- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
تثير قضية التعليم في مصر مشكلات على أكثر من صعيد، منها ما هو فكري وسياسي، ومنها ما هو اقتصادي ومالي، ومنها ما هو تعليمي وتكنولوجي، لقد أصبح التعليم في مصر حقل تجارب لكل وزير جديد...
وإذا جاز لنا أن نوجز التطورات التاريخية التي ميزت النظام التعليمي المصري الحديث منذ مطلع القرن التاسع عشر حتي مطلع القرن الحادي والعشرين، فإننا نستطيع أن نميز أربعة فترات تاريخية كبري تميزت كل منها بخصائص مختلفة تمامًا عما قبلها وأيضا عما بعدها وهى:-
الفترة الأولى: والتي تمتد من عهد "محمد على باشا" إلي ما قبل عام 1952، حيث اتسمت بجهود متقطعة للنمو والتحديث، تعثر بعضها بسبب عوامل التدخل الأجنبي والاستعماري، وتدهور بعضها بسبب غياب الرغبة والإرادة السياسية الجدية لإحداث تطوير حقيقي في بنية الحياة المصرية والنظام التعليمي في القلب منها وعبر عن ذلك غياب الحماية الدستورية للحق في التعليم في الوثائق الدستورية لتلك الفترة (دستور 1923 ودستور 1930 ودستور 1935) وكشف عنها بجلاء نتائج تعداد عام 1947 التي عرضناها قبل قليل.
الفترة الثانية: وهى الممتدة من عام 1952 حتى وقوع العدوان الإسرائيلي على مصر والبلاد العربية في الخامس من يونيو عام 1967، وتميزت هذه الفترة بإضفاء الحماية الدستورية الشاملة على حق التعليم وبقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دستور عام 1956، ودستور 1964 ودستور عام 1971 وإصدار قانون مجانية التعليم الجامعي عام 1962، وبهذا اكتملت مجانية التعليم العام في جميع مراحله بالمدارس والجامعات، وجري التوسع في نسب الاستيعاب والإلحاق، حيث زاد عدد المدارس من أقل من خمسة آلاف مدرسة عام 1952 إلي حوالي 18 ألف مدرسة عام 1970، وزاد بالمقابل عدد المدرسين من 40 ألف مدرس إلي 250 ألف مدرس خلال نفس الفترة وعلى الجانب الآخر زاد عدد الطلاب في جميع مراحل التعليم من أقل من 850 ألف طالب وطالبة إلي 5.5 مليون عام 1970 وإن ظلت نسبة التسرب drop – out والأمية مرتفعة بصورة ملحوظة سواء في الريف، أو المدينة وإن كانت نسبتها في الريف أعلى منها في المدينة وبين الإناث بأكثر كثيرا منها لدي الذكور.
الفترة الثالثة: وهى الفترة الممتدة من بعد الخامس من يونيو عام 1967 وحتي مطلع عقد التسعينيات من القرن العشرين، حيث تميزت بتواضع نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم، وتدهور البنية الأساسية التعليمية (مبانٍ جديدة– مناهج - أجور– الصيانة... إلخ)، وبروز وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وزيادة كثافة الفصول، وقد نشأ على ضفاف النظام التعليمي الرسمي formal، سواء كان حكوميًا أو خاصًا، نظام تعليمي موازٍ وغير رسمي informal هو أقرب في أساليبه وآلياته إلى مفهوم "السوق السوداء" black market، حيث يخضع لنظم وأساليب غير قانونية ووسائل غير مشروعة –وإن كانت مفهومة– وقنوات متشعبة ومعقدة لتبادل المنافع بين أطرافها جميعا.
الفترة الرابعة: وهى التي تكاد يتحدد تاريخها منذ حدوث زلزال أكتوبر عام 1992 حتي مطلع الألفية الجديدة، حيث اتسمت بزيادة كمية غير مسبوقة في الإنفاق الحكومي على التعليم، وازدياد حركة بناء وصيانة المنشآت المدرسية المتهالكة، كما تحسنت بعض المؤشرات التعليمية مثل نسب الإلحاق والاستيعاب بالمراحل الإلزامية، وانخفاض نسبة الأمية قيلا، بيد أن هذه المرحلة قد شهدت بدورها بروز وانتشار ظاهرة الاستثمار الخاص في مجال التعليم وإقامة منشآت تعليمية استثمارية الطابع، وربحية الهدف سواء في المرحلة قبل الجامعية أو في التصريح بإقامة جامعات خاصة وأجنبية بعد إصدار القانون رقم 101 لسنة 1992، ما عمق الازدواجية في النظام التعليمي المصري، خاصة بعد أن توسعت الكليات الجامعية الحكومية (حقوق– تجارة– اقتصاد.. إلخ) في إنشاء أقسام تدرس فيها المواد بلغات أجنبية مقابل مصروفات كبيرة.
وقد صاحب هذه التطورات، تطور موازٍ في مجال التشريعات التعليمية عكس الطابع المتسارع للتغيرات في حقل التعليم، فصدر القانون رقم 139 لسنة 1981 موحدًا لقوانين التعليم السابقة (أرقام 68 لسنة 1968 بشأن التعليم العام و 16 لسنة 1969 بشأن التعليم الخاص و75 لسنة 1970 بشأن التعليم الفني) الذي تعرض بدوره لأكثر من خمسة تعديلات لاحقة (في أقل من ربع القرن) هى القوانين رقم 233 لسنة 1988 ورقم 2 لسنة 1994 ورقم 160 لسنة 1997 ورقم 23 لسنة 1999 وأخيرًا القانون رقم 155 لسنة 2007 المعروف إعلاميًا باسم الكادر الخاص للمعلمين .
**************
والخلاصة
إذا حاولنا استخلاص النتائج من عرضنا السابق نجد الحقائق التالية:
1- لقد تعرض الإنفاق الحكومي على التعليم إلي موجات متعاقبة من الصعود والانخفاض بصورة ملحوظة منذ منتصف القرن العشرين وحتى يومنا، فمن 28.7 مليون جنيه في عام 52/1953 (بما كان يشكل حوالي 13.9% من إجمالي مصروفات الميزانية)، إلي 83.0 مليون جنيه عام 63/1964 (بما أصبح يشكل حوالي 9.2% من إجمالي مصروفات الميزانية) .
2- وبرغم أن الأرقام تشير إلى استمرار الزيادة في الاعتماد عامًا بعد آخر إلا أن نسبته إلي إجمالي مصروفات الموازنة العامة قد أخذت في التقلص، وزاد من الأثر السلبي، تداعيات العدوان الإسرائيلي على مصر وبقية البلدان العربية يوم الاثنين الموافق الخامس من يونيو عام 1967، حتي قاربت النسبة 8% من مصروفات الميزانية طوال الفترة الباقية من عقد الستينيات وحتي نهاية عقد الثمانينيات.
3- وعلى النقيض من ذلك، فإن زيادة إقبال كافة الفئات الاجتماعية على التعليم قد تزايد بصورة هائلة –برغم استمرار بعض ظواهر التسرب– بحيث أصبح الاستيعاب في سن الإلزام يتراوح بين 78% في أواخر السبعينيات وحتي 95% في أواخر الألفية الثانية ومطلع الألفية الثالثة، ما شكل ضغوطًا هائلة على الموارد الحكومية، وكشف عن اتساع شاسع بين رغبات المجتمع في تعليم أبنائه من ناحية، والموارد الحكومية غير القادرة على الحفاظ على مستوى كفء للتعليم في المؤسسات التعليمية الحكومية.
4- وجاء زلزال أكتوبر عام 1992 ليكشف عن وجود أزمة عميقة وحقيقية، عبر عنها ووصفها وزير التعليم الأسبق (د. حسين كامل بهاء الدين) بأنها "كارثة"، حينما تبين أن نصف المباني المدرسية (أي حوالي 12 ألف مدرسة في ذلك الوقت) لم تكن صالحة أصلا لإدارة عملية تعليمية إنسانية.
5- وهكذا، وفي ظل ظروف سياسية وأمنية حساسة– أبرزها سيطرة بعض جماعات الإرهاب الديني على جزء مهم من المؤسسة التعليمية – برز شعار "التعليم قضية أمن قومي"، فزاد الاهتمام الحكومي بتخصيص الاعتمادات المالية لبناء وإصلاح المدارس، وتطوير المناهج وزيادة مكافآت المدرسين، وقد شهدت هذه الفترة أعلى معدل لزيادة الاعتمادات المالية لصالح قطاع التعليم (الجامعي وقبل الجامعي)، من أقل من 3.0 مليار جنيه عام 91/1992، إلي نحو 26.0 مليار جنيه في العام المالي 2004/2005.
6- بيد أن ما تعرض له الاقتصاد المصري من موجه تضخمية قد قلص الأثر الإيجابي لهذه الزيادة في المخصصات المالية واعتمادات التعليم، وأضعفت بالتالي من قدرتها على إحداث نقلة نوعية في أدائه ونتائجه، بحيث انخفضت القيمة الحقيقية للزيادة النقدية السنوية من 12% في المتوسط سنويًا إلي ما دون 6.1% فقط.
7- ونفس الشيء تقريبا حدث بالنسبة لمتوسط نصيب الطالب بالمدارس الحكومية من تلك الاعتمادات، فمن ناحية زاد هذا المتوسط من 221.4 جنيه/طالب عام 91/1992، إلي 869.5 جنيه/طالب في العام الدراسي 2004/2005، مع وجود تباينات واختلافات ملحوظة في تلك المتوسطات من محافظة إلى أخرى.
8- أما متوسط نصيب الطالب الجامعي فقد زاد بدوره من 3606.2 جنيه/طالب عام 91/1992 (دون جامعة الأزهر)، إلى 4357.7 جنيه/طالب في العام 2004/2005، مع وجود تفاوت وتباين أيضا بين طلاب الجامعات الحكومية.
9- وبمقارنة هذا المتوسط في نصيب الطالب (الجامعي وما قبل الجامعي) من تلك الاعتمادات ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار، نكتشف أن انخفاضا حقيقيًا قد حدث في ذلك المتوسط خلال تلك الفترة.
10- ونفس الأمر حدث في متوسط الاستحقاقات الأجرية للعاملين في حقل التعليم (الجامعي وما قبل الجامعي).
11- ومع ذلك فقد تبين لنا من واقع الدراسة التي قمنا بها عام 2008 وحصلنا بسببها على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاقتصادية عام 2010، أن ما أنفقته الأسر المصرية عام 2004/2005 فقط على أبنائهم في قطاع التعليم قد تجاوز مبلغ 36.9 مليار إلي 54.2 مليار جنيه في عام 2004/2005، ودون أن نحسب تكاليف المصروف الشخصي للأبناء، وتكاليف الملابس، أي أن الانفاق العائلي يمثل حوالي ضعف ما خصصته الدولة في الموازنة العامة للدولة في ذلك العام، ونستطيع أن نؤكد، أنه وبرغم الزيادة الكبيرة لمخصصات التعليم في الموازنة العامة بعد إقرار دستور عام 2014، بحيث قاربت هذه المخصصات حوالي 106.0 مليارات جنيه عام 2017/2018، فقد تضاعفت بدورها نفقات الأسر المصرية على التعليم لتجاوز 200.0 مليار جنيه، بما أصبح يشكل عبئًا هائلاً على الأسر المصرية، لم تعد هذه الأسر في مصر قادرةً على تحمله، خصوصًا وأن بقية نفقات الحياة قد تضاعفت بعد نوفمبر عام 2016، وتغريق الجنيه المصري، والموجة التضخمية الكاسحة التي جرفت حياة ملايين الأسر الفقيرة وأبناء الطبقة الوسطي في البلاد.
والآن.. كيف نعالج الاختلالات الهيكلية في البنية المالية والاقتصادية والإدارية في النظام التعليمي المصري؟
هذا ما سوف نتعرض له تفصيلاً في المقالات اللاحقة.
إعلان