إعلان

الحياد الإعلامي أم الوضوح الأخلاقي؟

محمد حلمي- صحفي مصري

الحياد الإعلامي أم الوضوح الأخلاقي؟

محمد حلمي
07:58 م الثلاثاء 20 أبريل 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

وجدت هيئة الإذاعة البريطانية أن مقدمتها إميلي ميتليس، قد انتهكت إرشادات "الحياد الواجبة" داخل المؤسسة، عندما أعلنت أن مستشار رئيس الوزراء البريطاني دومينيك كامينغز، قد خرق قواعد الإغلاق بسبب كورونا، وجعل المواطنين العاديين "يشعرون بأنهم حمقى."

أما في أميركا، فقد تلقى محلل شبكة CNN فان جونز، استحسانا كبيرا على منصات التواصل بسبب " تعليقه العاطفي" ضد الرئيس الأسبق دونالد ترمب يوم الانتخابات الأميركية، في الوقت الذي ابتعدت فيه معظم الشبكات التليفزيونية الأميركية عن مؤتمر ترمب المباشر، والذي ساق خلاله مزاعم بشأن تزوير الانتخابات.

هذه الأمثلة تطرح تساؤلات عدة حول ماذا إذا كان النهج الإعلامي التقليدي المعتمد على إذاعة ما يعتبر "دليلا وبرهانا" للجمهور، وترك الأمر لهم لاستصدار الأحكام، لا يزال قائما؟ أم أن الأمر أصبح مجازفة، ويعطي ثقلا غير مبرر، لمواقف قد تكون مزيفة أو تميل لصالح الدولة، ما يساهم في تضخيم الانحياز؟

في بحث لمؤسسة رويترز للصحافة، ترى عينة من المديرين التنفيذيين لعدد من المحطات الإخبارية الكبرى، أن مفهوم الحياد مهم أكثر من أي وقت مضى، لكن الكثير منهم يدركون أيضًا أن الحياد في بعض القضايا، مثل الديمقراطية والعنصرية، قد لا يكون مناسبا.

وتعيد بعض المؤسسات الإعلامية إصدار المبادئ التوجيهية بالنسبة لحيادها مراعاة لجملة من الظروف المتغيرة.

المدير العام الجديد لهيئة الإذاعة البريطانية تيم ديفي، اعتبر أن "إعادة تصور الحياد" يأتي في صميم رؤيته لتطوير المؤسسة البريطانية العريقة، ويخطط المدير العام الجديد لكبح جماح الموظفين الذين يعبرون عن آرائهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.

يأتي ذلك في الوقت الذي تشير فيه بعض قياسات الرأي العام الأميركية، أن الجمهور في معظم الدول الديموقراطية، لا يزال يفضل الصحافة المحايدة والموضوعية، إلا أن غالبية الشباب، يفضلون الأخبار التي تشاركهم وجهة نظرهم، ويتداولونها بشكل أكبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما اعتبر مؤشرا خطيرا على الانحراف نحو انتشار الانحياز والأخبار المضللة رغم جهود مكافحتها.

في غضون ذلك، يزداد الجدل حول قوانين الحبس في قضايا نشر "الأخبار الزائفة" وتضليل الرأي العام، التي تم استحداثها مؤخرا في عدد من الدول.

في المجر على سبيل المثال، يمكن للسلطات الآن سجن أي شخص لمدة تصل إلى خمس سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة ". من هم ضد القانون يعتبرونه معاديا للديمقراطية، ويهدف لإسكات معارضي رئيس الوزراء فيكتور أوربان.

قوانين الحبس بتهمة تضليل الرأي العام أبرزت دور التدخل الحكومي في العمل الإعلامي، تدخل، قد يكون إيجابيا، كما الحال في الدول التي زادت فيها ثقة الجمهور بحكوماته، مدفوع بتعاطي الحكومات الحاسم في بعض الملفات الهامة مثل جائحة كورونا، والاحتجاجات على الظلم الاجتماعي وعدم المساواة.

وينقلب المشهد رأسا على عقب، دول أخرى، تستغل فيها الحكومات قوانين "نشر الأخبار الكاذبة" كتهم مطاطية، تقيد الحريات، وتغلق المناخ العام، ولا تحميه.

يظل الحياد في صميم العمل الإعلامي الجيد، إلا أن جملة من التحديات الكبرى، منها الاستقطابات السياسية والضغوط الاقتصادية، تترك تعريف الحياد للطرف الأقوى - الذي هو الدولة في كثير من الأحيان - والدولة بدورها تعطي "جرعة كبيرة" لما تراه مناسبا ويخدم توجهاتها، ما يؤدي لنتيجة عكسية في بعض الأحيان، حتى وإن كان توجه الدولة صحيحا.. مشهد يترك التعريف الحقيق للحياد كسؤال معقد، تجيب عنه فقط المعايير الأخلاقية للمتلقي.

إعلان