لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عدسة مكبرة...

نهاد صبيح

عدسة مكبرة...

نهاد صبيح
09:24 م الجمعة 19 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان اختراع العدسة المكبرة عام 1250 نقلة كبيرة في تاريخ الإنسانية، وإذا أردت الدليل على صحة هذه الحقيقة، تخيل أنك لا تستطيع رؤية نصف الأشياء التي حولك تقريبًا؛ لأنها صغيرة جدًا أو بعيدة جدًا، وهذا ليس كل شيء فبالعدسات تطورت الدنيا من حولنا وتحولت لصورة أجمل، وهذا ما جعلها تدخل في صناعات ومجالات عديدة بدايةً من الطبية والفلكية وانتهاءً بالتجميلية.

والعدسة المكبرة هي عدسة زجاجية أو بلاستيكية يمكن بواسطتها تكبير الأشياء كي تستطيع رؤيتها بصورة أكثر وضوحًا، كما أنه يمكنها أن تعطي أحسن صورة مكبرة على بعد معين من الشيء المراد تكبيره.

مفهوم رؤية الأشياء من خلال عدسة مكبرة أصبح موجودًا في الحياة بشكل واضح وكبير جدًا، وما في يوم ولا ساعة ولربما دقيقة حتى نجد تسلط الضوء على عمل معين أو شخص معين من خلال مواقع التواصل والتي يمكن وصفها بأنها عدسات تكبر الصغير.

لا ننكر أن هناك من المبدعين والفنانين وأصحاب المواهب من هم جديرون بتسليط الضوء عليهم، فمنهم من يقدم رسالة مفيدة أو فنًا راقيًا يمتع ويغذي الروح، أو حتى الذي يقدم نوعًا من الترفيه المطلوب للنفس، هؤلاء بالفعل من نسعد بمعرفتهم وتسليط الضوء عليهم، أما الفئة الأخرى التي لا أجد لها وصفًا ماذا يقدمون لأنفسهم أولاً وللبشرية ثانيًا؟!.

ماذا يفيد إعادة إنتاج كلمات معروفة بشفاه جديدة؟!، ماذا سأستفيد من رؤية شخص يتحرك في منزله أو يجري حوارًا عاديًا مع زوجته أو أسرته حتى وإن كان مشهورًا؟!، وعلى كل هذا تعد وجهة النظر البريئة للموضوع برمته، أما إذا أردنا الدخول بعمق أكثر، فتعالوا نتحدث على التوجيه النفسي والمعنوي بتسليط الضوء على حدث بعينه أو شخص بعينه؛ لنستيقظ على أنه أصبح (تريند Trend)، أي الأكثر مشاهدة بلغة مواقع التواصل، وغالبًا ما يكون هذا الشخص موجه بشكل أو بآخر ذاتيًا أي بدافع من نفسه وقناعاته أو خارجيًا أي بدافع من آخرين.

بوجهة نظري الشخصية، أستطيع أن أقول إن هناك دافعًا غربيًا يريد أن يفعل بالبشر ما فعل به تسونامي بالكرة الأرضية أو كما تقول العامية المصرية :(يجيب عاليها واطيها)ِ، ذلك الاتجاه الذي في ظاهره الرحمة بدعوة أن الحرية حق من حقوق الإنسان، وفي باطنه العذاب، بأن يصبح الجميع كل مثل بعضه، مثلاً دعوة بأن يكون حق ممارسة المثلية الجنسية من حقوق الإنسان دون النظر إن هذا -بعيدًا عن الحرمانية والأديان-، ينتهك أبسط حقوق الإنسانية التي بالتأكيد ستهلك وتفنى من هذا السلوك الشاذ كنتيجة طبيعية لعدم تعمير الأرض.

هم يريدوننا متشابهين في كل شيء، كلنا بلا دين، بلا اتجاه، بلا هدف، بلا عمل، مجرد قطيع من الماشية تعلف وتذبح، ويا ويله من يقول إن له عقيدة أو فكرًا أو اتجاهًا أو ولاء، يصبح إنسانًا رجعيًا عديم التحضر.

هم يريدوننا أن نصبح هلامًا يشكلونه بأيديهم الملوثة بالمدنية المهلكة، محاولين إفهامنا أن الإنكار أسلوب حياة، هذا الإنكار بداية من إنكار الفطرة السليمة النظيفة ووصولاً إلى إنكار صانع الحياة هو حق من الحقوق الأصيلة للإنسان، إنهم يحاولون بإنكارهم أن يقنعوا صغار العقول أن الإنكار لصانع الحياة هو الحياة... كيف بالله عليكم أن يكون ذلك حقيقيًا، وأكثر المنكرين ينتهي بهم الإنكار لإنهاء حياتهم بأيديهم.

إن أصحاب الدعوة بلا المجمعة (لا دين ولا ولاء ولا انتماء)، هم الصغار الذين بحق لا يستحقون أن نسلط عليهم عدسة مكبرة.

إعلان