إعلان

التعليم الرقمي ليس تعليماً!

سليمان جودة

التعليم الرقمي ليس تعليماً!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 10 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

عاد الطلاب الى المدارس والجامعات مع بدء هذا الأسبوع، وأصبح على ٢٧ مليوناً و٣٠٠ ألف تلميذ وطالب أن ينتظموا في الفصول والقاعات!

ولم يدخر الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، جهداً في سبيل التأكيد على أن الدراسة حضورية بالكامل، وكذلك فعل الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، فيما يخص كل جامعة تتبعه! .. ولم يكن هذا هو الشيء الوحيد الذي حرص الوزيران على تأكيده، ولكن كان هناك شيء آخر أهم هو ضرورة استعداد كل مدرسة وكل جامعة، لتأمين انتظام الدراسة في ظل وضع لا تزال فيه أجواء كورونا تخيّم على العالم!

فالجامعات قالت إنها مستمرة في عمليات تطعيم أعضاء هيئة التدريس، والطلاب، والعاملين، تأميناً للجميع في مواجهة الوباء!

والدكتور شوقي شدّد على حتمية إجراء الإمتحانات داخل المدارس، وليس في المنازل هذا العام، وقال إنه لا بديل عن انتظام العملية التعليمية حضورياً، مع إتاحة مصادر التعلم الرقمية كعنصر مساعد!

وهذه الجملة الأخيرة في كلام وزير التربية والتعليم، هي في الحقيقة كل ما يعنيني في هذه السطور؛ لأن شائعات بلا نهاية كانت قد انتشرت مؤخراً عن أن الدراسة يمكن أن تكون رقمية كالسنة الماضية، وأن ظروف كورونا تقتضي ذلك وتفرضه!

ولا أحد يعرف مصدر هذا الشائعات التي كانت تشتد كلما اقترب العام الدراسي من بدايته، ولكن ما أعرفه أن الوزارتين لم تقصرا في نفيها أولاً بأول، وأن كل واحد منا يستطيع أن يخمن مصدر تلك الشائعات .. فوراءها دون شك أولئك الذين يهمهم أن تكون الدراسة رقمية لا حضورية، والذين يستفيدون في النهاية كلما كانت الدراسة في البيت، لا في المدرسة، ولا في الجامعة!

ومن حُسن حظ التلاميذ والطلاب في مدارسنا وجامعاتنا، أن لدى الوزارتين إدراكاً لحقيقة علمية اتضحت أمام العالم على مدى عامين تقريباً، كانت مختلف الدول خلالهما في قبضة الفيروس!

الحقيقة تقول إن التعليم الحقيقي هو التعليم الحضوري، سواء كان في الفصل في المدرسة، أو كان في قاعات المحاضرات في الجامعات.. وتقول أيضاً إن التعليم الإلكتروني أو الرقمي قد يساعد عند الضرورة، ولكنه ليس التعليم الذي يمكن الرهان عليه في تخريج طلاب مؤهلين بالفعل ولن يكون!

وأظن أن هذا بالضبط ما كان وزير التربية والتعليم يقصده، عندما أشار إلى أن مصادر التعلم الرقمية عنصر مساعد في الموضوع، وليست عنصراً أساسياً بطبيعة الحال!

وهذا المعنى الذي تحمله عبارة الرجل حول حدود التعلم الرقمي في العملية التعليمية الطبيعية، ليس معنىً خاصاً من عنده، ولا هو من اختراعه أو تأليفه، ولكنه معنى تجده في كل تقرير صدر عن منظمة التربية والعلوم والثقافة الشهيرة باليونسكو حول التعليم طوال زمن كورونا!

فاليونسكو تتحدث في تقاريرها المتتابعة عن أن التعليم الرقمي الذي لجأنا إليه مع بدء ظهور الفيروس، مسألة مؤقتة يجب ألا تستمر أو تدوم، وأن الطالب خسر كثيراً مع كورونا بعدم حضوره في المدرسة وفي الجامعة، وأن تعويض هذه الخسارة لن يكون إلا بانتظام التعليم من جديد، وأن الالتزام بالإجراءات الإحترازية سيجعل من الانتظام أمراً ممكناً لا مشكلات كبيرة فيه!

ولا بد أن تمسك الوزارتين بالتعليم الحضوري أمر يستحق التحية للوزيرين شوقي وعبد الغفار.. وكل ما هو مطلوب منهما أن يواصلا تمسكهما رغم الظروف غير الطبيعية التي ستتم فيها العملية التعليمية! .. ولا بد أيضاً أن كل أسرة لديها تلميذ في مدرسة أو طالب في جامعة، مدعوة إلى أن تساعد الوزارتين في استمرار التعليم الحضوري، لا لشيء، إلا لأنه هو التعليم الحقيقي بشهادة اليونسكو، ومعها اليونيسيف المهتمة بالأطفال!

التعليم الجاد هو الذي يجري في المدرسة أو في الجامعة، لا في البيت.. أما جودته فهي موضوع آخر بالطبع؛ لأن تعليماً بلا درجة محددة من الجودة ليس تعليماً!

إعلان