لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قمة الحكومات في زمن الأزمات

قمة الحكومات في زمن الأزمات

أمينة خيري
09:00 م الإثنين 12 فبراير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

على بعد كيلومترات قليلة من حرائق الشرق الأوسط الجديدة الدائرة رحاها، وفي قلب منطقة حجزت لنفسها صفحات كثيرة في كتاب التاريخ المعنون "كيف لا تصنع أمجادًا؟"، عُرِضت نظرات مستقبلية ورؤى استشرافية تليق بالبشر.

في القمة العالمية للحكومات رؤى- جمع رؤية وليس رؤيا وشتان ما بينهما- المستقبل. لبضع سويعات تستنشق الأدمغة نسيمًا لا تعكر صفوه نظريات المؤامرة المستهدفة بلدانًا ومخططات الخيانة والعمالة المؤثرة على العباد. ولمدة ثلاثة أيام، تعود دقات القلوب لمعدلاتها الطبيعية بعيدًا عن عداد المفخخين والمفجرين، وأرقام القتلى واللاجئين والنازحين والمشردين، وكوكبة معاتيه الموكب المجتمعة في منطقتنا على مدار السنوات السبع الماضية.

فعاليات القمة العالمية للحكومات- بحضور ورعاية نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- تبدو كأن مشاركيها الأربعة آلاف محلقون في فضاء بعيد عنوانه المستقبل. مستقبل الحكومات، وأثر التغيرات المتواترة على مستقبل المجتمعات، وسبل تحسين حياة الأفراد، ومستقبل الحكومات الخلاقة، وبناء المدن الخلاقة، ومستقبل التنقل، ومستقبل الأوبئة، ودول المستقبل الافتراضية، ومستقبل التجارة والعولمة، ودور الخيال العلمي في رسم واقعنا ومستقبلنا، وحوكمة الذكاء الصناعي، وتحقيق السعادة عبر التكنولوجيا، وما الذي تقوله عنا مواقع التواصل الاجتماعي، وتحدي الجامعات العالمي لاستشراف سعادة الشعوب، وموارد غير محدودة لمستقبل لا يعرف الحدود، وما هو مستقبل العالم في ظل معرفة جماعية؟ وعناوين أخرى كثيرة لجلسات محلقة في فضاء مستقبل أقرب إلينا مما نتخيل.

يبدو مقدار الخيال في "القمة العالمية للحكومات" كبيرا، لكن الحقيقة أنه ليس كذلك. فبعض منه يتبلور- حلوه ومره- على أرض الحاضر. والبعض الآخر في طريقه إلى التشكل استعدادًا للخروج.

فرانسيس فوكوياما الفيلسوف وعالم العلوم السياسية ينقلنا مما آمن به من قبل في "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" حيث الديمقراطية الليبرالية وما تحمله من حرية وفردية ومساواة وسيادة شعبية وليبرالية اقتصادية تسطر نهاية التطور الأيديولوجي للإنسان إلى تحديات الحوكمة، والتغيرات التي طرأت على موازين القوى، وتفاقم الشعبوية، وخروج الحكومات غير المتصل بالإنترنت من منظومة الاقتصاد العالمي.

فلاسفة ووزراء ومديرو منظمات أممية وخبراء في الذرة والذكاء الصناعي والتحليل السياسي والاستشراف الاجتماعي- يطرحون رؤى عن مستقبل ينتظر الكوكب.

ما شكل النظام الدولي الذي نحن مقبلون عليه؟ كيف تصنع علامة تجارية لأمة؟ وزير لشؤون البلاد في عام 2071، معنى أن تتحكم خمس شركات (فيسبوك وألفابيت (الشركة الأم المالكة لجوجل) ومايكروسوفت وأبل وأمازون) تتحكم في بلايين البشر حول العالم، المناخ وتغيراته وسبل دحر الآثار المدمرة التي بدأت أماراتها في الظهور.

موضوعات وأسئلة واستشراقات تبدو للوهلة الأولى كأنها خيال علمي أو افتراض نظري أو رفاهية لا يملكها أمثالنا. لكنها في حقيقة الأمر رؤى وتوقعات مبنية على معلومات وتصورات لما يمكن أن يكون، سواء على سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو ضمان ما يمكن ضمانه من رفاهة وسعادة.

مؤشرات السعادة وتقاريرها ورؤاها، وتخصيص وزارات لها (كما فاجأتنا الإمارات في عام 2016)، الشبكة العنكبوتية التي باتت شرطًا من شروط التواجد الاقتصادي والاجتماعي على الكوكب، والحكومات الإلكترونية، ومشاركة الشعوب على المنصات الإلكترونية، وتوازن القوى الجديد الذي لا ترسم ملامحه أمريكا وحدها جميعها يؤدي في "القمة العالمية للحكومات" إلى تصورات للمستقبل مبنية على أساس مؤشرات الحاضر.

خلاصة القول أن المستقبل متخم بفرص هائلة في حال تيقن لها الناس، واستعدوا لها بالعلم والعمل، لكنه أيضًا يحمل الكثير من التحديات لأولئك النائمين المأنتخين الغارقين- أو المستسلمين لعمليات إغراقهم- في صراعات بعضها طائفي والبعض الآخر هزلي.

الكوكب يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، وهو في سيره يدهس المستسلمين والكسلانين والنائمين ويكافئ من استعدوا له.

إنها "القمة العالمية للحكومات" المنعقدة في دبي في عز زمن الأزمات.

إعلان