4 كذبات فى تاريخ المخترعات

د. عبد الهادي محمد عبد الهادي

لم يخترع "جاليليو" التليسكوب، ولا "جراهام بل" اخترع التليفون، ولا اخترع ماركونى الردايو، ولا هنرى فورد اخترع أول سيارة، ولا الأخوان "رايت" اخترعا الطائرة، ولا ميكروسوفت اخترعت الكومبيوتر المكتبى. يحفل تاريخ المخترعات بمثل هذه المزاعم، وإليكم أمثلة من الماضي البعيد والقريب على هذه الحقائق المحجوبة فى تاريخ العلوم.

ينسب اختراع التلسكوب إلى الإيطالي جاليليو جاليلى، بينما ظهر أقدم التلسكوبات المعروفة عام 1608م على يد صانع العدسات الألماني الهولندى هانز ليبرشى. لاحظ "ليبرشى" أن ترتيبا معينا من عدستين يمكن أن يجعل الأشياء البعيدة أقرب بمرات مما هي عليه، وعلى أساس ظاهرة انكسار الضوء وقوانينها، نجح في تصميم أول تلسكوب فى عام 1608م. كان تلسكوب ليبرشى- كتلسكوب جاليليو- من النوع الكاسر، واعتمد في تصميمه على عدستين، إحداهما محدبة وتقع ناحية الهدف تسمى العدسة الشيئية، وأخرى مقعرة جهة الراصد وتعرف بالعدسة العينية، وفى العام التالي استخدم جاليليو نفس التصميم في بناء تلسكوبه المعدل.

(هانز ليبرشى)

وينسب اختراع أول سيارة للأمريكى "هنرى فورد"، بينما الحقيقة أن عددا من المهندسين الألمان مثل جوتليب دايملر، وفيلهلم مايباخ، وسيجفريد ماركوس، كانوا يعملون في نفس الوقت تقريبا من أجل الهدف ذاته، لكن المخترع الفعلي لأول سيارة هو الألماني "كارل بنز" الذي نجح في عام 1885م في مدينة مانهايم الألمانية فى تصميم أول سيارة تعمل بالجازولين، ثم حصل وشركته على براءة الاختراع فى يناير عام 1886م، وفى نفس العام بدأ البيع للجمهور ودخلت زوجته التاريخ باعتبارها أول من قام برحلة بالسيارة على الطريق، وصنع منها 25 نموذجا في السنوات الخمس الأولى. كان تصميم بنز شبه متكامل، وسبقت سيارته فورد بعشر سنوات حيث لم تظهر سيارة الأخير إلا فى عام 1896م.

(كارل بنز)

وينسب اختراع الطائرة للأخوين الأمريكيين" أورفيل وويلبر رايت" اللذين قاما بأول رحلة بالطائرة فى "كيتى هاوك" الأمريكية يوم 17 ديسمبر عام 1903م، بينما الحقيقة - وحسب شهود عيان رسميين- هى أن فلاحا ومخترعا نيوزيلنديا هو "ريتشارد بيرس" سبقهما بأكثر من عام، ونجح فى تصميم طائرة أحادية السطح وطار بها لمسافة 350 ياردة قبل أن تتحطم فى الأدغال، وكان ذلك فى يوم 31 مارس عام 1902م. وعلى الرغم من بدائية التصميم فى الحالتين، تبدو طائرة بيرس أقرب فى تصميمها للطائرات الحديثة أكثر من آلة الأخوين"رايت"!

(ريتشارد بيرس)

ويظن كثيرون أن شركة ميكروسوفت اخترعت الكومبيوتر المكتبى- الديسكتوب- وواجهة المستخدم البيانية والتحكم فى الجهاز من خلال فارة، مع برنامجها للنوافذ "ويندوز"، ودون الدخول فى تفاصيل فنية دقيقة وطويلة ومعقدة، فإن باحثي مركز بحوث "بالو ألتو" فى كاليفورنيا- المعروف باسم زيروكس بارك- هم المخترعون الحقيقيون. ففي عام 1973م ابتكرت "زيروكس بارك" أول كومبيوتر مكتبي، وكان اسمه "زيروكس ألتو"، على أساس أعمال وتصاميم نماذج قام بها عالم الكومبيوتر الأمريكي "دوجلاس إنجلبارت" الرائد في مجال التفاعل بين الحاسب والإنسان، وبيع النظام للجمهور في نفس العام.

وحاز النظام على إعجاب شركة "آبل" فاشترت براءة الاختراع وطورت نظامها الخاص الذي ظهر أول إصدار تجارى ناجح منه في 24 يناير 1984م، وعرف باسم "ماكينتوش". بينما لم تطلق ميكروسوفت "الويندوز" إلا فى نوفمبر 1985م، كما لا يعتبر "الويندوز" نظاما للتشغيل بل واجهة استخدام تعمل على أساس نظام تشغيل القرص "دوس" (MS- DOS)، لذلك لم تسمح ميكروسوفت بالنوافذ المتداخلة- باستثناء مربعات الحوار- لأن شركة أبل هى من تملك براءة الاختراع.

(دوجلاس إنجلبارت)

التاريخ يكتبه المنتصرون، حتى لو كان تاريخا للعلوم، ويبدو أن تحقيق الشهرة وكسب الأموال فى مجال الاختراعات يتطلبان ما هو أكثر من الذكاء والعمل الجاد، لذلك اشتهرت أسماء مثل "إديسون" و"ماركونى" و"جراهام بل" وحصلوا على براءات اختراع ربحوا من ورائها الملايين، بينما غابت أسماء مخترعين حقيقيين مثل "لويس لوبرنس" ونيقولا تسلا" و"أنطونيو ميوتشى" ولم يحصلوا حتى على ما يستحقونه من تقدير.