إعلان

مبادرة الحفاظ على البيئة "اتحضر للأخضر"

د. غادة موسى

مبادرة الحفاظ على البيئة "اتحضر للأخضر"

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:01 م السبت 28 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تستدعي كلمة الأخضر البيئة في الأذهان. ويستدعي الحديث عن البيئة الحديث عن التنمية المستدامة؛ إذ لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمعزل عن المناخ والإطار اللذين تتمان فيهما (البيئة).

وتعد مبادرة الحفاظ على البيئة في شعارها "اتحضر للأخضر" بمثابة تنبيهٍ ودق جرس الإنذار للالتفاف حول محيطنا. أي محددات السلع والمنتجات التي ننتجها ونستخدمها ونتبادلها. وعناصر هذه المنتجات هي الهواء والماء والتراب والنار. أما مكوناتها، ففي المعدن والحيوان والنبات.

والإنسان عبر تطوره التاريخي تفاعل مع تلك العناصر سلبا وإيجابا. سلبا في صراعه ضدها من أجل البقاء، وإيجابا من خلال التعاون معها وتنميتها من أجل إشباع حاجاته، ثم الإفادة منها في الانتاج وتحقيق الأرباح.

مما سبق، يتضح أنه لا يمكن أن تستمر وتستديم حياة الإنسان بدون البيئة. ويصبح تدمير الإنسان للبيئة من حوله بمثابة إنهاء لحياته على كوكب الأرض.

وخلال السنوات العشر الأخيرة، أصبح الحديث عن استدامة البيئة حديثاً شبه يومي على المستوى الدولي تحديدا متجسداً في فعاليات وأطر تنظيمية وتشريعية، فضلا عن تكاثر جماعات الضغط والمصالح التي انتشرت في أنحاء العالم محذرة من مستقبل غير محمود العواقب، في ظل التهافت على التصنيع من أجل السيطرة على الأسواق وجني المزيد من الأرباح.

والاستعداد للبيئة- لأنها قادمة لا محالة- في صورة مبادرة "اتحضر للأخضر" بقدر ما يسعدني ويسعد كل مهموم بمصير البيئة "الإيكولوجية" تحديداً، بقدر ما يشكل ذعرا لفئات وأطراف أخرى!

وأذكر هنا تحديدا بعض أصحاب الصناعات التي تنتج منتجات وسلعاً تسير في اتجاه معاكس لما هو "أخضر". وهو أمر يحتاج إلى تأنٍ ودراسة متعمقين من جانب صانع القرار. كما يتطلب نقاشا من أصحاب المصالح وغرف الصناعة والاتحادات العمالية وجمعيات المستهلكين. وقد يكون الحديث عن كل ما هو أخضر مناسبة تحمل فرصا لأصحاب الصناعات للتفكير في مستقبل صناعاتهم التي تسير في الاتجاه المعاكس للأخضر، وأيضاً لتطوير تلك الصناعات والاستعانة بالمبتكرين لتغدو صناعاتهم متوافقة مع الاشتراطات البيئية الجديدة.

كما أنه لن يجديَ نفعا الاحتفاظ بصناعات "غير خضراء" بنقلها إلى مناطق غير مأهولة بالسكان من أجل الاستمرار في جني الأرباح والتصدير. فهذا المسلك لا يضر فقط بالمناطق النظيفة التي لم يطلها التلوث البيئي، وإنما أيضاً لا يتواكب مع التوجهات الدولية الجديدة التي تنادي بالحد من الصناعات الملوثة، ومن ثم قد لا تجد تلك المنتجات في المستقبل طريقاً إلى الأسواق الدولية بما في ذلك أسواق الدول الأقل نموا. فمن يعتقد أن هذا المسلك مستدام فقد جانبه الصواب.

ولنا أن نتصور تأثير تلك المبادرة الإيجابية على السياحة والصورة الذهنية التي ستتكون عن مصر في الداخل والخارج كمقصد سياحي آمن ونظيف.

إذن، لا يتعلق الأمر فقط بالإنتاج والتصدير، ولكن أيضاً بالسياحة. والأهم من هذين الأمرين صحة الإنسان المصري، وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة. فمن شأن تلك المبادرة- إذا ما أحسنت إدارتها- أن تساهم في رفع الوعي بانعكاس العناية بالبيئة على الصحة العامة وعلى الحد من الأمراض المزمنة والمستعصية كأمراض قصور التنفس والشعب الهوائية وغيرهما.

يجب ألا نستهين بالاستعداد "للأخضر"، فستعتمد حياتنا الاجتماعية والاقتصادية عليه في المستقبل، مثلما اعتمدت عليه في الماضي.

"اتحضر للأخضر" مبادرة إيجابية ومهمة جديرة بأن نكون جميعاً شركاء في إنجاحها وإنجازها بأسلوب مستدام، ودمجها وتضمينها في أسلوب حياتنا اليومية.

إعلان

إعلان

إعلان