لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من أين أتى هؤلاء..؟!

من أين أتى هؤلاء..؟!

د. أحمد عبدالعال عمر
09:00 م الأحد 26 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عندما وصلت حكومة جبهة الإنقاذ الإسلامية للحكم في السودان عام 1989، برئاسة الفريق عمر البشير ورجاله، وبدأت في انتهاج سياسات غريبة عن ميراث ومكونات المجتمع السوداني، حملت الكثير من أسباب الخراب للسودان، وأدت إلى تمزيق وحدته، وتشويه ثقافته وروحه، كتب الأديب السوداني الراحل "الطيب صالح" مقالاً شهيرًا، حمل قدرًا كبيرًا من الاستغراب والمرارة والحسرة على ما انتهت إليه الأوضاع في بلاده، عنوانه: من أين أتى هؤلاء؟! قال فيه:

"مِن أين جاء هؤلاء النّاس؟

أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات؟

أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب؟

أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط؟

أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟

أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه؟

إذًا لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه، ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه؟"

وأظن أن تلك الأسئلة، ترددت في عقولنا على نحو أكثر إلحاحًا، بعد أن عشنا أحداث وتحولات ثورات الربيع العربي، التي ركبها الإسلاميون، وصاروا بعد ذلك ألعوبة في يد مخابرات أجنبية وإقليمية، وحصان طروادة لخراب وإسقاط الدول العربية، وتقسيمها وتمزيق وحدتها وتهديد وجودها، كما حدث في سوريا وليبيا والعراق واليمن، وكما يحاولون بكل ما يملكون من قوة وأدوات في مصر.

ولعل العمل الإجرامي النوعي الذي وقع يوم الجمعة الماضي في محافظة شمال سيناء، بالهجوم على مسجد الروضة ببئر العبد أثناء الصلاة، واستشهاد وإصابة أكثر من 400 مصري، صدمنا جميعًا وأثار مخاوفنا مما هو قادم، وحتم علينا أن نعود للبحث والتساؤل من جديد لنعرف: من أين أتى هؤلاء المجرمون؟ وهل هم مصريون أم مسلمون؟ وما الذي يريدونه لمصر والمصريين؟ وما هي أفضل سبل مواجهتهم؟ وما هو دورنا كمجتمع وأفراد في تلك المواجهة، وما هو دور الدولة؟ وكيف يمكن التنسيق بين دور المجتمع ودور الدولة؟ وكيف نشأت وانتشرت بين ظهورنا تلك الجماعات واخترقت بلدنا ومجتمعنا إلى هذا الحد؟ وكيف صار عدونا من أبنائنا على هذا النحو؟ وأين كانت الدولة وأجهزتها ومؤسساتها التعليمية والدينية والثقافية والإعلامية؟ ومن الذي خان أو تخاذل عن القيام بدوره، وترك الحبل على الغارب لاختراق مجتمعنا وعقول أبنائه؟

أسئلة كثيرة لابد أن نبحث لها عن أجوبة، لتكون جزءاً من خطتنا للمواجهة الفكرية والأمنية والمجتمعية لتلك الجماعات، والثأر لدماء الشهداء، ومنع نزيف دماء جديدة؛ فالمعركة مع هؤلاء الإرهابيين ومن يقفون خلفهم طويلة، ولا يزال بيننا وبينهم فيها جولات كثيرة.

وهذا العمل الممتد لابد وأن يكون بالتوازي مع معركة التنمية الشاملة، وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها واقتصادها والمحافظة على وحدتها وأمنها ووجودها، وإفشال مخططات الإرهابيين لإسقاطها.

وهذا لن يكون إلا بمحاربة الفساد في مؤسسات البلاد، والقضاء على البيئة المنتجة والحاضنة للإرهاب عبر العقود الأربعة الماضية. بالتصدي لجياع العقول من المتأسلمين عبر تجديد الخطاب الديني وإصلاح التعليم وتنوير الأذهان. بإعادة بناء الوعي والهوية والشخصية المصرية، وترسيخ قيم الولاء والانتماء في نفوس المواطنين. بتوحيد الجماعة الوطنية واستعادة روح 30 يونيو، بتوفير إرادة حقيقية للإصلاح والتغيير، وتجاوز إرث الخراب ووضعية الدولة الرخوة والفاشلة، التي تركها لنا نظام مبارك.

إعلان

إعلان

إعلان