لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حالة مغربية بين حالات!

سليمان جودة

حالة مغربية بين حالات!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 31 يناير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


أجواء الزيارة التي قام بها إيلي كوهين، وزير الاستخبارات الإسرائيلية، إلى السودان- تبدو غير مريحة سياسياً، ليس لأن الطرفين اتفقا على تسريع خطوات التطبيع، وصولاً لعلاقات دبلوماسية كاملة في ربيع هذه السنة، ولكن لأن القضية الأم في المنطقة بدت غائبة عن الموضوع.

الزيارة جرت قبل أيام، والقضية الأم هي القضية الفلسطينية التي بدت غير حاضرة، مع أنها الأساس الذي بدونه لا يمكن لبناء السلام أن يعلو، ويستقر. وبالطبع، فإن اتجاه السودان لتطبيع علاقاته مع تل أبيب يبقى قضية سيادية وطنية تقررها الحكومة السودانية التي التقى كوهين رئيسها بالدكتور عبد الله حمدوك، والتقى أيضاً بالفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، ومعه ياسين إبراهيم، وزير الدفاع السوداني.

وإذا كانت الخرطوم عاصمة من بين عواصم أربعة عربية، جرى تطبيع العلاقات بينها وبين الدولة العبرية في الشهور الأخيرة من وجود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض، فلقد كان واضحاً أن عملية التطبيع كانت تمضي في طريقها بوتيرة أسرع من الوتيرة الطبيعية، ثم كان واضحاً أيضاً أن انحياز إدارة ترامب لإسرائيل كان لافتًا.

ولكن مع رحيل هذه الإدارة ومجيء إدارة بايدن في مكانها، تجدد الأمل في أن تدرك واشنطن مع الإدارة الجديدة أنها في حاجة لتكون وسيطاً نزيهاً بين الطرفين، لا أن تمارس الانحياز السافر على حساب القضية الأم، كما فعلت إدارة ترمب طول الوقت.

ولا شك العواصم العربية الأربعة التي انخرطت في عملية التطبيع، ومعها العواصم التي تفكر في الانضمام إلى الركب ذاته - في أشد الحاجة إلى أن تلتفت إلى أن التطبيع إذا كان حلاً لأمور تخص كل دولة منها على حدة، فلن يكون حلاً لشيء إذا تجاوز قضية فلسطين وقفز فوقها، لا لشيء إلا لأن القفز فوقها لن يحقق استقراراً في المنطقة في مجملها، وإذا لم يستقر الكل، فالجزء بالتالي لن يعرف الاستقرار الذي يريده الإقليم في مجمله، ويحتاجه بالتأكيد.

ولا حاجة للدول الأربعة، ولا للدول العربية الأخرى التي تفكر في ذات المسلك إلى إعادة اختراع العجلة في الموضوع، ولكنها في حاجة فقط لتنتبه إلى أن هناك مسألة اسمها حل الدولتين، وأنه حل يريد دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ولا يريد في الوقت نفسه إلقاء إسرائيل في البحر، ولا نفيها من الوجود، وإنما يتحدث عن دولتين متجاورتين إحداهما عربية والأخرى عبرية.

وليس أفضل من الحالة المغربية في الموضوع؛ فالرباط كانت آخر العواصم الأربعة تطبيعاً، ولكنها كانت واضحة للغاية، فقالت إن التطبيع سوف يبقى عند مستوى مكتب اتصال، وانتقاله من هذا المستوى إلى مستوى آخر متقدم سيظل مرتبطاً بالتقدم في القضية الأم ارتباط المقدمة بالنتيجة.

وعندما تحدثت تل أبيب عن رغبة من جانبها في أن يزورها العاهل المغربي محمد السادس كان رد الرباط أن زيارة كهذه إذا تمت فسوف يلتقي الملك بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، بمثل ما يلتقي بالمسئولين في إسرائيل.

وهذه حكمة مغربية ربما تكون مستوحاة من حقيقة ثابتة تقول إن الملك الراحل الحسن الثاني كان رئيساً للجنة القدس، وإن الملك محمد السادس جاء قبل نحو عشرين سنة ليشغل الموقع ذاته، وإن شاغله لا يستطيع أن يتحلل من التزامات ومسئوليات مفهومة.

إعلان