لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف يتفاعل العالم مع "الأخبار الزائفة" وكيف نتفاعل معها في مصر؟

محمد حلمي

كيف يتفاعل العالم مع "الأخبار الزائفة" وكيف نتفاعل معها في مصر؟

محمد حلمي
03:38 م الخميس 16 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إن تعريف مصطلح "الأخبار الزائفة" في حقيقته يعتبر مساحة صعبة في البحث، لاختلاف تعريفه تبعا للتوجه السياسي للجمهور العام، فما يراه اليمين الشعبوي في العالم "زائفا" أو "منحازا" يراه اليساريون "موضوعيا ومستقلا".

وكان النهج العلمي المتبع من مراكز أبحاث الإعلام في العالم، في محاولة لاستبيان تعريف "الأخبار الزائفة"، هو السؤال عما يثير الاهتمام بالنسبة للجمهور العام، ثم حصر الاهتمامات والاختلافات في كل بلد، ومن ثم فهم مقدار تعرض الأشخاص لأنواع مختلفة من المعلومات غير الموثوقة.

اللافت أن أكثر من نصف العينة العالمية (54٪)، عبروا عن قلقهم أو قلقهم الشديد، بشأن "ما هو حقيقي أو مزيف"، عند قراءة الأخبار عبر الإنترنت.

هذه النسب زادت بشدة في بلاد مثل الولايات المتحدة (64٪)، وفرنسا (62٪)، وإسبانيا (69٪)، والبرازيل (85٪)، لأن هذه الدول تأثرت فيها الحملات الانتخابية أو الاستفتاءات الأخيرة بالتضليل والمعلومات الخاطئة. على النقيض من ذلك، نجد أن النسبة تقل بشدة في دول مثل ألمانيا (37٪)، وهولندا (30٪)، حيث مرت فيها الانتخابات بهدوء، دون اتهامات بنشر معلومات مغلوطة أو مضللة. أيضا، فإن هذه الدول تميل إلى كونها أقل استقطابا سياسيا (الاتحاد المسيحي يحكم ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية)، وتلعب فيها وسائل التواصل الاجتماعي دورا أقل أهمية كمصدر للأخبار.

وبشكل عام، فإن معدل ثقة المتلقي في الأخبار أخذ في التناقص، خصوصًا في الدول الشمولية، أو ذات الاستقطاب السياسي الكبير، التي تنتشر فيها ليس فقط الأخبار الزائفة، وإنما أيضا الأخبار المضللة (Misinformed content)، التي هي فيها ظاهرها أخبار صحيحة، وفي باطنها تصب في مصلحة فريق على حساب الآخر.

هذه الأخبار المضللة أو الزائفة تأخذها الدول غير الديموقراطية في المجمل تكأة لفرض قوانين في ظاهرها تنظم، وفي باطنها أيضا، تقوض حرية الإعلام وتداول المعلومات.

"معدل ثقة المتلقي في الأخبار أخذ في التناقص، خصوصًا في الدول الشمولية أو ذات الاستقطاب السياسي الكبير "

وإذا كانت اتهامات التدخل الأجنبي في الانتخابات الأمريكية والفرنسية واستفتاء البريكست البريطاني، ترتب عليها ارتباك عالمي في الحيز الرقمي للأخبار وعدم الثقة في محتواها، فإن قرارات كبريات المنصات العالمية مثل "فيسبوك " بتقليل المحتوى الجاد والسياسي في مقابل زيادة المحتوى الترفيهي، ساهمت –أيضا- في تقليل استخدام التواصل الاجتماعي في الأخبار منذ العام الماضي بعد سنوات من النمو المطرد.

"التدخل السياسي لقوى خارجية أدى لارتباك عالمي في الحيز الرقمي للأخبار"

وبنظرة أكثر عمقا على "فيسبوك"، باعتباره أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخدما في العالم، وأكثرها أيضا استخداما في نشر الأخبار، سنجد انخفاضا كبيرا في استخدامه كمصدر للأخبار منذ عام 2015، بينما يظل استخدامه ثابتا في كل الأغراض الأخرى.

وفي المقابل، انعكس انحسار "فيسبوك" إخباريا على زيادة كبيرة في استخدام الوسائل الأساسية البديلة في الأخبار مثل "واتساب" و"انستغرام".

مؤسسة تومسون رويترز المرموقة ربطت بشدة في تقريرها السنوي بين استخدام شبكات مشفرة مثل "واتساب" وبين القلق المعرب عنه بشأن السلامة الشخصية بعد نشر الرسائل السياسية. فعلى سبيل المثال، بلغت مستويات القلق (65٪) في تركيا، حيث أدى انقلاب 2016 الفاشل إلى قمع المعارضة وتكميم الإعلام. وزاد استخدام تطبيق "واتساب" في تركيا بنسبة (30٪) بعد محاولة انقلاب 2016، خوفا من قمع النظام الحاكم حال نشر الأخبار بشكل غير مشفر أكثر انفتاحا، عبر "فيسبوك" مثلا.

"قلق عالمي بشأن السلامة الشخصية بعد نشر الرسائل السياسية"

كما نجح تحديث انستغرام- Instgram story الذي بدأ العمل به في أغسطس 2016 في اجتذاب حوالي 300 مليون مستخدم نشط يوميا. هيئة الإذاعة البريطانية أعلنت أيضا نجاحها في اجتذاب 4.8 مليون متابع نشط يوميا العام الماضي بعد زيادة أنشطتها على "انستغرام" بنشر تحقيقات وقصص أطول.

ولكن لماذا ينحسر "فيسبوك" بهذا الشكل ويرتفع “واتساب" و"انستغرام"؟

يرجع الأمر لسببين اثنين هامين: أولهما، خاص بإحدى النظريات الشائعة عالميا الآن، وهي أن "فيسبوك" يأكل نفسه بنفسه.. تضخمت المنصة العملاقة بشدة لدرجة ضجر المستخدمين مما اعتبروه "الأجواء السامة"، التي أصبحت عليها، من خلال التعليقات السخيفة والتافهة، والنقاشات الجدلية التي لا طائل منها حسب تعبيرهم، بالإضافة للأخبار الزائفة وغير الموثقة، ما أدى لتراجع نسب مشاركة المستخدمين وتفاعلهم بالنسبة للأخبار (Declination in engagement and reach rates).

ثاني الأسباب، تقني ويرجع لقرار فيسبوك بتقليل ظهور الأخبار من خلال خوارزميتها (هيكلها) نفسه (Facebook algorithms)، حيث أن "فيسبوك" الآن تعطي الأولوية للتفاعلات مع العائلة والأصدقاء عن الأخبار. في محاولة من جانبها للحد من تأثير "الأخبار الزائفة "، وظهر ذلك أيضا في ارتباط معظم تحديثات "فيسبوك" بالأغراض الترفيهية وليست الإخبارية.

"فيسبوك" تأكل نفسها بنفسها"

جاء هذا في الوقت الذي توفر فيه التطبيقات البديلة مثل "واتساب" و"انستغرام" مزيدا من الراحة والخصوصية، وفرصا أقل لسوء فهمهم، وتأكدهم من أنهم يتحدثون إلى "أصدقاء حقيقيين".

"فيسبوك": متعدد الأوجه، مخيف، ال"أنا" محوره، العم غير اللطيف.

"واتساب": أفضل صديق، مرح، يجمع الناس سويًا، صريحًا، موثوقًا فيه.

هل تنطبق هذه القياسات العالمية على الحالة المصرية؟

الحقيقة لا!

فطبقا لآخر الإحصائيات عن السوق المصري، يظل "فيسبوك "هو المنصة الأولى لمستخدمي الإنترنت في مصر البالغ عددهم 37.9 مليون مستخدم، بنسبة 46٪، منهم 29 مليونا يعتبرونه مصدرهم الأساسي للمعلومات، بينما يأتي "واتساب" في المرتبة الثالثة بنسبة 39٪، متفوقا على "انستغرام" التي جاءت في المرتبة الرابعة بنسبة (28٪).

"فيسبوك المنصة والمصدر الأول لمستخدمي الإنترنت في مصر "

مارك زوكربيرغ مؤسس "فيسبوك”، تعهد بإصلاحه وإعادة إنشاء بيئة أكثر أمانًا وأقل سمية.

العام الحالي هو عام الحسم لـ"فيسبوك" في استعادة الثقة والتفاعل بعد ضربات شديدة وموجعة.

"فيسبوك" تعتقد أن إزالة بعض المحتوى الإخباري جزءًا لا يتجزأ من تلك العملية، لكن بحوث الجودة تشير في هذا السياق إلى ضرورة توخي الحذر، فالجمهور لايزال يقدر الأخبار على "فيسبوك" كجزء من مزيج أوسع نطاقًا، فقط يودون أن تكون الأخبار أكثر موثوقية وصلة. بحوث أخرى أشارت إلى التخوف من أن ينتهي الأمر بـ"فيسبوك" بتفريغ محتواه لاستعادة الثقة والتفاعل.

** محمد حلمي

صحفي وباحث دكتوراه في مجال الصحافة الرقمية

mohamedhelmymohsen@yahoo.co

إعلان

إعلان

إعلان