لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لاعب الشطرنج

د.إيمان رجب

لاعب الشطرنج

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 27 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عادة ما تستخدم عبارة رقعة الشطرنج للتعبير عن كيف تخطط الولايات المتحدة للعالم، ولعل بعض الكتب الخاصة بالسياسة الأمريكية لعبت دورًا كبيرًا في ترسيخ هذه الفكرة، ومنها كتاب زيجنيو ريجنيسكي "رقعة الشطرنج الكبرى" وكتاب وليم غاي كار "أحجار على رقعة الشطرنج".

وبصفة عامة، لا يقتصر وجود لاعب الشطرنج على السياسة فقط، فهو موجود أيضا في الحياة الاجتماعية، ورغم أن لاعب الشطرنج في السياسة قد يكون الأفضل، لأنه الأقدر على تحقيق المكاسب السياسية، فإنه في الحياة الاجتماعية قد يكون غير ذلك.

هناك بعض الصفات المميزة لكيفية تعامل لاعب الشطرنج مع الحياة الاجتماعية، وهي صفات بالمناسبة بعضها موجود في كثير ممن نتعامل معهم بصفة يومية، وأرصد هنا بعض هذه الصفات.

تتمثل الصفة الأولى في أن لاعب الشطرنج يتعامل مع الحياة باعتبارها "رقعة شطرنج" أي خطوة فيها قد تحقق له مكسبا أو خسارة، وبالتالي هذا النوع من الشخصيات يكثر من حساب خطواته بصورة مسبقة، ويخطط بدقة كيف سيتعامل مع مواقف محددة يراها مهمة في حياته.

والصفة الثانية أنه يعلم عناصر القوة التي لديه، ويعلم تأثيرها على الطرف الآخر جيدًا بحكم العلاقة المسبقة أو بحكم الخبرة في التعامل مع البشر، وقدرته على تحديد عناصر القوة لديه مرتبطة بمعرفته عدد القلاع والفيلة والأحصنة والوزراء والجنود التي يعتمد عليها في لعب الشطرنج.

كما أن ما يميز هذه الشخصية هو حرصها على المبادرة بالهجوم حتى تضع الطرف الآخر في وضع دفاعي، وذلك لاعتقادها أن الهجوم أفضل وسيلة للفوز في اللعبة، ولكنها تغفل أن من هو في وضع الدفاع تكون لديه فرصة أفضل للتفكير العميق في الخطوة التالية وتداعياتها.

بالإضافة لذلك، يدرك لاعب الشطرنج أيضًا أن هناك حدودا لحركته وحركة الطرف الآخر، وتعرفها قواعد لعبة الشطرنج ذاتها، وبالتالي يعلم أن تخطيه تلك الحدود يفسد اللعبة، كما أنه يعلم أن قدرته على الهجوم محددة بسقف محسوب مسبقا يعرف شكل وأسلوب الهجوم.

وهناك ميزة أخرى للاعب الشطرنج البارع وهي قدرته على إطالة أمد اللعبة، فبإمكانه أن يفكر ويفكر ويفكر قبل أن يأخذ خطوة تنقل العلاقة لمستوى آخر، وشراء الوقت بالتفكير قد يمثل مكسبا بالنسبة له، ولكنه قد يكون خسارة أو مكسبا للطرف الآخر.

ورغم كل هذه المميزات، فهناك مشكلة يواجهها لاعب الشطرنج دومًا، وهي الرتابة وتكرار القرارات على نحو يخلق نمطية تجعل من السهل التنبؤ بسلوكه، وهنا يفقد هذا اللاعب قدرته على مفاجأة الطرف الآخر.

وإذا كان لاعب الشطرنج دومًا يسعى لمنع الطرف الآخر من التفوق عليه في اللعبة باستخدام نفس أسلوبه- وهي لعبة بالمناسبة لها قواعد محددة، وفي حال تفوقه فإنه يكون من المرونة لقبول هذا والبدء في مرحلة جديدة من اللعب- فإن الطرف الآخر قد يفاجئ لاعب الشطرنج بقدرته على تغيير طبيعة اللعبة من كونها لعبة شطرنج إلى لعبة كوتشينة.

إعلان

إعلان

إعلان