لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شيء تبشّر به الجزائر!

سليمان جودة

شيء تبشّر به الجزائر!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 14 نوفمبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ليس أهم من الزيارة التي قام بها الشيخ عبد الله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، إلى العاصمة السورية دمشق قبل أيام، إلا التصريحات اللافتة التي أدلى بها رمطان لعمامرة، وزير خارجية الجزائر، بعد زيارة الشيخ بن زايد بساعات!

فالزيارة الإمارتية هي الأولى من نوعها إلى سوريا على مدى عشر سنوات، لأنه لم يحدث أن هبط مسؤول امارتي فوق الأراضي السورية منذ اشتعال أحداث ما يسمى بالربيع العربي في درعا السورية مارس ٢٠١١ ! .. ولذلك فهي زيارة تؤشر لسياسة إماراتية مختلفة تجاه سوريا، بما يمهد لعودتها جزءاً طبيعياً في الجسد العربي كما كانت قبل تلك الأحداث!

وما كادت الأخبار المنشورة عن زيارة الشيخ عبد الله تتراجع في وسائل الإعلام، وما كادت التحليلات حول زيارته ولقائه مع الرئيس بشار الأسد تهدأ وينحسر صداها، حتى كانت تصريحات الوزير لعمامرة قد أعادت الموضوع من جديد إلى الواجهة!

لقد قال الوزير الجزائري إن سوريا قد آن لها أن تعود لتشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، وأن ذلك لا بد أن يتم دون أن يتدخل أحد في سياسة الدولة السورية ولا فيمن يحكمها!

وأهمية هذا الكلام ليست في أنه صادر عن وزير خارجية عتيد مثل لعمامرة، ولا حتى في أنه خارج عن وزير خارجية في دولة كبيرة مثل الجزائر، ولكن أهميته راجعة إلى أن الجزائر تتولى رئاسة القمة العربية في دورتها الحالية، كما أن القمة المقبلة سوف تنعقد على الأراضي الجزائرية!

ولذلك كان لافتاً أن الوزير رمطان قال إن بلاده ستعمل في القمة التي ستنعقد في مارس، على أن يتوافق العرب فيها حول قضاياهم الأساسية وأن يكونوا أكثر واقعية !.. وهذه الجملة الأخيرة تقول بشكل غير مباشر إن بقاء السوريين خارج الجامعة أمر ليس واقعياً، وأن الواقعية بالتالي تقتضي أن تكون سوريا داخل الجامعة لا خارجها، وأن تستأنف ملء مقعدها الذي ملأته من قبل!

والزيارة الإماراتية إذا لم تكن قد جاءت في وقتها، فلقد جاءت وفق المبدأ الذي يقول إن مجيئك متأخراً خير من ألا تأتي! .. لقد طال غياب العرب وليس الإمارات وحدها عن الحضور في سوريا، ولم يعد من الممكن أن يطول أكثر من هذا، لأن دمشق عاصمة عربية لحماً دماً، ولأن غياب العرب قد أغرى آخرين بأن يحضروا في مكانهم تلقائياً .. فهذا ما تقول به وتقتضيه وتفرضه نظرية ملء الفراغ الشهيرة !

ولأنهم غابوا وأطالوا الغياب فقد حل في محلهم الروس بالأساس، ومعهم الإيرانيون والأتراك، بالإضافة طبعاً إلى الأمريكان والإسرائيليين، ولم يعد الحديث عن النفوذ السياسي أو حتى غير السياسي للآخرين في سوريا يخرج عن هذه القوى الخمس !.. وفي أكثر من مرة كان الرؤساء الروسي والإيراني والتركي يجتمعون على مائدة واحدة للبحث في الملف السوري، دون إشارة إلى أي وجود عربي على المائدة نفسها، مع أن عربية سوريا لا خلاف عليها، ومع أن عدم عربية هؤلاء الثلاثة لا خلاف عليها بالدرجة ذاتها!

وقد بلغ الأمر إلى حد أننا سمعنا رئيس وزراء إسرائيل يتكلم عن أن روسيا صارت جارة لبلاده، بما يشير الى حجم التواجد الروسي في سوريا!.. ثم سمعنا في مرة ثانية من يتحدث عن الميناء الإيراني على الشواطئ السورية، بما يشير أيضاً إلى مساحة التواجد الإيراني هناك!

دمشق أحوج ما تكون إلى هذه الروح الإماراتية ومعها الروح الجزائرية، لأن سوريا عربية في الأول وفي الآخر، وليست روسية ولا إيرانية ولا بالطبع تركية! .. وما قاله الوزير لعمامرة يبشر بأن السوريين إذا لم يكونوا حاضرين في قمة الجزائر، فسوف تؤسس القمة لمثل هذا الحضور فيما بعدها .. وهذا ما سوف يظل محسوباً في ميزان صانع السياسة الجزائري!

إعلان