إعلان

سفر الدخول والخروج.. شريعة العم سام..!

سفر الدخول والخروج.. شريعة العم سام..!

10:02 ص الأربعاء 11 مارس 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد أحمد فؤاد:
هل يتقمص العم سام شخصية الإمام الغائب في المشهد الحالي؟ لما لا وها هي كراماته تحل في أرجاء العالم من أقصاه إلى أقصاه.. كم هو مدهش هذا المشهد المثير للغرائز وللشفقة في آن واحد.. العم سام يربت بيد الحنو على كتف أبناء صهيون، ويلاطف باليد الأخرى أبناء الفرس.. وجمهور يصفق بضراوة لمسرحية هزلية من تأليف وتمثيل وإنتاج وإخراج مجرم الحرب نتانياهو على مسرح الكونجرس، في مشهد أقل ما يوصف بأنه فاضح، بينما يسخر بهلوان الديموقراطية السريالية باراك أوباما من هذا الأداء بصراحة يحسد عليها، بل ويرسل حامل حقيبة ألعابه جون كيري في ثياب المهرج المعتادة إلى المرتعبين في الخليج ليسقيهم شربة طمأنة لن يستفيقوا بعدها أبداً..!

شريعة العم سام لا تتحدث إلا لغة المصالح، وهي اللغة السائدة حالياً في أرض بلاد العرب المستباحة لكل من يملك القدرة على نهش قطعة من جسدها، الكل بدأ في تحريك بيادقه للأمام في محاولة الظهور على حساب الأخر، ولا عزاء للمغفور لها الوحدة العربية..! لنعترف بأن الظروف فرضت علينا جميعاً أن نتلكأ في خطانا نحو المستقبل حتى لا تدهسنا ثيران الحداثة التي اجتاحت الأرض طولاً وعرضاً، لذا علينا أن نُحسن الاختيار وإلا سيكون مصيرنا جميعاً صراع لا يعلم مداه إلا من يرانا ولا نراه..!

باختصار شديد لا يجب أن ننخدع في المشهد الحالي ونطيل الحسابات.. فلن تضحي الولايات المتحدة بحليفتها الأبدية ابنة صهيون في حربها التصفوية الشرسة مع الخطر القادم من الشرق، حتى ولو أظهرت الأولى زيفاً وبصورة مؤقتة تتقارب ما مع أبناء الفرس أصحاب حلم ولاية الفقيه..! إن مواجهة سُنية شيعية في الشرق كفيلة بتحقيق المصالح الكبرى للعم سام، والقضاء تماماً على حلم الوحدة لدى من مرق من أبناء العرب، بالطبع بعد نجاح عملية زراعة ألغام الانقسام والتشرذم في كافة أرجاء خارطة الشرق الأوسط، والثابت تاريخياً أن العم سام لم يعهد يوماً تسليم مفاتيح ألعابه السياسية لأي لاعب مهما بلغت قدرته..!

ولا يجب أن نغفل أن الشريعة الأمريكية تنص على أن أمريكا بالنسبة للمواطن الأمريكي هي العالم، وما هو حولها مجرد هوامش بعضها خُلق للانتفاع، والبعض الأخر للدراسة والتجارب، وهناك أجزاء متبقية خُلقت للتسلية.. تلك مع الأسف هي صورة غير مكتملة استطعت رسمها للمجتمع الأمريكي ذو الحضارة الهشة من خلال مجموع زيارات وتجارب شخصية قمت بها في هذا الكيان، لهذا لا أنصح بالتعجب للمشاهد المتباينة والمعقدة الحالية، ولا أوصي بالانتظار لأن تغدق علينا أمريكا بالخيرات والبركات.. ولنتذكر دائماً أنه أينما حل العم سام حل معه الدمار والخراب والانقسام، بالرغم من أنه يتفانى في الابتسام أمام آلات التصوير وهو يوزع أرغفة الديموقراطية على فقراء العالم..!

أكاد أجزم بأن الولايات المتحدة لن تطيق السماح بكوريا شمالية جديدة في الشرق، وهي حين تحاول احتواء الحلم النووي الإيراني أظنها تنظر بعين مراقبة لردود أفعال أبناء العرب وتصرفاتهم تجاه هذا الغرام الأفعواني، فإن اتحدوا فيجب أن يستظلوا بظلها، وإن اختلفوا لا يجب أن يؤثر هذا على مصالحها.. الفتور الذي يبديه أوباما تجاه إسرائيل مبعثه حقيقي، وله جذور شديدة العنصرية أظنها بسبب اللون والعرق والفكر، لكنه حتماً لن يؤدي إلى انهيار العلاقة بين الحليفتين.. فظني أن أوباما يستعد لمغادرة المشهد وهو يحلم بصفقة الخلود التي لم يحصل عليها من سبقوه، باحتواء أو امتلاك أحد أذرع الدب الروسي في الشرق، لهذا ربما يحاول أغواهم بفقرات من سفر الدخول في صفقة شراكة زائفة، التي هي دائماً مقتبسة من أسفار الشريعة الأمريكية، أما القديس نتانياهو، السفاح التقي الذي يحذر جيرانه العرب والعالم أجمع من الخطر النووي لأبناء الفُرس فيخشى مغادرة المشهد دون مكاسب، أو أن يُدون أسمه في سفر الخروج مقترناً بصفعة مدوية تلقاها مؤخراً دون استطاعته الرد من حزب الله في مواجهة ميدانية كشفت عوراته العسكرية..!

العم سام يرقب احتضار علي خامئني الذي يلتهمه المرض، وهو يعي تماماً أن إيران مقبلة على تسونامي سياسي داخلي سيفضي حتماً لصراع رهيب على منصب المرشد الأعلى بين محسوبون على التيار المعتدل، ومنهم أية الله هاشمي شهرودي الذي يشغل منصب رئيس مجلس الخبراء بصفة مؤقتة خلفاً لأية الله رضا مهدوي الذي مات عن عمر 83 عاماً، ومجلس الخبراء هذا يتألف من 86 رجل دين يتم انتخابهم بالاقتراع كل 8 أعوام، وهو المجلس المسئول عن اختيار المرشد الأعلى.. شهرودي 66 عاماً المحسوب على التيار المعتدل كان قد ترأس السلطة القضائية بين أعوام 1999 و2009، وإذا ما تم تثبيته هذا الشهر على ولاية المجلس فستكون استمراريته هي النواة الأقوى لترشحه لخلافة خامئني.. ويدخل المنافسة معه أحمد خاتمي عضو مجلس الخبراء وخطيب المسجد الكبير بطهران، وأيضاً أية الله أحمد جنتي البالغ من العمر 88 عاماً ويرأس مجلس صيانة الدستور، ومكلف بالمصادقة على القوانين التي يصدرها البرلمان الإيراني وعلى كل المرشحين للانتخابات، ومعروف عنه التطرف الشديد.. وهناك أيضاً أية الله مزباح يزدي نائب الأخير، بالإضافة لرئيس السلطة القضائية الحالي أية الله أملي لاريجاني شقيق رئيس البرلمان الحالي..! هذا ويهتم بالمنصب أيضاً كل من هاشمي رافسنجاني وحسن روحاني الرؤساء السابق والحالي لإيران، وكلاهما محسوب على التيار المعتدل الذي قد يبدو أقل حظاً في هذا الصراع مع وجود سيناريو أقرب للحدوث في ظل كرامات العم سام، وهو حدوث انقلاب مفاجئ يأتي بشخصية مثيرة للريبة هي مجتبي خامئني نجل المرشد الحالي الذي يرأس ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني، والذي تلاحقه الشبهات عن ضلوعه في صفقات مشبوهة وتلقي رشاوى.. لكنه النوع من الرجال الذي يجيد العم سام التعامل معه..

لا يعنيني مما تقدم إلا مصير مصر وموقفها من هذا الشهد المعقد..! أثق تام الثقة في وطنية القيادة السياسية وتوجهها القومي ووعيها التام بلغة المصالح، وأعلم مدى قسوة التحديات التي تُصَعِب على كل من هم في مواقع المسئولية التحرك لإنجاز خطط التنمية، وتحقيق أحلام البسطاء التي لا تتعدى الأمل في حياة أفضل بعد سنوات عجاف من المعاناة والفساد.. لكن هذا لا ولن يعفي أي شخص أو يستثنيه من المسئولية تجاه اتخاذ القرار السليم والميل لمصلحة الوطن وسلامة وحدته وحدوده.. الخيارات الأمنة محدودة للغاية، والمغامرة قد تكون باهظة التكاليف في ظل ظروف هذا العصر، وكلمة السر هي الاستقلالية في صناعة القرار، ولن تكون التبعية أو المساومة أو المقايضة على حقوق الوطن..!

إعلان

إعلان

إعلان