لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

باشاغا في القاهرة!

سليمان جودة

باشاغا في القاهرة!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 08 نوفمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تمنيت لو أن الزيارة التي قام بها إلى القاهرة فتحي باشاغا ، وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية ، قد حظيت باهتمام إعلامي أوسع ، لأنها أول زيارة يقوم بها وزير في هذه الحكومة ، منذ أن كان رئيسها فايز السراج يتردد على القاهرة في وقت من الأوقات!

كان ذلك بالطبع في الوقت الذي كان فيه السراج لا يزال بعيداً عن مد حبال علاقات حكومته مع الأتراك في أنقرة ، وقبل أن يعقد معهم اتفاقات أمنية وعسكرية ليست في الصالح الليبي بالتأكيد ، ولا هي طبعاً تصب في الصالح المصري بحكم الجوار المباشر الذي يربطنا مع ليبيا ، وبحكم تأثير ما يحدث فوق الأراضي الليبية على الوضع في مصر في العموم!

وقد كانت مصر أحرص الدول على تحقيق الاستقرار في أنحاء الوطن الليبي ، وكانت بعيدة تماماً عن أي أطماع في الثروات الليبية ، وكانت تريد وطناً ليبياً لكل أبناء البلد هناك ، دون أن تستأثر به أو بثرواته فئة دون سواها بين الليبيين!

ولو عاد أحد إلى بنود "إعلان القاهرة " الذي أطلقه الرئيس السيسي في يونيو الماضي، بحضور عقيلة صالح ، رئيس مجلس النواب الليبي ، والمشير خليفة حفتر ، قائد الجيش الوطني الليبي ، فسوف يرى كل هذه المعاني موجودة في الإعلان على أوضح ما يكون!

ولو أنصف السراج لكان قد التحق بعقيلة وحفتر في القاهرة ، ولكان قد أدرك أن الأتراك يريدون ثروات بلاده ولا يهمهم صالحها ولا استقرارها في شيء ، إلا طبعاً بالقدر الذي يخدم مصالحهم!

وعندما جاء باشاغا إلى القاهرة ، فلا بد أنه قد لمس ذلك بشكل مباشر ، ولا بد أنه قد رأى وسمع عن قرب كيف أن مصر لا ترغب في شيء في ليبيا ، قدر رغبتها في أن يعود هذا البلد العربي الشقيق مستقراً كما كان وأرضاً تتسع لكل الليبيين كما كان أيضا.

لقد سمع في أثناء زيارته أننا تريد خروج المرتزقة الذين جلبهم أردوغان إلى طرابلس العاصمة وضواحيها .. وهذا بند صريح في إعلان القاهرة.

وسمع أن الحكومة المصرية حريصة على الجيش الوطني الليبي ، ولا توافق على المس به تحت كل الظروف.

وسمع أن مصر تريد حماية العمالة المصرية في ليبيا ، وتدعوه إلى أن يعمل على ذلك كوزير داخلية ، وألا يتعرض المصريون العاملون لأي خطر ، لأنهم ذهبوا للعمل وفقط ، ولأنهم لا علاقة لهم بأمور السياسة في بلده ، ولأنهم كانوا دائماً بعيدين عن كل ما يمس ليبيا بأي ضرر.

سمع هو هذا كله ، وعاد إلى بلاده ليحكي ذلك بالضرورة للسراج ، لعله يدرك أن مصر لم تكن ضده في أي وقت ، إلا بالقدر الذي يتحالف فيه مع تيارات أو مع دول لا يهمها صالح المنطقة ، ولا صالح ليبيا في القلب من المنطقة في شيء !

زيارة باشاغا إلى عاصمة المعز تظل محسوبة في ميزان أجهزة الدولة المعنية ، لأنها زيارة يمكن أن تؤسس لمرحلة مختلفة من العلاقة مع ليبيا ، ولأنها يمكن أن تكون بداية لصفحة بين البلدين تتطلع الى المستقبل بأكثر مما تلتفت إلى الماضي.

إعلان