إعلان

الصدام قادم في سد النهضة

أسامة شرشر

الصدام قادم في سد النهضة

أسامة شرشر
07:00 م السبت 12 يونيو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

لا شك في أن كل المفاوضات مع إثيوبيا والمحاولات من مصر والسودان لإيجاد حل دون جدوى- تؤكد حقيقة واحدة، هي أن الصدام قادم في موضوع سد النهضة؛ لأن الجانب الإثيوبي أصبح متطرفًا ولا يقبل أي تنازل بأي حال من الأحوال، لأن مصر تتعرض لما يسمى بالمؤامرة الكبرى، من خلال ما يُسمَّى «تحالف قوى الشر».

ومصر طوال تاريخها تعي معنى الجوار، وتتفهم الأسباب والمعطيات التي تدفع جارًا لعمل ما، ولطالما غفرت لجيرانها، فمصر لم تكن في يوم من الأيام دولة احتلال أو عدوان أو استعراض للقوة، بل كانت علاقتها دائمًا بالقارة الإفريقية علاقة دعم ومساندة لأشقائها الأفارقة، وكانت ملجأ للقارة كلها في دعم حركات التحرر الوطني وبوتقة للأحرار في كل أنحاء العالم، بل إن مصر من أكثر دول العالم التي لها علاقات دبلوماسية بدول القارة الإفريقية من خلال 54 سفارة، وكانت هي صوت إفريقيا، منذ عهد عبد الناصر، حتى جاء الرئيس السيسي ليعيد لمصر بوصلتها الإفريقية، ويعيد تشكيل دور مصر في دعم تنمية دول القارة الإفريقية.

ولكن مصر بعد أن استنفدت كل الطرق لإيجاد حل نفد صبرها، وتوحد شعبها فى قضية بالنسبة له تعتبر اختيارًا بين الحياة والموت.. بين البقاء والفناء، فالنيل بالنسبة للمصريين- منذ آلاف السنين- هو قِبلة تهفو إليها أنفسهم، ومصدر حياتهم وحضارتهم، والتفريط فيه تفريط في كل شيء، ولن تقبل مصر أبدًا بأن يُضرب العمق المائي لها، سواء بإغراقها أو منع المياه عن أراضيها. وهذه هى الجريمة الكبرى التى تحاول إثيوبيا ارتكابها.

لقد وصلت مصر إلى مرحلة عالية من النضج السياسي والدبلوماسي، حتى أصبح العالم كله شاهدًا على طول صبرها، رغم الاستفزازات الإثيوبية المستمرة وتصريحات دينا مفتي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، العدائية.

ولكني أعتقد أن الصبر بدأ ينفد، والصدام قادم لا محالة، ومصر قادرة عليه بما لها من أدوات وأوراق ضغط، خصوصًا في وجود السفير سامح شكري، الوزير المتميز، الذي يقود مدرسة الخارجية المصرية صاحبة التاريخ المشرف المتوارث عبر أجيال وأجيال والمشهود لها بالكفاءة والأداء المتميز، والدبلوماسية والحكمة في علاج القضايا من خلال التفاوض والحوار.. وهذا ليس بجديد على سفراء الخارجية المصرية ذوي البصمات في كل المجالات.

ونحن لا ندعي أننا نعلم طريقة الصدام، لكني على يقين بأنها ستكون مفاجأة للأصدقاء قبل الأعداء، وأنها ستخرس دينا مفتي الذي يتوهم أن النيل ملكية خاصة خالصة لإثيوبيا، وأن الأمطار الربانية احتكار لهم، وأنهم فوق القوانين والأعراف الدولية والحقوق المائية المتعارف عليها.

لقد وصل الأمر بالبعض في إثيوبيا ليتوهم، ويصرح بأن مصر ليس لها حقوق مائية أصلًا، وأظن أن إسرائيل وراء هذا الجدل الدبلوماسي، وأنها هي اللاعب الخفي- المعلن- في تقديم الدعم اللوجستي للحكومة الإثيوبية.

بل وصل التغييب لدى الحكومة الإثيوبية إلى أنها تروج لشعبها أن ملء سد النهضة بالطريقة التى يحاولون تنفيذها هو الطريق الوحيد للتنمية، وأنه لا بديل عن هذا الطريق لتقدم إثيوبيا، وأن مصر هي العقبة الوحيدة أمام هذه التنمية، وأن القاهرة تريد أن تستولي على حق الإثيوبيين من المياه، وهي مغالطات تم الرد عليها مرارًا وتكرارًا، ولكن الحقائق ستتكشف قريبًا أمام الشعب الإثيوبي، ليعلم أن كل ما يجري هو سيناريوهات معد لها سلفًا وأكاذيب غير حقيقية، وأن هذا التعنت ما هو إلا وسيلة للتغطية على ما يجرى في إقليم تيجراي من تطهير عرقي واستهداف عنصري وانتهاك للشعب الإثيوبي من الحكومة الإثيوبية وبدعم من إريتريا، وأن موقف إثيوبيا هو موقف مستحيل في زمن اللامستحيل واللامعقول.

ونحن نتساءل عن الموقف العربى لبعض الدول الداعمة لسد النهضة.. لماذا؟

ويزداد التساؤل عن الموقف الأوروبي الصامت أمام هذه الاختراقات لاتفاقيات الأنهار التي لم تحدث في تاريخ الأنهار على مستوى دول العالم!

انتبهوا.. فمصر تمتلك أوراق ضغط كثيرة ومفاجئة.. وخيار الصدام إذا كان هو الوحيد الباقي للحفاظ على الحقوق المائية للشعب المصري، فـ"مجبر أخاك لا بطل".. ومرحلة النضج السياسي التي وصلت إليها مصر الآن كلاعب رئيسٍ وشريك أساسٍ في القضايا الإقليمية، وآخرها فلسطين وغزة- تؤكد ذلك.

ونقول لآبى أحمد الذي أباد شعبه: إن المشهد المصري في 2011 مختلف اختلافًا كليًّا وجزئيًّا عن المشهد فى قاهرة المعز في 2021.

وهذه رسالة من الشعب المصري: أفيقوا، وانتبهوا، فإن الأيام القليلة القادمة تحمل الكثير من المفاجآت، ونحن على المحك، نكون أو لا نكون.

فعودوا إلى رشدكم.. قبل فوات الأوان.

إعلان