لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

علاء الغطريفي يكتب: أنا مش ريهام سعيد!

علاء الغطريفي

علاء الغطريفي يكتب: أنا مش ريهام سعيد!

علاء الغطريفي
05:01 م الجمعة 04 ديسمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


في نهر حياتنا، هناك بشر يملأون دنيانا ضجيجًا، بدون منطق أو جدارة، صناع أزمات، احترفوا الجدل وبات صناعتهم الرائجة، يعاقبهم الناس مرة بعد أخرى، ثم يعودون في غفلة بفوضوية اللحظة.

ثم يطردهم الجمهور من جنة الاهتمام، بوعي لحظة استفاقة، والنظر إلى الجهة الأخرى، للبحث عن الخير في نموذج حقيقي يحتفون به في عالم مجنون، عالم تغيب عنه العدالة كثيرًا، لكنه يجدها في وقت ما، ليكافئ المخلصين أصحاب الجدارة وينفي هؤلاء الصاخبين.

"ريهام سعيد" الصاخبة، لم تعرف طوال تاريخها صناعة سوى الجدل، الإثارة، فهي تعرف أن بعضًا من الجمهور لديه قيم علنية وأخرى مضمرة سرًا، وتلاعبت به وفق هذه الازدواجية بإصرار طوال سنوات، وكل مرة تتناسى وعيه ولحظات استفاقته الهادرة القاسية.

فقد يقبل رغم تكرار خروجها عن النسق الأخلاقي والمهني في برامجها، أن يمنحها رواجًا وانتشارًا تترجمه الموضوعات الأكثر قراءة على الصفحات الرئيسية للمواقع الإلكترونية أو التايم لاين على منصات التواصل الاجتماعي، وفي ذروة الاهتمام ينقلب بالعودة لإنسانيته التي قد تتوه وسط دروب حياته الصعبة.

"ريهام" وهي تصنع الجدل تعرف أنها تفعل ذلك من أجل ذلك، فتلك الحرفة التي أوصلت أجرها إلى خانات" الستة أصفار"، لا يمكنها التوقف عنها؛ لأنها صنيعة الجدل، فلولاه لما كانت ريهام سعيد، تغيب ريهام ثم تعود، تعود ريهام ثم تغيب، وتظن أن الجماهير غارقة في فجوتها الزمنية، وكأنها لم تغب يوما ما!

تلك الصيغة العابرة للمجالات، المجربة في المحروسة، صارت ظاهرة مستقرة في حياة المصريين، وأفلحت وتفلح، "ملك السيديهات"، أسطورة" شكرًا جمهوري على عدم دعمكم لي"، و"ممثلة البطانة" وغيرهم ممن سيطروا على اهتمامنا عبر سنوات، ويجدون طريقهم ممهدًا لشغل الناس بما يقدمون، الصخب ثم الصخب.
ما هو الخيط المشترك بينهم جميعا؟ الجدل زادهم، لا يعيشون بدونه، يكسبونه حضورًا واستقرارًا واستمرارًا، ويكرسه بعض المجتمع بالتشجيع، فصاروا قططًا سمانًا في فضاءات الشهرة والتأثير السلبي.

كما يفعل كبيرهم "ترامب" يملأ الدنيا ضجيجًا دائمًا ليكن في مركز اهتمام الجمهور، لا يهم أن يكون الأمر سلبيًا أو مشينًا، فهنا دائرة الاهتمام هي الهدف، وكلما كبرت تحقق المراد، وزاد التفاعل وجرت السيطرة على نقاشات المجال العام، بترديد الاسم والحديث المتكرر بشأنه، فقد كان مسليًا ويأتي بأشياء لا يتوقعها الجمهور ويثير العواطف، هذه المعادلة صنعتها وعمقتها وسائل التواصل الاجتماعي.
أن تكون أكثر صخبا جواز مرورك لمنصات الشهرة والشاشات، وعودة لضيوف برامج رمضان كل عام، نكتشف كيف تصنع الفضائيات الفقاعات؟ وكأنه تعميد لرسل الإثارة على الشاشات.

لو لم تفعل ريهام سعيد ما فعلته ستنظر إلى مرآتها وتصرخ "أنا مش ريهام سعيد" تجيد التمثيل في الإعلام، ولا تجيد التمثيل في التمثيل، لم تنجح في الدراما، فاصطنعتها في برنامجها، فداست في طريقها على بشر وعائلات وقيم وفضائل، وآذت الجميع حتى الحيوانات!
"ريهام".. أداء بصوت ثعلبي لازمها في مسيرتها، يبدو مجهدًا فيمنح التعاطف والقرب، تستهل به برامجها الملغمة، وبتمهيد راسبوتيني يخفي لهيب الفقرات، يغوص المشاهدون في بئر الاصطناع.

الزاد ملوث، والحقيقة مشوهة، فبعض الجمهور المُهيأ؛ ليكون حاضنة للرداءة، واجب عليه دائمًا التمييز بين حادث دراجة وانهيار حضارة على حد تعبير برنارد شو.
عندما يخطئ المرء يجب أن يعتذر، وعندما يكرر الخطأ فعليه أن يختفي، وإذا فكر أحدهم في عودته فعليه أن يستأذن، وإذا منحه الجمهور الأذن فعليه أن يكون شفافا ويعلن ميثاقًا غليظًا، دستورًا بينه وبين الجمهور، حتى لا ترتكب الخطايا الإعلامية مرة أخرى.
لهذا اهجروا الغث على الشاشات، وشجعوا الجيد، ولتجعلوا تسليتكم إنسانية لا تُؤذي أحدًا سواء كان إنسانًا أو حيوانًا!

إعلان