لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

احترس من الأسماك "المكَهربة"

محمد الخولي

احترس من الأسماك "المكَهربة"

محمد الخولي
09:00 م الإثنين 03 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عندما تتناول وجبة أسماك فاخرة ربما لا يشغل بالك كيف تم صيدها؟.. وهل هناك علاقة بين طريقة الصيد وجودة السمك وخطورة ذلك على صحتك؟.. هذه الأسئلة لا يهتم بها الكثيرون. ومع تفشي ظاهرة الصيد بالكهرباء في مصر أصبح من الحتمي معرفة إجابات هذه الأسئلة.

تعتمد فكرة الصيد بالصعق الكهربائي على إحداث صدمة كهربائية شديدة للأسماك، فتتحرك بصورة عشوائية، وتقع في الشباك أو تُصاب بسكتة حركية، وتطفو على سطح المياه فينتشلها الصياد، محققا صيدا ثمينا لا يصل إليه بأساليب الصيد التقليدية.

تختلف طرق الصيد بالكهرباء في مياه البحار عن الصيد في الأنهار والبحيرات الداخلية، فالأولى تَستخدم معدات مُتطورة وشِباكا موصلة بأقطاب كهربائية تتناسب مع طبيعة المياه العميقة وأنواع الأسماك المختلفة. والطريقة الثانية تستخدم أدوات بدائية محدودة، لكن النتيجة واحدة هو تعرض الأسماك للصعق الكهربائي.

الأسماك من الكائنات الحساسة للتغيرات البيئية، وتعرضها المستمر للكهرباء يؤثر في جهازها العصبي، وتصاب بتشنجات، ربما تموت أو يحدث لها خلل في النمو أو التكاثر.

في دراسة أجراها مركز علوم البيئة والمصايد وتربية الأحياء المائية البريطاني (Cefas) عن أضرار الصيد الكهربائي على البيئة المائية البحرية، ثبت أن 57% من الأحياء المائية تتعرض للقتل بسبب الصيد بالكهرباء.

بالربط بين نتيجة الدراسة السابقة وما أشاهده بعيني من تفشي ظاهرة الصيد الكهربي بحكم نشأتي وسكني على ترعة المحمودية المنبثقة من نهر النيل فرع رشيد، أصبح لديّ قناعة بأن هذا أحد أسباب اختفاء أنواع كثيرة من الأسماك، التي كانت تحصدها شباك الصيادين من ثعابين نيلية وبياض وكراكير وقنوم وأسماك القشر التي يتعدى وزنها الـ50 كيلو، بالإضافة لأنواع أخرى من فصيلة أسماك البلطي، وأعتقد أن الصيد بالكهرباء ليس السبب الوحيد بل هناك أسباب أخرى منها ارتفاع نسبة تلوث المياه.

على الصعيد العالمي، حظرت أغلب دول أوربا الصيد بالكهرباء في عام 1998، ولاقي هذا القرار معارضة من هولندا التي ترى أن هذه الطريقة أقل استخداما للوقود وأكثر إنتاجا للأسماك.

وبعد ضغط هولندي سمح الاتحاد الأوروبي في عام 2006 لـ5% من أسطول كل بلد عضو بالصيد التجريبي مع تقييد ذلك بمعدات وتوقيتات وأنواع سمك محددة، ومع تزايد شكوى وإضراب البحارة الفرنسيين من إفراط الهولانديين في استخدام هذه التقنية وتزايد الانتقادات وحملات جمعيات حماية البيئة الأوربية، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارا بالحظر التدريجي لصيد الكهرباء على أن يكون نهائيا في 21 يوليو من العام القادم.

دول أخرى أدركت خطورة ذلك، وقامت بالحظر، منها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ووصل الأمر في بعض الدول المتقدمة لإعلان سلاسل متاجر شهيرة في فرنسا وبريطانيا حظر بيع الأسماك التي تم صيدها بواسطة الكهرباء.

في مصر تُحرم دار الإفتاء المصرية الصيد بالكهرباء، ويحظر القانون ذلك، لكن يمارس المخالفون عملهم في أوقات متأخرة من الليل بعيدا عن أعين رقابة شرطة المسطحات المائية وجهاز حماية البيئة، وهو ما يستوجب شن حملات تفتيش على كل المجاري المائية، إلى جانب تغليظ العقوبة بالحبس المشدد، وليس اقتصار المسألة على مصادرة أدوات الصيد.

السؤال الأهم هنا: هل هناك أضرار صحية جراء تناول أسماك تعرضت للصعق بالكهرباء؟

للأسف لا توجد إجابة علمية صريحة عن مدى الضرر الصحي الواقع على الإنسان.

لكن ملخص ما طالعته من أبحاث علمية أجنبية يؤكد أنه عندما تتعرض السمكة للصدمات الكهربائية يحدث لها تشنجات شديدة بالعضلات ونزيف داخلي قد يظهر على الخياشيم، وتتهشم السلسلة الفقرية، ويتلف البيض، فيهدد عملية التكاثر.

هذه الآثار ستجعل مذاق السمك سيئًا وغير مألوف طبقا لرأي بعض المتخصصين.

ومع النجاح اللافت الذي أحزرته مصر مؤخرًا في مجال تنمية الثروة السمكية، بإنشاء مزارع لإنتاج أنواع مختلفة وكميات كبيرة- وهذا شيء يدعو للفخر- بالتزامن مع تنفيذ مشروعات كبيرة لتطهير البحيرات والترع، فإن الدولة بحاجة إلى تخصيص مساحة أكبر من الاهتمام بمزيد من البحث والدراسة لممارسات الصيد الكهربائي؛ لأنه إن لم تكن هناك أضرار صحية أكيدة، فهناك خطر بيئي واقع بلا شك.

إعلان