لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لمَ لا يرحلْن؟

لمَ لا يرحلْن؟

د. براءة جاسم
09:00 م السبت 08 ديسمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

امرأة من أصل ثلاث نساء يتعرضن للعنف المنزلي (نفسي، لفظي، جسدي... إلخ). وقد عرّف البعض العنف على أنه "استخدام للقوة لترهيب، و/أو إذلال، و/أو تخويف المعنف حتى يشعر بالعجز".

تعيش معظم النساء المعنَّفات بين شقي الرحى- بين فريق ملَّ شكواهن وبقاءهن في العلاقة (يتهمهن بالضعف)، وفريق آخر يزيد مخاوفهن من تبعات الرحيل، ويطالبهن بالصبر على المسيء إليهن؛ علَّه يتغير.

قالت الكاتبة بيفرلي جودن التي كانت تتعرض للعنف: إن الرحيل "ليس مجرد خطوة تؤخذ، بل هي عملية طويلة".
وهو ما تؤكده دراسات أخرى، فالمرأة المعنَّفة تترك المنزل بمتوسط سبع مرات، وتعود للمسيء إليها قبل أن تأخذ قرار الانفصال نهائيًا. ففي كل مرة تعود إليه يكون لديها أمل أن يتغير. كما أنها تبرر للمعتدي فعله كأن تقول مثلا "لا بد أن ما قلته استفزه"، "ضغوط الحياة"، و/أو "تصرفاتي هي التي جعلته يعنفني"... إلخ.

لمَ لا يرحلن؟ سؤال ذو شجون يحتاج لسلسلة مقالات للإجابة عنه، لكن سأذكر بعض الأسباب على سبيل المثال لا الحصر، أهمها:
إن المعنّف يعزل المرأة عن العالم الخارجي، من أهل وأصدقاء وحتى المجتمع، ليزيد من احتياجها له فيُحكم قبضته، وتسهل السيطرة عليها، حتى يصل التفكير بالمعنَّفة إلى أنها تستحق ما يحدث لها، وأنها هي المذنبة دائما، وقد يصل الشعور بها إلى أنها إنسان غير طبيعي، يفتقر الكثير من مقومات الإنسانية.
كما أن المعنِّف لديه قدرة فائقة على تحطيم ثقة المرأة بنفسها وزرع الخوف داخلها، ومن تقبل المجتمع لها، ثم يبدأ في تشكيكها في تصرفاتها، وبأنها من تدفعه لارتكاب العنف.
أضف إلى ذلك الخوف من المجتمع وردود فعل الأهل والأصدقاء، والخوف من تبعات الرحيل من ماديات، وأطفال، ومسؤوليات، وعدم القدرة على الاستمرار وحيدة لفقدانها الأمان وانعدام ثقتها بنفسها.

وضع المرأة في الغرب يختلف عن نظيره في الشرق، لذا فإن ما يمكن أن ننصح به السيدة الغربية لا يُطبق على السيدات في الشرق، لأسباب يصعب الدخول في تفاصيلها، ولكن على سبيل الذكر لا الحصر، عدم تواجد أماكن متخصصة تلجأ إليها المرأة، كما هو الحال في الغرب، كما أنه في المجتمع الشرقي إن تركت السيدة بيتها، ولجأت إلى أهلها بسبب العنف غالبًا ما يتم إعادتها لبيتها من قبلهم، ونصحها بعدم ترك بيت زوجها مهما حدث، حتى وإن كان هذا على حساب صحتها البدنية والنفسية.

لذا نجد أن هناك فجوة كبيرة بين الكلام النظري والعملي الذي يمكن أن يُطبق في مجتمعاتنا، فالموضوع مبني على كل حالة على حدة.

لذا، فما أستطيع أن أنصح به السيدة المعنَّفة هو أن تتوجه مباشرة إلى متخصص نفسي يساعدها على استعادة نفسها، والعمل على تقويتها والقدرة على تخطي ما تعرضت له من عنف، حيث يتم وضع خطة علاج لها من قبل الاختصاصي النفسي، تساعدها على الخروج من هذه العلاقة بما يتناسب مع حالتها.

إعلان