إعلان

البابا شنودة.. من الصدام مع السادات الى المزاح مع مرشد الاخوان

البابا شنودة.. من الصدام مع السادات الى المزاح مع مرشد الاخوان

05:54 م الإثنين 12 مارس 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كتب - احمد منعم:

فى كتابه " قذائف الحق" ذكر الشيخ محمد الغزالى، المفكر الإسلامى الراحل، شيئاً عن مخطط وضعه البابا شنودة عام 1973 لبسط سيطرة المسيحيين على مصر - وفقاً لمزاعم الغزالي -  وأنه تقدم بمذكرة اتهم فيها بابا الاسكندرية بمحاولة شحن أبناء كنيسته ضد الأغلبية المسلمة فى مصر، ذاكراً أن البابا شنودة الثالث ذكر لبعض رجال الدين المسيحى والأثرياء المسيحيين أن مخططه "يسير على ما يرام".

ولخّص الغزالى "المخطط الباباوي" فى أن المسيحيين ـ الذين يمثلون حوالى 65% من إجمالى المشتغلين فى مجال الصحة فى مصر ـ  لابد وأن يقدموا أفضل الخدمات العلاجية لأبناء دينهم، وأن يقدموا الخدمة الأسوء للمسلمين، وأن يتناسل المسيحيون فى الوقت الذى يقنعون فيه المسلمين بأن يحددوا النسل، فيزيد عدد المسيحيين وترتفع نسبتهم ـ كما قال الغزالى ـ.

ونشب خلاف بين البابا شنودة ورئيس الجمهورية الراحل أنور السادات كان سببها الأول التقارير التى كانت تُرفع إلى الرئيس متهمة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية بشحن الأقباط ضد الدولة، وزادت الخلافات فى حدتها مع إعلان السادات عزمة عقد إتفاقية للسلام مع إسرائيل عام 1977 حيث رفض شنودة مرافقة السادات فى رحلته إلى تل أبيب فى زيارته إلى الكنيست الإسرائيلي.

ووصلت الأزمة إلى ذروتها مع توجه السادات إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1979 لتوقيع إتفاقية السلام مع إسرائيل وإذ به يواجه مجموعة من أقباط المهجر الذين رفعوا لافتات يتهمونه وحكومته بدعم وتغذية جماعات دينية إسلامية متطرفة تضطهد المسيحيين فى مصر، الأمر الذى شوه الصورة التى حاول السادات رسمها طيلة سنوات أمام الحليف الجديد ـ الولايات المتحدة ـ.

وأراد السادات تسليط العقاب على أبناء الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر بأن أصدر قراره للأجهزة الأمنية بمنع عقد الإجتماعات الأسبوعية للبابا شنودة برعايا كنيسته، فكان رد الفعل الذى بدر من البابا أنه اعلن عدم إحتفال الكنيسة بأعياد الميلاد فى ظل القمع الموجه ضدها.

عندئذ اصرّ السادات قراراً بعزل الأنبا شنودة عن الكرسى الباباوى ، وعيّن وقتها لجنة من خمسة من الأساقفة لمباشرة شؤون الكنيسة، كما أمر بتحديد إقامة البابا فى دير وادى النطرون فى الصحراء الغربية فى سبتمبر عام 1981 إلا أنه لم يدم فى الدير المحددة إقامته فيه طويلاً برحيل السادات و وصول الرئيس السابق محمد حسنى مبارك إلى كرسى الحكم، ليسمح للبابا بالعودة إلى كنيسته و ممارسة مهامه الباباوية.

البابا شنودة هو ثالث بابا حمل هذا الاسم ـ شنودة ـ بعد البابا شنودة الأول، البابا السابع عشر الإسكندرية بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والذى بقى معتلياً الكرسى الباباوى بين عامى 859م، و 880م، والبابا شنودة الثانى الذى رُسم بابا للكنسية الارثوذكسية و بطريركاً للكرازة المرقصية بين عامى 1032م، و 1047م.

إلا أن شنودة ليس هو اسمه الحقيقى حيث كان البابا الـ 117 لكنيسة الأسكندرية يحمل اسم "نظير جيد روفائيل" قبل إنخراطه فى الحياة الدينية، التى بدأها كخادم لإحدى الجمعيات المسيحية، ثم خادما فى كنيسة الأنبا أنطونيوس بحى شبرا فى الأربعينيات من القرن الماضى.

فى هذه الفترة بدأ نظير دراسة الشعر و بحوره وأوزانه و قوافيه وبدأ حينها فى نظم الشعر فكتب عام 1945 قصيدة عن يوسف الصديق ـ وقصته مع المرأة التى راودته عن نفسه ـ جاء فيها:

هو ذا الثوب خذيه إن قلبى ليس فيه  انا لا املك قلبى وكذا لم تملكيه

إنه ملك لربى وقد استودعنيه  عبث قربكِ منه هو ذا القلب اسأليه!

ومن "نظير" تحول اسمه إلى "أنطونيوس السريانى" عندما رُسم راهباً عام 1954 ليبقى فى حياة الرهبنة منعزلاً حتى عام 1959 حين عُيّن سكرتير خاص للبابا كيرلس السادس وعميد للكلية الإكليريكية فى العام 1962 حتى توفى البابا كيرلس السادس البابا 116 لكنيسة الأسكندرية لتجرى القرعة الهيكلية - وفقاً للعرف المعتاد - و يُرسم حينها " شنودة الثالث " فى مارس عام 1971 بطريرك للأسكندرية خلفاً لكيرلس.

عانى بابا الأسكندرية المولود فى أغسطس عام 1923 من آلام بعموده الفقرى خلال السنوات الأربعين الأخيرة، وكان البابا قد رفض أكثر من مرة أن تُجرى له جراحة عاجلة لعلاجه من الآلام فى عموه الفقارى فى مستشفى كليفلاند التى يتلقى فيها علاجها بالولايات المتحدة، كما سُربت معلومات عن إصابة البابا بمرض العصب النارى أو "هيربس" وهو مرض فيروسى ينتقل عن طريق الفم، أو الأعضاء التناسلية، إلا أن المرجح أن يكون البابا قد أصيب بالمرض الفيروسى عن طريق فم أحد حاملى المرض من بين المسيحيين غير المعدودين الذين يقبّلون أياد رأس طائفتهم، ومن غير المرجح أن يكون شنودة الثالث أصيب بالهيربس العصبى نتيجة أعضائه التناسلية إذ أن حياة الرهبنة تقتضى أن يظل الراهب بتولاً لا يتزوج ولا يلامس النساء.

استطاعت الكنيسة الأرثوذكسية فى عهد البابا شنودة الثالث أن تبسط نفوذها فى رقعة أكثر إتساعاً من العالم، حيث تمكن البابا من توطيد العلاقات بين كنيسته والكنيسة الإثيوبية، والكنيسة الكاثوليكية فى الفاتيكان، كما دشنت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية فى عهده عدداً من الكنائس فى بلدان أوروبية كفرنسا و إنجلترا وألمانيا، وكذلك دشنت عدداً من الكنائس لها فى الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن الكنائس التابعة لكنيسة الأسكندرية فى العراق و سوريا و الأردن، وغيرها من البلدان العربية.

إلا أن هذا الإتساع الروحى والمادى لم يكف الكنيسة من مشكلات مع العلمانيين المسيحيين الذين لا يكفون عن المطالبة بعدد من الحقوق فى الزواج الثانى بعد الطلاق، إذ أن الشريعة المسيحية لا تبيح الطلاق إلا لعلة الزنى كما أن الشريعة المسيحية لا تسمح للمطلق أو المطلقة من الزواج ثانية لأي علة وتعتبر الزواج الثانى زنى كذلك.

وبعد ثورة يناير ازدادت مخاوف الاقباط من سيطرة الاسلاميين على الحكم في مصر وتعرض المسيحيين للاضطهاد، ويبدو ان هذه المخاوف المسيحية قابلها رغبة من جماعة الاخوان المسلمين صاحبة الاكثرية البرلمانية في الظهور بمظهر المتسامح لتحقيق اهداف سياسية.

وكعادته، تلقى البابا شنودة هذه الاشارات بذكاء وابدى انسجاما غير معهود مع الاخوان، وصل الى تبادل الزيارات بينه وبين مرشد الجماعة محمد بديع وحضور قيادات الاخوان وحزب الحرية والعدالة احتفالات الكنيسة الارثوذكسية بأعياد الميلاد في الكاتدرائية المرقسية.

ومع الانباء عن تدهور صحة البابا شنودة زار مرشد الإخوان المقر الباباوي لأول مرة في تاريخ الجماعة وذلك للاطمئنان على صحة البابا شنودة الثالث الذي انهي عظته الاسبوعية مبكرا اكراما للوفد الاخواني.

وتبادل الرجلان حديثًا وديا حول التأخي بين المسلمين والأقباط وحب مصر لم يخل من تبادل مع البابا بعض القفشات، وتذكر بعض المواقف الطريفة التى جمعته من قبل مع قيادات كنسية ومواقف وطنية مشتركة للإخوان والمسيحيين.

اقرأ أيضا:

الأنبا بسنتي: البابا شنودة بخير.. ولا صحة لتدهور حالته الصحية

إعلان

إعلان

إعلان