لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تأملات سلوكية ٣.. أخلاق قيادة السيارات

ريهام فؤاد الحداد

تأملات سلوكية ٣.. أخلاق قيادة السيارات

ريهام فؤاد الحداد
09:00 م الأربعاء 10 يوليو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الشارع المروري اليوم وما به من أحداث وحوادث، يعكس بشكل دقيق سلوكنا وطباعنا وطريقة تعاملنا مع ما يعترينا في الحياة . ليس كل من جلس خلف مقود السيارة كالآخر، فقد تجد السريع بحذر كما تجد الطائش، كذلك تشاهد الكسول والمتردد والخائف والمتأني والعاقل والخلوق والمنفلت، المهمل والمتقافز على الآخر (والمعتدي على حقه مروريا).. إلى آخره من سلوكيات مختلفة ومتباينة، فأخلاق الإنسان تظهر في طريقة قيادته لمركبته سواء كانت دراجة هوائية أو صغيرة أو فارهة!

كثيرا ما لفت انتباهي تصرف غريب، رأيته يتكرر كثيرا جدا، سواء من السيارات الأجرة أو الخاصة، وهو عندما يمر أحد المشاة قاطعا الشارع، حتى وإن كانت سرعة الشارع بطيئة تجد السائقين يهجمون على هذا العابر للطريق مزيدين سرعتهم، ترى ما السر؟! ما هذه السادية والقسوة! بالطبع إن عبور الطريق له أصول وقواعد وهي أن تعبر من مكان خطوط المشاة والتي يجب أن يكون قبلها إشارات تنظم المرور بين السيارات والمشاة، لكن في ظل عدم وجودها، ما العمل؟ أظن أن الضمير الإنساني يسمح لك خاصة في الطرق الداخلية أن تخفف من سرعتك وإن استطعت أن تتوقف دون إرباك الطريق فتوقف لتسمح لغيرك بالمرور بسلام. فهناك كبير السن والمريض والمرهق والمتعب ومن ليس بمقدوره ركوب سيارة. كن مكان الآخر واحترم حق غيرك في استخدام الطريق.

كذلك المارة وجب عليهم التعقل في استخدام الشارع وتوخي الحذر، فمرور الطريق لا يجب أن تحكمه العشوائية أبدا وإرباك السيارات وتعريض النفس والآخرين للخطر، فمن أخلاق المرور أيضا أن يعبر المشاة في ظل عدم وجود خطوط مشاة من أكثر الطرق أمنا وبطريقة جادة.

التجاوز المروري وتخطي غيرك والتضييق عليه وكأنك كلما أرهقت من حولك في السير، ازداد إحساسك بالنشوة والانتصار وكأنك بحرب الكواكب أو بلعبة السيارات المتصادمة! أكاد أجزم أن قيادة الأطفال في ألعاب الفيديو تكون أكثر تعقلا وحكمة مما نراه بشوارعنا.. لماذا العنف وعدم احترام الآخر وعدم احترام القانون، كم من الدقائق سوف توفر بتجاوزك الآخر؟! حتى تجاوزك لسيارة أخرى له طريقة وله أخلاق، لديك إشارات ولديك حس يفترض أن يقدر المسافات وتستطيع الاستئذان فإن سمح لك انطلق وإلا فتراجع، الأمور لا تؤخذ عنوة أو بالبلطجة. الأنانية وإبداء النفس على الآخرين تحكم التصرف بعدم اللياقة وعدم التهذيب.

السرعة أيضا يحكمها العقل والمنطق والأخلاق، تستطيع أن تسرع لكن بأصول وبقراءة الطريق، (قراءة الطريق) جملة قالها لي من علمني القيادة بعمر التاسعة عشر ومن يومها لا أنساها أبدا، أسرع في الأماكن والطرق التي تسمح بذلك ملتزما بسرعة الطريق القصوى فلا تتعداها. أحيانا تكون مقاييس الطريق تسمح بالإسراع والانطلاق، لكن الازدحام مثلا يحول دون ذلك، عندها إبطاؤك واجب واستخدام العقل إلزام، فحتى لو سمح الشارع بسرعة أكبر لكن كانت الكثافة المرورية عالية فمن المنطق تخفيفك للسرعة.

السرعة يمكنك تطبيقها إن كنت تقود بعقل ومنطق و(بانتباه وتركيز)، يحميانك من عقباتها وتبعاتها، فكم من متمكن بالقيادة عاقل، أسرع ولم يشكل أي خطورة وكم من هزلي القيادة عشوائي الانتقال من حارة لأخرى كان خطرا (وإن كان أقل سرعة)!

أيضا اصطفاف السيارات أو ما نسميه (الركنة) من أولى أخلاقياته وأولها هو عدم إغلاقك الطريق على السيارات الأخرى وعدم إهدارك للمسافات بأن تصف سيارتك في مكان يتسع لسيارتين غير عابئ بغيرك. احسب المسافة بدقة بينك وبين السيارة المجاورة. وإن أردت الخروج لا تتساهل وترطم السيارات التي بجانبك، فإن كنت لا تدري كيف تقود اطلب المساعدة.

لا ترتطم بسيارة غيرك مسببا له التلف والضرر وتركض هاربا، كن إنسانا مسؤولا ذا ضمير، أعلن مسؤوليتك وقف لتصلح ما أفسدت، فقد صادفنا جميعا هذه النماذج من البشر الهاربين الجبناء الفارين من مسؤولية ما أفسدوا. واعلم أن مظاهر تدينك تنفضح أمام حقيقة أفعالك التي لا تعرف الأخلاق.

هذا غير عبث المارة بالسيارات وإحداث التلف بها دون داع أو مبرر، وإن كان حظك سيئا نالك من بنايات مجاورة لك ألوانا وأصباغا وطلاءات تتلف سيارتك وأعصابك.

الاستهتار أثناء القيادة ليس فقط من سوء الخلق بل يعرض للمهالك، أجل اتصالاتك ومشاجراتك وانشغالاتك إلى أن تصل إلى بغيتك ليصل الآخرون أيضا بسلام وأمان.

استأذن واسمح ويسر ولا تفرغ غضبك وانزعاجك على الطريق ومرتاديه، للناس حقوق وللشارع حق وللمرور أصول وأخلاق. ولا أفضل من قانون رادع عادل ينفذ بإتقان وبرامج تعليمية توعوية لتعليم الناس آداب وأخلاق نسوها. وتوفير مواقف حكومية وخطوط مشاة مفعلة وجسور للعبور وحارات للدراجات والمشاة يلتزم بها الجميع. الطريق يكشف الكثير من الأخلاق والطباع، اترك أثرا طيبا على أبنائك تعلموا منك أخلاق المرور أو ربما أثرت في الآخرين فقلدوك، لا عليك من عدم التزام الآخرين كن أنت اللون الأبيض وسط بغض وسواد فوضى وجنون القيادة.

إعلان

إعلان

إعلان