إعلان

انتبه أيها المعلق .. الكفيف يرى

انتبه أيها المعلق .. الكفيف يرى

09:35 ص الثلاثاء 17 نوفمبر 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - عبد المسيح ممدوح:
"لو أنت قاعد فى مدرجات الدرجة التالتة مش هتشوف حاجة، ولو أنت قاعد في المقصورة مش هتشوف حاجة، ولو أنت متابعنا من خلال شاشات التليفزيون برضو مش هتشوف حاجة".

الكلمات السابقة كانت في تعليق الفنان محمود عزب لمباراة كرة قدم بين فريقين للمكفوفين في فيلم "أمير الظلام".

المشهد بكافة أشكاله الدرامية والسينمائية عبقري، واداء عزب رغم حضوره كضيف شرف بالفيلم كان عبقريا كذلك، ولن تستطيع أن تتمالك نفسك من نوبات ضحك هستيرية من تعليقه وهو المكفوفين على مباراة للمكفوفين.

المباراة انتهت وكذلك أحداث الفيلم وخرج الجمهور سعيدا منتشيا بمشاهد كوميدية، لكن ماذا بعد؟ هل تنبه أحد أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع جرى القلم على أعينهم فأصابهم بالعمى يبتغون حقهم في الحياة؟ هل تنبه أحد أن الكفيف يتأثر بما يتأثر به المبصرين من مشاهد كوميدية ويتفاعل معها، وتدمع عينه المظلمتين لمشهد إنساني؟ وهل تنبه أحد أن المكفوفين مغرمون لحد الجنون بكرة القدم وفريق منهم عاشق للأهلي وأخر مجنون بالزمالك، وكلاهما يتنفسون الفرح من انتصارات منتخب مصر، ويجترون الأحزان مع هزائمه؟

ما يغفل عنه كثيرون أن الكفيف يرى بأذنه، وسار خلف نداهة كرة القدم من أصوات معلقين عظماء أخذوا بأيديهم من خلال تعليقهم على المباريات.

الفترات الأخيرة عزف سواد كبير من المكفوفين عن كرة القدم ومتابعة أنديتهم بسبب المعلقين الرياضيين أيضا، ولا أدرى هل ذلك سببه تواضع قدرات المعلقين، أم تدهور حال الرياضة كغيرها في مصر؟
لماذا يصر المعلقين أثناء المباريات على زيادة حجم معاناتنا، ولماذا يصر أن يخرج بتعليقه عن المستطيل الأخضر ليحكي لنا مواقف حياته ومغامراته، أو ما يجري على الساحة السياسية من صراع بين مرشحين على مقاعد البرلمان، أو هذا الشخص الدائم الخروج لـ"شرب سيجارة" في البلكونة.

المؤكد أن كلماتي ليست تقليلا لأحد ولا للنيل من أحد، ولكن للتنبيه، فلا يليق أبدا أن يتناسى المعلق أنه العين المبصرة التي نرى بها المباريات، ومن غير المنطقي أن يكون اهتمامه بشيء آخر غير المباراة.

لابد أن يضع المعلق في أولوياته قبل المباراة أن شريحة عريضة تتابع وتستمع إليهم، وكذلك على القائمين على الرياضة أن يحسنوا اختيار المعلق، وأن يكون لديه القدرة على نقل كل ما يحدث داخل المستطيل الأخضر ولابد أن يكون له وفرة معلوماتية يستقيها المتابع الكفيف، ولا يشتت تركيزه فيما هو خارج المباراة.

على المعلق الرياضي أن يعي ويعلم أن ذوو الاعاقة البصرية لهم طريقة خاصة في تذوق كل شيء، ولهم طريقتهم في متابعة أنديتهم، وعشقوا المستطيل الأخضر بتفاصيله من سابقيهم.

إعلان

إعلان

إعلان