لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أيها الإرهابي.. أنت بطل من ورق!

أيها الإرهابي.. أنت بطل من ورق!

عادل نعمان
09:01 م الإثنين 05 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إياك أن تظن أنك بطل، تقدمت الصفوف، واخترقت الحواجز، وعبرت الحدود والوديان، وقابلت وقاتلت طفلا صغيرا في معركة القادسية حتى صرعته وأجهزت عليه، وأسلت دمه على الرمال، وتبادلت التهاني والقبلات والتبريكات مع أقرانك الصناديد، وخرجت بصورة المقتول تتباهى بقتله، وتزفها إلى العالم، الدمعة واقفة، تحجرت على مشارف عينيه حتى ماتت معه، وكان يكفينا هذه الدمعة، حتى نضعف ونبكى بجواره دون معرفة السبب، أتعرف أن الرحمة في القلوب أن يبكي الكبير لبكاء الصغير حتى لو كان يخدعه؟ هكذا يجب أن نكون، فكيف بقاتل ضحكة أطفالنا؟ فهل يا ترى بكيت يوما لبكاء طفلك، أو تألمت لألمه، أو روعت لبكائه؟ بأشد منه كان بكاء وألم وترويع قتلاك، وإياك أن تحسب نفسك في عداد الأقوياء، فالقوة والاستقواء على الضعيف جبن غير مباح، حرام بلغة كل الأديان، وسطو واعتداء وترويع بلغة كل القوانين، فمن هذا الظالم الذي يسمح لك باسم الدين أو القانون أن تستقوي على الضعيف الأعزل؟ وتخرج عليه بسلاحك، يفزعه نداؤك الله أكبر، وهو نداء للاطمئنان والسكينة.

وإياك أن تحسب أن قتل النساء خلف قناعك الأسود شرف ونزاهة، فيا لها من خسة ونذالة يستحيي منها الكلاب، وتباركها الذئاب، وتصبح المواجهة وجها لوجه وقوة بقوة شرفًا وسيادة ورفعة، فمن هذا الذي أجاز لك الخسة والنذالة، وأباح لك الدناءة والوضاعة، ورخّص لك بالعار والمعرة والصغار، وحلل لك ولغيرك هذا، وكافأك عليه، إن لم يكن في تاريخك الدامي المثال والأسوة والقدوة؟ ومن هذا الذي سمح لك أن تقتل باسم الله وهو المحيي والمميت؟ إن لم يكن في مذابح الأجداد العبرة والعظة والهداية؟ من هذا الذي صور لك أن الجنة طريقها جثث الأطفال ودماء النساء وأشلاء الرجال؟ خدعوك، وكذبوا عليك بروايات منسوخة وتاريخ مكذوب ومزور وملفق، فالعقوبة من جنس العمل، وهي عند الله كما عند البشر، والمكافأة على الخير، وليست على الشر، وهذه إرادة الله وحكمه، فكانت إرادة البشر وحكمها من إرادة الله.

ما هي رسالة دينك الحنيف التي تنشرها للعالم حتى يتركوا دينهم وينضموا إلى فصائل القتل والدم، إن لم يكن مجرما وقاتلا مثلك يطمع في أموال الغير، والسطو على الممتلكات والأنفس، خالي الشغل وخالي القلب والضمير، ما الفارق بينك وبين القاتل الأجير، وبينك وبين السارق السكير؟ أقول لك إنهما وغيرهما مهما علا قدرهما ومقامها في عالم الجريمة، وقل قدرهما ومقامها في عالم البشر، أشرف منك ومن أمثالك وأكثر، لأنهما لم يلبسا جريمتيهما لباس الدين، ولم يقتلا القاتل أو يسرقا السارق باسم الله، فقد كذبا علينا فقط، لكنك كذبت علينا وعلى الله، فالله لا يستحل دماء من خلقهم ورحمهم، ولا يبيح الأموال والأنفس إلا بحق الله، والحق ليس سطوًا او سرقةً او نهبًا أو غزوا، بل بالرضا عن تجارة أو تراض منكم.

هذا هو دين الله الذي نعرفه، وغيره من تراثكم وأقوالكم وقصصكم ورواياتكم لا نعرفه ولا نقره، ولا نقر إلا ما كان مقبولا في ضمائرنا، راسخا في قلوبنا، فالله رب القلوب.

أيها القاتل، هذه وجهتك، فلن تولى قبلة غيرها، ولن تنال البر يوما، ولن تفلح تجارتك وستبور وتخيب، ولن يكون لك نصيب من رحمة الله، ولن يهديك سبيل الرشاد حتى تنال الموت والقتل يوما على يد من كنت من نصيبه، وسينالها يوما من قتلته قربى إليه، وما ربك بظلام للعباد. أيها الشهيد، أنت الحاضر وهو الغائب، وأنت الأول وهو الأخير، وأنت شهيد دينك وهو خاسر دينه، وأنت شهيد مالك ونفسك وهو مغتصب المال والأنفس.

أنت الرابح وهو الخاسر. أنت الأقوى وهو الأضعف. أنت الشريف وهو الخسيس. أنت الجريء وهو الجبان. وأخيرا أنت في القلب وهو تحت الحذاء.

إعلان

إعلان

إعلان