- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
أظن أن أكبر الجرائم التي ارتكبت في حق الثقافة والهوية والدولة المصرية، والتي نجني ثمارها اليوم تدهورًا فكريًّا واجتماعيَّا، وتراجعًا في المكانة والدور، وتهديدًا لأمن واستقرار الوطن؛ هي السماح باختراق جماعات الإسلام السياسي والتيارات الدينية السلفية للمجتمع المصري، وهو الاختراق المُنظم الذي بدأ منذ سبعينات القرن الماضي، بسوء تقدير وتدبير من نظام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وبعض رجاله في الحكم، الذين دعموا ظهور تلك الجماعات بهدف ضرب التيارات السياسية الناصرية واليسارية، رغم تحذير الأجهزة الأمنية من أن نتائج تلك السياسة لا يمكن التحكم فيها، وستكون لها أضرار كبيرة.
الغريب أنَّ تلك الجماعات أطلقت على هذا الاختراق في أدبياتها اسم "الصحوة الإسلامية"؛ فكأنَّ المسلمين في مصر كانوا نيامًا ومن أهل الكهف حتى جاء الإسلاميون وأحدثوا تلك الصحوة التي تجلت فقط في إفراط قطاع عريض من المصريين في الاهتمام بالبعد الشكلي الخارجي للدين، مع عدم الالتفات إلى جوهره الإنساني، وبعده الاجتماعي ورسالته وغايته الحضارية. وتجلت أيضًا في التوظيف السياسي للدين باللعب على العاطفة الدينية للمصريين.
والمفارقة المحزنة، أنَّ كل ما دعت إليه تيارات وحركات "الصحوة الإسلامية" كان يناقض مفهوم الصحوة أو اليقظة، ويؤدي إلى غفلة حضارية وتكريس للتخلف، بمحاولة إيقاف عجلة الزمان ودعوة المسلمين للهروب من عصرهم، والعودة للوراء ليعيشوا عصر السلف، ويعيدوا إنتاج فكر وسلوك السلف.
وقد تعرض الراحل الدكتور فؤاد زكريا في كتابه القيم "الصحوة الإسلامية في ميزان العقل"، الصادر عام 1989، لتلك المفارقة اللغوية والفكرية الكامنة في استخدام مصطلح "الصحوة الإسلامية" لوصف ظاهرة انتشار الجماعات الدينية في مصر والبلاد العربية، دون أن يصاحب ذلك ارتفاع في مستوى تفكير هذه الجماعات ونوعية اهتمامها، وطريقة فهمها للإسلام وتطبيقها له في سياق عالم معاصر سريع التغيير.
وتعجب الراحل الدكتور فؤاد زكريا من أن ترفع تلك الحركات الإسلامية المعاصرة لواء ومصطلح الصحوة، مع أن دعوتها وأفكارها في حقيقتها رجعية شديدة التخلف، وتقوم على إحياء أفكار وسلوكيات تعود إلى ما يزيد عن ألف سنة ماضية.
كما تعجب أيضًا من اهتمام تلك الحركات بالجوانب الشكلية والشعائرية للدين، والتوقف عند بعض الأوامر والنواهي التي لا تمس الحياة العامة في المجتمع، وقال: "إِنَّ الشعائر الدينية التي تقصد لذاتها، بوصفها أركان الدين، لابد أن تترجم إلى أفعال تنعكس إيجابيًا على حياة الناس، وإلا فقدت فعاليتها ولم تعد مقبولة حتى من وجهة نظر الدين نفسه والحس الجمعي للمجتمع؛ فكم من أحاديث نبوية تؤكد أهمية المعاملة بوصفها المظهر الأساسي للدين، وتندد بأولئك الذين يقومون ويقعدون دون أن ينفعوا الناس بشيء. وكم من أمثلة شعبية مصرية، حافلة بالسخرية من أولئك الذين يُؤدون فروض الدين، ويظهرون التدين، ولكنهم لا يُحسنون معاملة الناس، ويتسم سلوكهم بازدواجية مقيتة، حيث يقولون دائمًا ويأمرون الناس بما لا يفعلون".
وقد انتهى الدكتور فؤاد زكريا في هذا التحليل إلى أنَّ "الصحوة الإسلامية" التي يروجون لها، جاءت نتيجة الإحباط وخيبة الأمل في ظل فقدان العدالة الاجتماعية، وضياع الرشد الاقتصادي، وضلال التوجه السياسي، وانهيار القيم الأخلاقية والفكرية. كما أنها جاءت كمظهر من مظاهر السخط، بوصفها ثورة سلبية على الأوضاع القائمة المتردية، وعجز المسلمين المعاصرين عن مواجهة الواقع، والاهتداء إلى طريق جديد للإصلاح والنهضة والتقدم؛ ولهذا وجدوا أنَّ سبيلهم الوحيد للتخلص من هذا الإحساس بالعجز، هو الهروب من التحديات الفكرية والعلمية والحضارية، التي يفرضها العصر الذي يعيشون فيه، والارتماء في أحضان القديم المُجرب، وهو التدين الشكلي وتراث الأسلاف.
وهذا يعني أن الانتشار الكبير لتيارات الإسلام السياسي والجماعات الأصولية في المجتمع المصري، في آخر خمسة عقود هو إفراز مرضي لمجتمع مأزوم، وهو نُكُوص عقلي وفكري وغفلة حضارية، وليس صحوة إسلامية؛ لأن تلك الحركات قد حولت الدين من طاقة بناء إلى ملجأ عزاء، وفتحت الباب لبعض الشباب للكفر بعصرهم وأوطانهم ومجتمعاتهم، والتحول فيما بعد إلى عناصر مدمرة لاستقرار وأمن الوطن، نتيجة ضعف قيم الولاء والانتماء لديهم، ومعاداتهم للدولة المصرية مفهومًا وواقعًا ومؤسسات.
وفصل المقال، إِنَّ الدولة المصرية في ثوبها الجمهوري، والتي تأسست بشرعية ثورة يوليو بعد حركة التحرر الوطني في خمسينات القرن الماضي، قد توقفت منتصف سبعينات القرن الماضي عن استكمال مشروع حداثتها، عن طريق تطوير بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتحرر من قيود التقاليد والموروث القديم، وجعل التعليم والفكر والفن والثقافة حجر الزاوية في بناء شخصية المصريين، بهدف تنمية قدرتهم على مواجهة تحديات الحاضر وصنع المستقبل، فأضعفت بذلك الجهاز المناعي المعرفي والإنساني والحضاري للإنسان المصري، ويسرت الطريق لاختراق المجتمع بواسطة جياع العقول من المتأسلمين والأصوليين، الذين أصبحوا مع الوقت قوة ضغط اجتماعي وسياسي عليها، وخطرًا أمنيًّا؛ ولهذا فقد آن الأوان لمواجهة كل ذلك بأن تجعل الدولة المصرية من استكمال مشروع حداثتها المُعطل أولوية قصوى، في إطار مشروع تنمية شامل للارتقاء بالمواطن والمجتمع والدولة.
إعلان