العاصمة في الرابع من أغسطس ٢٠٢٠ الى العدالة!

وأخطر ما في نصيحة الرجل لابنته، ليس أنه نصحها بما قال في لحظة من لحظات الغضب، ولا أنها استقبلت نصيحته ثم لم تعلق، ولا أنه راح يوجه النصيحة ذاتها إلى أبنائه المرافقين، ولا أنه فعل ذلك على مسمع من الجميع إلى حد أن نصيحته غير المسبوقة قد وجدت طريقها إلى النشر في صدر الصفحة الأولى من صحيفة كبيرة مثل الشرق الأوسط!

لا .. ليس هذا كله هو الأخطر في الموضوع .. فالأخطر بالفعل هو أن يفقد المرء انتماءه إلى بلاده، لدرجة يصبح معها ذهابه عنها بلا عودة هو الحل الذي يوصي به أبناءه ولا يجد في ذلك أي حرج !

ففي وقت الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت ١٥ سنة، كان اللبنانيون يمارسون حياتهم رغم الحرب، وكانوا لا يتوقفون عن ممارسة الحياه بكل صورها، ولم يكونوا يجدون في استمرار القتال بين الطوائف المختلفة ما يمكن أن يصرفهم عن التمسك بالعيش الطبيعي الذي يتغلب على كل الصعاب!

حدث هذا طويلاً ومراراً .. وكان اللبنانيون ولا يزالون مضرب المثل في القفز فوق كل ما يقف في طريقهم نحو حياة يرونها مستحقة لكل انسان!

فماذا جرى ليتحول معه المواطن اللبناني من الحرص على أن يظل يحيا رغم أجواء الحرب إلى البحث عن ملاذ يبعده عن البلد وعن الوطن بكل ما يمثله من قيم لدى مواطنيه؟!

موجز ما جرى كان ماكرون قد صرح به علناً قبل أسابيع، عندما قال إن الطبقة السياسية في لبنان لا تستحق بلدها!! .. وقد مر هذا التصريح الموجع دون أن يستوقف أحداً في هذه الطبقة، ودون حتى أن يفكر أحد من أفرادها في أن يحتج أو يعترض!

كان الله في عون لبنان! .. وكان الله في عون مواطنيها الأبطال الذين صار الشغل الشاغل لكل واحد فيهم إذا غادر ألا يعود! .. كان الله في عونهم جميعاً .. فالسماء وحدها هي القادرة على أن تنتشل لبنان مما يتدحرج إليه!

إعلان