لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

استحداث إله: العبودية الجديدة "1- 3"

استحداث إله: العبودية الجديدة "1- 3"

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 06 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لأن الإنسان مخلوق فهو بالفطرة و"من جواه" باحث "عم" خلقه أو من خلقه. الفارق بين "عم" وعمن هو فارق التنوير والتأمل والرسالات السماوية. وحتى بعد معرفته أن الله واحد فإن الله ليس موجودا بالنسبة لمليارات من البشر، ختم الله على قلوبهم بالعمى والغشاوة. ولو أراد لهداهم. لكنها حكمته تعالى.

المخلوق المؤمن يحب عبوديته لله.. لكن الاستعباد فعل من أفعال البشر.

الله لا يستعبد. الله يحب عباده وعبيده. القابلية للاستعباد مخلوقة ومغروزة أيضا في النسيج الجيني للإنسان. يجده مجذوبًا كالفراشات لحريق السلطة. السلطة مال أو منصب أو نفوذ أو جمال آسر فاتن. لكل منها جميعها جمال وتأثير قهري.

المال جميل. المنصب جميل. النفوذ جميل. الجمال في الرجل والمرأة جميل. هذا ما يراه المتمتعون بها جميعا. يحسدهم المحرومون. يتآمرون لنقل مواضع الجمال إليهم، أو يعملون علي استمالتهم والعمل في خدمتهم لحد العبودية الطوعية .

قابلية الإنسان للاستعباد هي بوابة الإذلال. بعض الناس لا يرون بأسًا في ذل يفضي إلى سلطة يذلون بها غيرهم لاحقا ممن أذلوهم، وأهانوهم أو ممن حولهم، وكانوا أبرياء.

الحاكم، أي حاكم، هو في محنة السلطة لا منحتها ولا بركتها. السلطة فتنة مستمرة وهي غاوية ومغرية وجاذبة. الحاكم القوي الضمير يرى الخواتيم وقت الممارسة اليومية من قرارات وأوامر وانفعالات. لا يقوى على ذلك إلا أولو العزم من السياسيين. لا يوجد أولو عزم في السياسة. هم بشر متميزون بمواهب وملكات للقيادة وفيهم نوازع وأفكار ومعتقدات تحكم قبولهم للآخر.. رفضا أو إقبالًا!

شرُّ أنواع الاستعباد عبادة الكرسي.. وعبادة الذات وعبادة الفضاء الوهمي المدروز بشرا لا نراهم.. بل هم متناثرون على طول الخطوط التليفونية.. هم سكان الإنترنت، أكثر من مليار آدمي، بعدد مسلمي الأرض .

تلك هي أحدث ألوان الاستعباد الطوعي. أنت خاضع راكع لإله من صنع الحضارة البشرية وعازف ذاهب سارح شارد عن إلهك السماوي. أنت مسحور طول الوقت.. بينما صلواتك- إن صليتها- لا تزيد على الساعة في الأربع والعشرين ساعة إن استوفيتها حقها، عمقًا وتأملًا وخشوعًا.

خشوعك مطلق وأنت بين يدي شخص لا تراه ولا يراك. لا تعرفه، ولا يعرفك. يخاطبك وأنت له شبح وأنت تخاطبه وهو لك وهم وتهويم، بينما أنت مسحوب عن الحقيقيين من حولك.

يخاطبك أبوك أو أمك فترد بغمغمة أو همهمة أو في ضجر وأفٍ مشتعلة !

في الوقت ذاته ترسل بالزهور وكلمات الإعجاب مشفوعة بالقلوب الحمراء النابضة لمن لا تراه ولا يعرفك، أو حتى تراه ويعرفك، وبينكما مسافات ضوئية.

من عجائب العبودية التكنولوجية أنك مسحور مفتون بالذين هم في قارات ومدن غير قارتك ومدينتك، بينما حوارك المنقور علي الكيبورد خاطف ومقتضب مع أقاربك .

هذا اللون من الاسترقاق هو المقصود. الاستعباد كان قديما لإذلال الجسد وامتهانه وتطويعه لأعمال السخرة الجنسية أو السخرة البدنية لشق الطرق وتعبيدها وإقامة الجسور وحفر الأنفاق، وخدمة الأسياد.

الاسترقاق التكنولوجي الحالي طوعي وجاذب، وهدفه ليس ترقية العقل ومخاطبته، بل إلغاء العقل، وإعلاء الغريزة، وإلهاب القابلية للتشنج الانفعالي.

المقصود بالتعبير الأخير هو جعل العبد الإلكتروني عصبًا مكهربًا يحرق أو يحترق. ينسف أو ينتحر ناسفا من حوله.. وكله تحت عنوان إرضاء الرب..!

القضية متواصلة وممتدة. ..

إعلان