لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لعل الذي يتلقى عن الحكومة ينتبه!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

لعل الذي يتلقى عن الحكومة ينتبه!

سليمان جودة
08:37 م الأحد 26 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بدا الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عملياً إلى أقصى حد، وهو يتحدث في مؤتمره الصحفي صباح الخميس!

كان عملياً لأنه تكلم في ثلاث نقاط ينشغل بها الناس هذه الأيام، ويريد كل مواطن أن يسمع عنها من رئيس الحكومة المسئول!

كانت النقطة الأولى أن ڤيروس كورونا قد يظل موجوداً لفترة معنا ومع غيرنا، شأنه شأن كل وباء سابق عليه، وأن ذلك يفرض علينا بمثل ما يفرض على سوانا، أن نتعامل معه وأن نتعايش مع وجوده بيننا، إلى أن يتوافق العالم على لقاح يعالج منه ويقضي عليه!

وهذا النهج في الحقيقة يمثل توجهاً عالمياً يحتل أرضاً جديدة كل يوم، ولأننا جزء حيوي في العالم من حولنا، فلا بد أن نأخذ به وأن نعتمده، وألا نتكاسل عن المضي في الطريق الذي نسلكه منذ أن بدأ الوباء يظهر وينتشر.

إنني أقصد الطريق الذي يضع إحدى عينيه على صحة المواطن، باعتبارها أولوية أولى لدى صاحب القرار، ثم يضع العين الثانية على عجلة الاقتصاد التي لا يمكن أن تتعطل، فضلاً عن أن تتوقف عن الدوران.. هذه معادلة ذات شقين لا بديل عن وضعهما في الاعتبار جنباً إلى جنب!

إن هذا، في تقديري، هو ما قصد الدكتور مدبولي أن يقوله في النقطة الأولى من نقاط حديثه الثلاث، التي وضعها الرجل في إطار لعل الذي يتلقى عنه ينتبه إلى الطريقة التي تفكر بها حكومته، في لحظة من لحظات المواجهة مع وباء لم يشأ أن يستثني دولة في أنحاء العالم!

كانت النقطة الثانية مرتبطة بالأولى بشكل مباشر، وهي أن الحكومة تخطط لأن تكون فترة ما بعد عيد الفطر المبارك فرصة لإعادة الحياة تدريجياً إلى شتى مواقع العمل والإنتاج.. فليس من الممكن أن نظل هكذا.. والعقل يقول إنه بشيء من الحذر، ومن التحوط، ومن المسئولية على مستوى المواطن، يمكن جداً أن تعود مواقع العمل إلى ما كانت عليه قبل ظهور الوباء!

إننا نعرف أن حيوانات وطيورًا كثيرة تتواءم سريعاً مع البيئة التي تجد نفسها فيها، ولا تهدأ حتى تتأقلم معها وتتكيف، والإنسان بالتأكيد قادر على أن يتأقلم ويتكيف ويتواءم بأكثر مما يفعل عالم الطير والحيوان، لا لشيء، إلا لأن الله (تعالى) أعطاه عقلاً لم يمنحه للطيور ولا للحيوانات.

ولو ألقيتَ نظرة على العالم بامتداده منذ وجد نفسه وجهاً لوجه مع الوباء، فسوف ترى كيف أن التفكير كان يتحرك عالمياً على مستويين: مستوى البحث عن لقاح بأسرع طريقة ممكنة، ومستوى يبحث فيما يمكن عمله للتواؤم مع هذا الضيف الثقيل، إذا ما طالت إقامته بيننا بأكثر من اللازم!

ومن بعد ذلك، ذهب الدكتور مدبولي إلى النقطة الثالثة، وكانت متصلة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انخرطنا فيه منذ فترة، وكيف أنه ساعد الدولة على المواجهة والتعامل مع وباء كورونا!

فربما نعرف بعد أن تزول هذه الغمة عنا وعن العالم أن البرنامج الإصلاحي الذي بدأ في نوفمبر ٢٠١٦ كان خطوة في وقتها تماماً، وإلا، فإن لنا أن نتخيل كيف سيكون الحال، لو أن الوباء قد فاجأنا في وقت لم نبدأ فيه برنامج الإصلاح، ولم نكن قد قطعنا فيه هذه الخطوات؟!

إن رئيس الحكومة عندما يقول إن البرنامج كان عوناً لنا في المواجهة الحالية مع كورونا، فهو يقول ذلك بناء على معلومات موجودة أمامه.. وهو يقول ذلك أيضاً على سبيل الطمأنة لمواطنيه، بأن البرنامج الذي سبب لهم بعض المصاعب في الحياة كان مستحقاً في وقته، وأن التأخير فيه لو حدث كان سيؤدي إلى عاقبتين اثنتين: أما الأولى فهي أن المواجهة مع الوباء لم تكن ستصل إلى هذه الدرجة من الكفاءة الحاصلة، والثانية أن البدء في برنامج إصلاحي بعد ظروف الوباء الحالية لم يكن ليكون متاحاً بسهولة في الغالب!

وفي كل الأحوال بدت النقاط الثلاث بعضها إلى جوار بعض، وكأنها تشكل معاً رؤية متماسكة سبقت الوباء دون أن تكون على علم بأنه قادم، وتعاملت معه حين جاء فجأة دون مقدمات، ومهدت الطريق لمرحلة ما بعده حين يأذن له الله (تعالى) بالرحيل!

هذا، في ظني، ما أراد الدكتور مدبولي أن يضعه في برواز أمام المواطنين، لعل ذلك يبعث بعضاً من التفاؤل في هذه الأجواء الصعبة.

إعلان