لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ليس سراً في تاريخ الجامعة!

سليمان جودة

ليس سراً في تاريخ الجامعة!

سليمان جودة
08:43 م الأحد 02 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ذكر الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، أن الجامعة تصدرت تصنيف ويبو ماتريكس الإسباني، الذي يصنف الجامعات حسب معايير محددة، إذا توافرت في أي جامعة حول العالم، كان من حقها أن تعلن أنها جامعة مصنفة عالمياً.
ومما جاء في الخبر المنشور على لسان الدكتور الخشت أن جامعته التي يتربع على قمتها تفوقت وفق هذا التصنيف على جامعات كبيرة في دول كثيرة، وأن من بين هذه الجامعات جامعتين فرنسيتين هما السوربون وتولوز، وجامعة دوسلدورف الألمانية، وجامعة كيو اليابانية، وجامعة أوكلاند الأمريكية، وجامعة أنقرة التركية، وغيرها.. وغيرها في أكثر من عاصمة!
وهناك بالطبع تصنيفات متعددة للجامعات في بلاد الدنيا، ولكن تصنيف شنغهاي ربما يكون أهمها، لأنه تصنيف تنتظره الجامعات كلها في موعده من كل عام!

ومن بين معايير الجودة والتفوق التي يعتمد عليها التصنيف الإسباني معيار نشر الأبحاث الجامعية في مجلات دولية معترف بها في مجالها.

والحقيقة أن مجيء اسم جامعة القاهرة التي نشأت عام ١٩٠٨ تحت اسم الجامعة المصرية، في قوائم تصنيف دولي من نوع تصنيف ويبو ماتريكس، إنما هو أمر مستحق لها، وهو أمر مستحق بحكم مقتضيات الماضي فيها، إن فاتها أن تلحق بمعايير الحاضر ومقاييسه!
وقد نشأت جامعة القاهرة جامعة أهلية لا تهدف إلى الربح، وكانت الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، صاحبة الدور الأكبر في خروجها إلى النور، عندما باعت أرضاً لها ومصوغات من بين مقتنياتها الشخصية، وتبرعت لإنشاء جامعة تحمل اسم قاهرة المعز فيما بعد!
وليس سراً أن طه حسين كان عميداً لكلية الآداب فيها ذات يوم، وعندما رفض طلباً لحكومة إسماعيل صدقي في ثلاثينيات القرن الماضي، فإن قراراً صدر بنقله من العمادة إلى وزارة التربية والتعليم، التي كان اسمها وزارة المعارف في ذلك الوقت!
وكان أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد هو مدير الجامعة، عندما صدر قرار نقل عميد الأدب العربي من الكلية إلى ديوان عام الوزارة، فاستقال الرجل احتجاجاً واعتراضاً على القرار، ولم يلبث طه حسين أن عاد إلى بيته في كلية الآداب من جديد!
وفي وقت آخر كان أحمد أمين عميداً للكلية نفسها، فلما حدث ما لم يكن راضياً عنه استقال غير نادم، وأطلق عبارته الشهيرة: "أنا أكبر من عميد وأصغر من أستاذ"!

وفي تاريخ هذه الجامعة العريقة بالقبة الشهيرة في حرمها بالجيزة، ثم بالساعة الأكثر شهرة التي تعيد تذكير كل من يسمع رنين دقاتها بساعة بج بن اللندنية - أقول إن في تاريخها الكثير من المواقف التي تقول إن وجود اسمها في تصنيف ويبو ماتريكس ليس أمراً مستغرباً، ولا حتى وجود الاسم في تصنيف شنغهاي نفسه، أو في أي تصنيف آخر يأخذ الجامعات بحاضرها وحده طبعاً، ولا يلتفت كثيراً إلى ماضيها، مهما بلغت عراقته ومهما كانت فتوحاته العلمية!

إن الأمم لا تتقدم بغير العلم، والعلم لا يؤخذ من غير الجامعات والمدارس التي يجرى تأهيلها مسبقاً لتكون منارات علم وبحث قبل أن تكون مبنى عريقاً، وقبل أن تشتهر بقبة معمارية ضخمة بين باقي الجامعات، أو تكتسب سمعة بين عامة الناس من رنين دقات ساعتها على مدار اليوم!

ومن المفارقات في عالمنا العربي أننا نردد في كل مناسبة أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- أمرنا بأن نطلب العلم حتى ولو كان في الصين، ثم لا تذهب غالبية العواصم العربية لأبعد من ترديد هذا الحديث عن الرسول الكريم في المناسبات!

والمؤكد أننا لو طلبنا العلم حسبما يأمرنا الحديث، فلن تبقى جامعة من جامعاتنا إلا وهي في الصدارة من كل تصنيف مهما كانت معاييره.

إعلان