لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

استدعاء الإنجيل في الأزمة الأمريكية!

محمد حسن الألفي

استدعاء الإنجيل في الأزمة الأمريكية!

محمد حسن الألفي
07:04 م الثلاثاء 02 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أعلى من وباء كورونا الآن في الاستحواذ على متابعة ما يجرى من مواجهة في الولايات المتحدة بين الإدارة وقطاع عريض من الشعب الأمريكي - ما يسمى حاليا بالأزمة في أمريكا. لليوم السابع على التوالي، تستمر المواجهة، وصار عنوانها الإعلامي الأزمة، لأن الاحتقان وأسبابه ودواعيه وتداعياته مستمرة جميعا.

الانقسام العميق أبرز مظاهر الأزمة. الاحتقان سببه ليس فقط قتل الأمريكي الأسود جورج فلويد، فكم من أمريكي أسود يقتل ويهان ويداس صدره وعنقه بالأحذية فضلا عن إطلاق النار مباشرة دون تحقق، ناهيك من الركل والضرب وضغط الصدوغ بالأسفلت!

بل من أسبابه أيضا الرفض المتواصل لأداء الرئيس الأمريكي في مواجهة الكارثة الوبائية، وتخبط إدارته، وتراجع مكانة البيت الأبيض لدى الشارع الأمريكي.

فقد ترامب الكثير طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، وباتت ولايته التالية مهددة. أعمال العنف والسلب والنهب وإطلاق الرصاص على أربعة من رجال الشرطة من جانب طرف ثالث، لاحظوا ظهور الطرف الثالث كالعادة، رشحت الأزمة للاستمرار.

ذهاب ترامب على قدميه خارجا من البيت إلى كنيسة الرؤساء عبر الشارع، مصحوبا بوزيري الدفاع والعدل والعشرات من رجال الخدمة السرية، بعد إبعاد المتظاهرين بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز، ووقوفه أمام لافتة الكنيسة حاملا الكتاب المقدس، اعتبرها المراقبون إشارة لاستدعاء اليمين الشعبوي والإنجيليين المناصرين له.

لم تكن الخطوات القصيرة التي قطعها ترامب بثبات للامتثال والتصوير أمام الكنيسة ورفع الكتاب المقدس مجرد غسل لصورته بأنه اختبأ الجمعة الماضي في قبو تحت البيت الأبيض خوفا من قدوم المتظاهرين واقتحام عرين الأسد. كان هددهم بأن السلاح والكلاب في انتظارهم إن تجاوزوا السور!
لغة ترامب الاستفزازية تفقده تعاطف وطاعة كثيرين من حكام الولايات الذين يعتبرون لسانه سبب المصائب. هو رماهم بالتخاذل والضعف وعدم القيام بواجباتهم لحماية أمن البلاد. استدعى الشرطة العسكرية وفرض حظر التجوال في ٢٤ ولاية أمريكية.


المفردات المستخدمة في المواجهة بين المتظاهرين والإدارة هي مما ابتلينا به فيما بعد الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١. اللصوص. الفوضويون، الأناركيون، اليسار المتطرف. المخربون.

بالنسبة لنا كانت 6 إبريل، الفوضويون الاشتراكيون، الإخوان الإرهابيون، الطرف المجهول أو ما اصطلح على تسميته بالطرف الثالث- هي المفردات.

لا يرتاب ترامب لحظة واحدة في أن الديمقراطيين وراء تأجيج الأزمة للإطاحة به وتمهيد الطريق نحو اختيار رئيس ديمقراطي. اعتبر جو بايدن منافسه محرضا لإطلاق سراح المخربين والإرهابيين. وصفه ساخرا بـ(جو النعسان). نعم الديمقراطيون حلفاء للإخوان، ولهم عملاء من النشطاء، ولهم قوة في منظمة ANTIFA التي وصمها ترامب بالإرهابية. تعتبر هذه المنظمة المناهضة لألوان الكبت والقهر والعنصري يسارية، ضد القمع الفاشستي، وتعتبر رأس اللجان المنظمة للحملة ضد البيت الأبيض الجمهوري.

سوف يشتعل الموقف ويتجاوز حسابات كل الأطراف حين يستجيب الشعبويون واليمين المتطرف لإشارات ترامب الدينية، وبخاصة رحلته القصيرة نحو كنيسة الرؤساء.

هي إشارة تحريك. ولغة استدعاء للشعبويين والعنصريين مصلحة جذرية في حصول ترامب على أربع سنوات أخرى، لأن الأربعة الأولى أهدرت في اتهامات متوالية له، لكنه نجح في تحقيق مكاسب اقتصادية بارزة، لم تلبث أن صارت طعاما لحريق كورونا.

يعيش العالم حاليا بلا رأس، لأن البيت الأبيض تحت القصف والسخط والرفض. تحالفت على الإدارة الأمريكية الجمهورية كوارث الطبيعة مع مؤامرات الديمقراطيين مع فوضى الشارع.

لا يمكن إغفال الجانب النفسي الناجم عن فترة السجن الطوعي بسبب الحظر والإغلاق تفاديا للإصابة والموت بكورونا. روح القطيع تقود الناس نحو التسيب والتحطيم.
وراء كل التداعيات السابقة تقرير له شقان: هل قتل جورج فلويد بالخنق تحت وطأة ركبة وحذاء الشرطي الأبيض؟

تقرير مستقل يؤكد أنه قتل خنقا نتيجة انضغاط قلبه وعنقه بالأسفلت تحت ركبة الشرطي؟
وتقرير ثانٍ يقطع بأنه قتل خنقا مباشرة بركبة الشرطي، رغم تضرع الضحية قبيل الوفاة بأنه لا يستطيع أن يتنفس.

ومهما يكن ما جرى وسيجرى، فإن مقتل جورج فلويد عمدا أو بالتداعي، ليس المبرر الوحيد لكل جوانب الأزمة.

سياسات ترامب، ولسانه، وتصرفاته، وتناقضاته، وفشله أمام كورونا - كلها ضده... ومع المتطاهرين السلميين! متى يهدأ الشارع الأمريكي؟
المشهد مفتوح...

إعلان