لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

معركة طرابلس ... توحيد ليبيا أم حرب أهلية ممتدة

محمد جمعة

معركة طرابلس ... توحيد ليبيا أم حرب أهلية ممتدة

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 10 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عقبات وتحديات كبرى أمام إتمام عملية "طوفان الكرامة" التي أطلقها الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس، في مواجهة تحالف الميليشيات الموالية للمجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج الذي أعلن عن إطلاق عملية مضادة "بركان الغضب" لصد هجمات الجيش الليبي. ويبدو أن ما كان مقدرًا لها أن تكون عملية خاطفة سريعة للاستيلاء على نقاط حصينة ومواقع مهمة داخل طرابلس، قد تدفع البلاد نحو الانزلاق إلى حرب ممتدة، لا ترغب فيها القوى الإقليمية والدولية ذات الشأن، بما فيها القوى التي تحارب الإرهاب والداعمة للجيش الوطني بقيادة حفتر.

فبعد أن أعلن الجيش عن هجومه على طرابلس في 4 أبريل الجاري، سرعان ما سيطر على "غريان" المدينة التي تبعد حوالي 80 كيلومترا جنوب العاصمة، ومطار طرابلس الدولي. ومع ذلك، سرعان ما تعثر تقدمه.

ويبدو أن حفتر كان يأمل في أن يسمح له هجوم مفاجئ بتوطيد سيطرة الجيش الوطني على مواقع رئيسية في طرابلس قبل أن تتمكن الميليشيات الموالية لحكومة فايز السراج من توحيد صفوفها والرد على هجومه. وربما، يأمل أيضا في أن تدعمه بعض التحالفات مع بعض القوى المحلية في السيطرة على طرابلس، على ضوء نجاح الجيش في اتباع هذا النمط في معاركه السابقة في الجنوب الليبي، بل وحتى في الشرق حيث معاقله الرئيسية .

لكن من الصعب أن تنجح هذه الاستراتيجية في طرابلس... فالميليشيات المتمركزة هناك وأيضا في مصراتة القريبة، والمؤيدة لحكومة السراج، أفضل كثيرا من حيث التدريب والتجهيز من كافة الميليشيات التي واجهها الجيش الوطني الليبي جنوبا وشرقا حتى الآن. أيضا، ولأن المعركة تقع بالقرب من مواقع تمركزاتها، فليس لديها خطوط إمداد طويلة تتطلب الحماية مثل الجيش الوطني الليبي، وبما يسمح لقواتها بالتحرك بسرعة حسب الضرورة.

وسيحتاج حفتر إلى العثور على حل لتجاوز عقبة تأمين خطوط الإمداد الطويلة، وتمدد قواته على مساحة شاسعة من الأراضي الليبية.

نعم كان بإمكان حفتر في هجماته (في وقت سابق من هذا العام) في الجنوب الليبي الاعتماد على القوة الجوية لاستهداف وتفريق الميليشيات الصغيرة التي تقاتل الجيش، متجاوزا بذلك الحاجة إلى حماية خطوط الإمداد الطويلة. لكن من غير المرجح أن تنجح هذه الاستراتيجية في بيئة حضرية مثل طرابلس، حيث يجب أن يعتمد حفتر على قواته البرية والحلفاء المحليين لقواته.

وهذا يترك خط الإمداد الطويل للجيش الوطني الليبي عرضة للهجوم. ومع انتشار قوات حفتر على مساحة شاسعة، ستُتاح الفرصة لميليشيات معادية له وجماعات إرهابية في الأراضي التي استولى عليها الجيش الوطني بالفعل، مثل بنغازي، كي تستعيد مواقعها هناك. ما يعني اندلاع معارك جديدة في أراضٍ سبق واستولى عليها الجيش، ومن شأن هذا أن يحد من قدرته على تعزيز عمليته في طرابلس.

بالتأكيد سيحاول حفتر شق صفوف تحالف الميليشيات الموالية لحكومة السراج، واستمالة بعضها إلى جانبه. وسيحاول استمالة أنصار التيار المدخلي السلفي الأقرب إلى السعودية تحديدًا خاصة أن هناك مجموعات من أنصار هذا التيار داخل الجيش الوطني الليبي بالفعل. أيضا، سيكون نجاح جهوده لاستمالة ما يسمى بقوات الردع، والكتيبة 604، من تحالف "البنيان المرصوص" مؤشرًا قويًا على نجاحه.

ولكن في المقابل، لا يبدو أن حلفاء حفتر على المستويين الإقليمي والدولي يقفون معه في المربع ذاته. فعلى الرغم من الدعم الكامل من قبل مصر والإمارات لحفتر منذ ظهوره على المشهد السياسي الليبي، ودعم فرنسا وروسيا له أيضًا بدرجة أقل. فإن مدى دعم هذه القوى الكبيرة للحملة على طرابلس غير واضح، إن كان هذا لا ينفى بالمقابل أنها – على الأرجح -لن تتخلى عن دعمها له. وقد ظهر هذا بالفعل في اعتراض روسيا على منطوق بيان مجلس الأمن بشأن المعركة، والذي يذكر مباشرة حفتر والجيش الوطني الليبي. ولكن مع تطور الصراع، ربما تفترق المواقف بين حفتر ومؤيديه بدرجة كبيرة. فمن جهة الإمارات يمكن القول إن موقفها منذ البداية كان الوقوف على مسافة واضحة من العملية. بينما تحذر مصر من معركة قد تتحول إلى حرب أهلية ليبية أخرى. إذ ستسمح الفوضى الناشئة عن صراع آخر واسع النطاق، لداعش كي تنتعش مرة أخرى، خاصة على ضوء استمرار الأزمات السياسية في الجزائر والسودان.

إعلان