لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"جدعنة الصعايدة"

أسامة شرشر

"جدعنة الصعايدة"

أسامة شرشر
07:00 م الثلاثاء 30 مارس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

غالبًا ما تتحول وقائع الحياة إلى فيلم سينمائي، لكن الأغرب أن تجسد السينما ما قد يحدث في الواقع، وقد حدث ذلك بالفعل في أحد مشاهد حادثة قطاري الصعيد في سوهاج.

لقد ظهرت مقاطع فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد تلاحم المصريين.. نعم.. لقد كشفت كارثة القطار معاني خطيرة ودلالات مصرية وعمقًا حول الهوية والشخصية المصرية التي تجسدت، وظهرت بوضوح من خلال التكافل والتلاحم بين أبناء سوهاج خاصة، والصعيد بوجه عام، من الشهامة والرجولة في التبرع بالدم، من خلال سيدات وشباب ورجال الصعيد الأفاضل.

ظهر أبناء مصر المخلصون- رغم بشاعة الكارثة وسقوط قتلى وجرحى في مشهد كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى- أقوياء صامدين يقدمون الغالي والنفيس بدمائهم في إنسانية تُدرَّس وإشارة إلى أسمى معاني حقوق الإنسان في التكافل الشعبي والعطاء بلا حدود.

وأتحدى أن أرى هذا المشهد الراقي في أي دولة من دول العالم التي تتشدق بحقوق الإنسان والحيوان، وهى أبعد ما تكون عن ذلك، وكانت الرسالة واضحة من صعيد مصر وأبناء سوهاج الكرام بعيدًا عن الشعارات والمنظمات المشبوهة ودكاكين حقوق الإنسان.. هذا هو شعب مصر الذى يتوحد عند الخطر وفي الأزمات والمواقف الإنسانية.. تحية إجلال وتقدير لأبناء الصعيد الذين يؤكدون دومًا على الثوابت الوطنية في أوقات المحن.

حادثة قطاري الصعيد كشفت معدن هذا الشعب، رغم المحاولات من أعداء الوطن وإعلام الخارج في نشر الأكاذيب المضللة والمعلومات المغلوطة، وكأن مصر مستهدفة بفعل فاعل، وكأنهم يريدون أن يروها وهي تسقط.

لذلك لا بد من أن نخرج بنقاط وأهداف من خلال أرض الواقع والاعتراف بأن كوارث السكك الحديدية ما زالت خارج السيطرة، وأن هذا المشهد، مع الأسف الشديد، يمكن أن يتكرر ويدفع ثمنه وزراء وطنيون مثلما حدث مع إبراهيم الدميرى وهشام عرفات.

ولهذا أقترح أن تتم الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة واستخدام كاميرات المراقبة داخل القطارات، وأن يكون هناك «صندوق أسود» لتسجيل الأحداث بدقة، حتى يتسنى للأجهزة المعنية تفريغها ومعرفة الحقائق كاملة دون تغيير أو تضليل، حيث إن حياة المواطن متوقفة على السائق أو العامل في محطات السكك الحديدية في هذه الجريمة الكبرى التي دفع ثمنها الأبرياء من المواطنين الذين لا ذنب لهم.

من واجبي أن أقول: يجب أن نعمل على تفادي تكرار مثل تلك الفاجعة في المستقبل القريب أو البعيد.

وفي وسط هذا الظلام الدامس نجد ومضة لا بد أن نشير إليها وهي تعليمات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وتكليفاته السريعة بانتقال الحكومة إلى موقع الحادث.

دعني أشِد بما قالته الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، وهو صرف معاش شهري مدى الحياة، وهذا يحدث لأول مرة، لكل من تعرض للعجز الكلى، بالإضافة إلى ما قامت به الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، بمتابعة الحالات ونقل الحرجة منها على الفور إلى مستشفيات القاهرة لتلقي العلاج اللازم والمتابعة الدورية، إضافة إلى الفرق الطبية وسيارات الإسعاف المجهزة التي تحركت بسرعة مذهلة والتنسيق الكامل مع كل المستشفيات لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

هذا الحدث قد فجَّر أشياء كثيرة، وهي أن التطوير في الجانب البشري هو أساس نجاح أي منظومة كانت، وحتى يتم التخلص من هذه الكوارث التي يمكن أن يفقد فيها الإنسان حياته في لحظة بسبب التقصير، وهو ما يكشف عنه النائب العام وتحقيقات النيابة العامة، وتوضيح ما إذا كانت هناك أيادٍ خفية تعبث بأمن الوطن والمواطنين.

وأخيرًا أقولها بكل صراحة: شكرًا سيادة الرئيس، بعدما قام بتأجيل السفر إلى قمة بغداد؛ فكانت الرسالة قوية وواضحة إلى الجميع بأن حياة المصريين هي أغلى شيء لدى القيادة المصرية وهذه أفعال وليست أقوالًا.

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

إعلان