لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رف السينما - باتمان ضد سوبرمان .. الفيلم المثقل بطموحات شركة الإنتاج

باتمان ضد سوبرمان

رف السينما - باتمان ضد سوبرمان .. الفيلم المثقل بطموحات شركة الإنتاج

07:11 م الأحد 03 أبريل 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – ممدوح صلاح:

بمرور أقل من إسبوعين على عرض الفيلم دولياً، نجح في هدفه الأول إنه يكون ظاهرة سينمائية ضخمة، وحديث دائم لكل المواقع ومنصات النقاش في السينما.
لكن للفيلم أهداف تانية.. في الحقيقة هو واحد من أكتر الأفلام المحملة بالأهداف والتطلعات في السنين اللى فاتت، وحجم المسئولية الملقاة عليه ونجاحه فيها هيبان بالتدريج وهياخد وقت أطول.

شركة (DC Comics) المنافسة لمارفل من سنين طويلة، وصاحبة الشخصيتين الأشهر في تاريخ الكوميكس (باتمان وسوبرمان)، حتى الآن مش قادرة تواجه (مارفل) سينمائياً وتصنع لنفسها عالم مليء بالشخصيات والأفلام المنفردة والمجمعة أشبه بما يطلق عليه بـ (Marvel Cinematic Universe). والفيلم ده هو نوع من حشد الطاقة والقدرات واستغلال المواجهة بين أفضل عناصر عندها عشان تقدر تجذب الجمهور لعالمها، بعد تأخر 3 سنين كاملين بين الجزء الأول (Man of steel) والجزء ده.

الفيلم ممكن يكون في طريقه لتحقيق المطلوب منه وزيادة من ناحية الإيرادات، ومافتكرش إن النقد هيأثر على تدفق المكاسب في شباك التذاكر ولا رغبة الجمهور في مشاهدة (الفيلم الحدث). لكن الآراء النقدية السلبية في مجملها - أو لنقل الإستقطابية - ممكن تبقى عائق في إن الفيلم يكون المنقذ المنتظر لأفلام (دي سي)، وإنه يتبني على نجاحه نجاح الأفلام القادمة زي (وندرومان) و(فلاش) والفيلم الأهم (Justice league).

أتخيل إن فيلم (وندرومان) – وهو الأقرب للنزول في السينمات – هيفشل في تحقيق مكاسب حقيقية بعد موجة التحفظ اللى أنتجها الفيلم المثير للجدل.. ولو أنا في موقع القائمين على الأستوديو لقمت بتأجيل المشروعات الفردية وبدأت حملة إعلانية ضخمة جديدة لـ (Justice league) على طول.

وأنا هنا استثنيت فيلم (Suicide Squad) اللى في طريقه للسينمات في أغسطس من مذبحة الإيرادات المتوقعة، لأنه نجح في تكوين شعبية خاصة بيه وتفاؤل عام من مستوى إعلاناته ومن قبل نزول (باتمان ضد سوبرمان)، بالذات لإنه فيه ممثلين ليهم شعبية زي (ويل سميث) وشخصيات محبوبة زي (الجوكر) و(باتمان)، اللى هما أفضل عناصر عالم دي سي حتى الآن.

قد يبدو إن الكلام عن طموحات ومخاوف شركة الإنتاج هو كلام بعيد عن محتوى الفيلم نفسه، لكن في تصوري إن التخوفات دي كانت المتحكم الرئيسي في معظم قرارات الفيلم بداية من القصة والأبطال وشكل الصورة وحتى كيفية تنفيذ الحملة الدعائية. ومن الممكن تقسيم أثر (الأستوديو) على الفيلم في ثلاث نقاط رئيسية:

على مستوى القصة والأحداث:

السيناريو هو المشكلة الأكبر في الفيلم، بيفسده الرغبة في تضخيم كل شيء، والحشو بأكبر قدر ممكن من الأشخاص والحبكات الرئيسية والفرعية .. بطريقة بتخلي الساعة ونص الأولى هي رص لمجموعة من الأحداث والمشاهد المتتالية اللى مابتجمعهاش علاقة (السبب/النتيجة) كما هو مفترض. مفيش حاجة بتحصل وبسببها بيحصل كذا أو بناء عليها بيحصل كذا، وده بيخلي نص الفيلم الأولاني بيجمع بين صفتين نادراً ما بيجوا مع بعض: كثرة الأحداث والملل.. وبيكتفي السيناريو بتحفيز جمهوره بمشاهد مبهرة ومقبضة مثل مشهد الدمار في البداية المتشابه مع مشاهد هجوم مركز التجارة العالمي.

في شخصيات كتير مابتلحقش تتطور على مدار الفيلم، زي (لويس لين) و(وندرومان) وحتى (سوبرمان) نفسه المظلوم جداً في البناء الدرامي، واللى بيظهر بشكل مسطح كرد فعل للي حواليه طول الوقت, قليل الكلام والتأثير. وفي شخصيات مالهاش دور في الأحداث نهائياً زي رئيس تحرير (ديلي بلانيت) مثلاً.. وبيتبقى الشخصيتين الأوفر حظاً من ناحية الدراما وهما (ليكس لوثر) و (بروس وين/باتمان).

كمان بيعيب الجزء الأول من الفيلم عدم وجود خطر حقيقي، سوبرمان شخصية إلهية على حق دائماً والمعركة بينه وبين وباتمان تخصهما فقط، ومكسب أحدهما وحتى مقتل الآخر مش هيعمل أي فرق للبشرية .. وباتمان يعجز طول الفيلم في الدفاع عن قضيته وإشعار المتفرج إن فيها شيء من الصحة، وإنه يثير أي شكوك بداخلنا ناحية سوبرمان وخطره على الأرض .. والمعركة كلها بتبدو من وجهة نظرنا سوء تفاهم كبير لكن ممكن يتحل فى أي لحظة! .. وده بالرغم من إن الأزمة نفسها ممكن تكون حقيقية، وإختلاف الفلسفات بين البطلين بيؤهل لخلاف حقيقي، لكن السيناريو غير مهتم بإستكشاف ودراسة الشخصيات وتصاعد الخلاف، بقدر ما هو مهتم بتوالي الأحداث.

بوصول السيناريو للمحطة المنتظرة، المعركة بين باتمان وسوبرمان، بيكون أثر التفكك الدرامي وصل لذروته، وبنشوف معركة إتأخرت كتير جداً والتمهيد ليها أخد معظم وقت الفيلم. وخلصت بسرعة وبشكل مقتضب أثار سخرية الجمهور لإفساح المجال لفصل ثالث متأخر بيظهر فيه خطر بيهدد الأرض.

وبيسيبك الفيلم وإنت بتتسائل، ايه كانت خطة (لكس لوثر)؟!! .. وما أقصدش الخطة المستقبلية، أقصد الخطة المنفذة في الفيلم .. ايه سر العداوة بين وبين باتمان؟ وليه سعى بكل جهده لتمهيد المعركة بين البطلين واللى يبدو باتمان الطرف الأضعف فيها، في حين إن عداوته الحقيقية مع سوبرمان؟! وايه كانت فايدة تحقيق (لويس لاين) في قضية الرصاصة إذا كان (لوثر) هيعلن عن شره بنفسه في أقرب فرصة؟ وايه أهمية الإشارة لعنف باتمان في التعامل مع المجرمين إذا كانت دي حاجة بتتنسي وتتضاءل في النص التاني مع الخطر الفضائي الكبير؟ وايه أهمية إظهار سوبرمان لتحفظه على العنف ده؟ .. وبتخرج من السينما حاسس إن كل دقيقة بتقضيها في التفكير في تفاصيل الحبكة اللى شفتها بتكشف لك قد ايه هي مليئة بالثغرات والتصرفات الغير مبررة.

على مستوى التلميح للخطة الكبرى والأفلام القادمة:

ماينفعش – في عصرنا الحالي – إنك تبقى فيلم (سوبرهيروز) محترم، إلا لما تبقى مليان بإحالات لعالم الكوميكس أو ما يعرف بالـ (Easter eggs)، وتلميحات للأفلام القادمة والخطة المستقبلية للسلسلة .. دي حاجات بتثير شهية الجمهور وبتكون نقطة إنطلاق لفيديوهات ومقالات ومناقشات محتدمة بتحاول تحلل وتفسر التلميحات دي وتتنبأ بمسار الحداث.

وبما إن الشركة بتحاول تعويض ما فاتها واللحاق بمارفل وهما في بدايات المرحلة الثالثة ليهم، قرروا عدم الإكتفاء بتلميح خفيف لباقي أعضاء (Justice league) وإظهار فيديوهات كاملة ليهم، وهو ما أراه استعجال مضر حرمهم من تقديم الشخصيات دي في الوقت المناسب وفي سياق مثير لحماسة المتفرج.

وحتى موقع عرض الفيديوهات دي وطريقة تقديمها في الفيلم كانوا خارج مسار الأحداث تماماً، فقبل مشهد المعركة المنتظر وفي وقت المفروض تكون الأحداث فيه متصاعدة وتركيز الجمهور في أعلى حالاته، بتقعد (وندرومان) على الكومبيوتر تفتح الإيميلات بتاعتها وتتفرج على 3 دقايق من الفيديوهات، وكأنها فقرة إعلانية عن الأفلام القادمة للشركة في نص الفيلم!

بيخرج الفيلم عن مساره مرتين كمان، مرة عشان يقدم مشهد كابوسي مطول بيحاول يلمح فيه لقصة (دارك سايد) اللى هتكون محور الأفلام القادمة على ما يبدو، ومشهد آخر بيظهر فيه (فلاش) وكأنه قادم من المستقبل وبيحذر باتمان من حاجة إحنا لسه مانعرفهاش والمفروض برضه إنها تتضح في الأفلام القادمة.

كل هذه الإشارات لو تم تقديمها في سياقات مناسبة، أو نقلها حتى لنهاية الفيلم لكان تقبلها أسهل، لكن عرضها في وسط الأحداث بيجعلها اضطرارياً جزء من بناء السيناريو يجدر به أن يلتزم بنفس الخطوط الدرامية المطروحة أمامنا ولا يصل لحد إقامة حوار بين بطلين عن موضوع لن نفهمه إلا بعد مشاهد أفلام أخرى لم تنتج بعد!

على مستوى الحملة الإعلانية:

لو كانت تدخلات (الأستوديو) المتعددة في كل عناصر الفيلم قللت من متعة مشاهدته، فالحملة الدعائية المطولة للفيلم هي القشة التي قصمت ظهر البعير .. كان ممكن الفيلم يبقى ممتع أكتر لو ماكناش شفنا مسبقاً كل المشاهد المهمة في إعلانات الفيلم. لدرجة تخليك تحس إن الفيلم عبارة عن مجموعة لقطات شفتها في الإعلان وشوية مشاهد في النص بتوصل ما بينهم .. إحنا تقريباً شفنا كل حاجة في الإعلان بما فيها أسباب المعركة وتفاصيلها وما بعدها، والمشاهد القتالية متقنة التنفيذ بين باتمان ومجموعة من المجرمين.

بل الأسوأ، إن ظهور (دوومزداي) في الإعلان بيستدعي لذهن محبي الكوميكس فوراً خط القصة الشهير الخاص به، وبيخليهم يستنتجوا نهاية الفيلم بسهولة لأنها النهاية المنطقية الوحيدة .. فكان من المؤسف إنه حتى الجزء الذى لم يتم عرضه في الإعلان كان يسهل إستنتاجه.

وأتصور إن خوف الشركة – مرة أخرى – هو السبب وراء عرضهم لجزء كبير من القصة في الإعلانات، وكأنها دعوة للناس بكل الطرق للوثوق فيهم ودخول الفيلم.

.. كثير من الآراء النقدية تتحامل على مخرج الفيلم (زاك سنايدر) في خروج الفيلم بصورة محبطة نوعاً. لكن على العكس، الفيلم بصرياً يبدو جذاب ومختلف، وتتميز صورته بشيء من (الأيقونية) يليق بالجو العام للسلسلة، والرغبة في خروجها بشكل جاد وبطولي وملحمي، بدلاً من الشكل الهزلي الكوميدي. والتناسق ما بين الصورة السينمائية والجرافيك يدفع الفيلم ناحية القصص المصورة بشكل متميز. وممكن نقول كمان إنه بيقدم باتمان الأفضل بين جميع الأفلام السينمائية التي قدمت الشخصية، وهو تحدي شديد الصعوبة يحسب له وللممثل (بين أفليك) الذي يواجه رفض الجمهور منذ الإعلان عن ترشيحه.

ولو كان هناك شخص ما يستحق الإتهام هنا فهو المؤلف (ديفيد س. جوير) الذى ارتبط إسمه بالسلسلة دي وبثلاثية (نولان) السابقة، والذى يبدو أنه لا يملك الكثير ليقدمه على مستوى السيناريو والحوار، وإن أفضل أفلام السلسلة (الفيلمين الثاني والثالث لنولان) هما الفيلمين الذى اكتفى بكتابة القصة فيهم وترك السيناريو والحوار والإهتمام بالتفاصيل لآخرين.

في النهاية بقدر التوقعات بيكون التقييم.. والناتج النهائي مش سيء لكنه مليان قصص متشعبة كلها مبتورة بسبب ضيق الوقت، ومعظمها قصص مدفوعة بإستعجال شركة الإنتاج للتأسيس لعالمها السينمائي مش بالضرورة السردية للفيلم نفسه، والنتيجة إن الفيلم اللى حاول يعمل كل حاجة عشان يطمنك على مستقبل الأفلام القادمة ليهم بيخليك تقلق منهم أكتر وتتوقع الأسوأ في اللى جاي .. لكن كالعادة مع ظهور إعلان أول فيلم بعد كده هنتحمس ونحاول نغلط نفسنا ونقول يمكن تظبط المرة ونستنى ونشوف، وغالباً كالعادة -برضه- هنطلع محبطين.

إعلان