إعلان

طارق الشناوي يكتب: ''خيول الله''..لا يزال الخوف من التطرف يسكن القلوب!!

طارق الشناوي يكتب: ''خيول الله''..لا يزال الخوف من التطرف يسكن القلوب!!

11:13 م الجمعة 16 نوفمبر 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - طارق الشناوي:
في مسابقة الفيلم العربي بمهرجان ''الدوحة ترايبكا''، في طبعته الرابعة يعرض الفيلم المغربي ''خيول الله'' للمخرج نبيل عيوش، والذي سبق وأن شاهدته في قسم نظرة ما بمهرجان ''كان'' قبل بضعة أشهر.

الفيلم يدين الإرهاب المسلح، الذي يرتدي زي الإسلام، ويعيد إلينا أسلوب ''غسيل الأدمغة''، الذي تنتهجه الجماعات المتطرفة حيث يصبح ''أسامة بن لادن'' وأفكاره هو النموذج ونرى الإسلام مرادفاً ومعبراً عن الإرهاب المسلح.

تلك هي العين الأجنبية التي ترى حال الإسلام في العالم العربي، وأتصور أيضاً أنها تريح المتفرج الغربي، الذي يبدو وكأنه مهيئاً لكي يتعامل بتلك النمطية مع الشخصيات العربية، حيث باتت العديد من الأفلام وكأنها تُقدم ما يمكن اعتباره ستريو تايب أو ''كليشيه'' عن الإسلام.

تبدأ أحداث فيلم ''خيول الله'' في مطلع التسعينيات، والأطفال يلعبون في الساحة، ونصل إلى رحيل الملك ''الحسن الثاني'' عام 99 ، بينما الجريمة التي رصدها ''نبيل عيوش'' وهي موثقة في كتاب ''نجوم سيدي مؤمن'' حدثت عام 2003 في ''كازابلانكا''، عندما فجر عدد من الشباب أنفسهم في ملهى ليقتلوا كل من في الملهى بدعوى الدفاع عن الإسلام.

مثل هذه الأفلام، وغيرها تعيد للأذهان فيلماً بديعاً قدمه المخرج الفلسطيني ''هاني أبو أسعد'' قبل نحو عشر سنوات بعنوان ''الجنة الآن''، عن أسلوب غسيل المخ الذي تنتهجه الجماعات المتطرفة، وقدم المخرج طقوس الاستعداد للتفجير، وكيف أنه في اللحظات الأخيرة هناك من يتراجع عن التنفيذ، وشجب المخرج فكرة اغتيال المدنيين.. كان فيلماً محدد الهدف وهو يتناول تلك القضية، وحصل الفيلم على جائزة ''الكرة الذهبية''ـ وكان واحداً من خمسة أفلام رشحت لجائزة الأوسكار في ذلك العام.

في الفيلم المغربي ''خيول الله''، يتابع المخرج نبيل عيوش شغفه بالتعامل مع الأطفال الذين يقفون أمام الكاميرا لأول مرة، مثلما قدمهم في واحد من أفضل أفلامه ''على زاوا''.. فهو يستطيع أن يقتنص منهم أكثر اللحظات طبيعية، ونرى العائلات المغربية الفقيرة التي تتحايل لكي تواجه الحياة، وتعيش أيضاً في ظل مفهوم خاطئ يسيطر عليها عن طبيعة الدين، وكيف أن الاستشهاد هو الهدف، وأن على المسلمين أن إعلان الحرب على العالم لإنقاذ الإسلام، لأنهم يعشقون رائحة الجنة بينما الآخرون لا يعرفون سوى ملذات الدنيا.

الإرهاب الذي تجسده مثل هذه الأفلام، أراه في جانب كبير منه يرسخ الفكرة الخاطئة التي يعتقدها الغرب عن طبيعة الدين الإسلامي، الذي مع الأسف ساهمت العديد من الفضائيات العربية بكثرة تقديمها لمشاهد الذبح التى يمارسها الإسلاميين، على تأكيد تلك الصورة ومن الممكن أن تري في فيلم ''براءة الإسلام'' المسيء للرسول عليه الصلاة والسلام، شيء من الترديد لمثل هذه الممارسات التي علقت عنوة بالاسلام.

شخصية الإرهابي المسلم، تشغل بالتأكيد الثقافة الغربية، وتحتل مساحة كبيرة داخل المهرجانات، وهناك بالتأكيد ارتياحاً غربياً لهذه الصورة النمطية، ولكن يظل أننا ننتظر أيضاً نوعيات أخرى تتغلغل أكثر وتحلل بعمق تلك الشخصيات، التي لا نستطيع أن ننكر تواجدها، ولكن حضورها السينمائي بات يميل لكي يصبح خيال على الشاشة ينتقل من عمل فني إلى آخر.

الناس تنتظر أن تشاهد ما تعرفه، أو ما تسمع عنه وتخشاه، ربما هذا يفسر لك لماذا صفقوا في الصالة بكل تلك الحميمية لفيلم ''خيول الله''، عندما شاهدته في مهرجان ''كان'' وهو ما أتصور تكراره عند عرضه في ''ترابيكا'' بعد بضعة أيام.

المخرج نبيل عيوش مغربي الجنسية، لكنه أيضاً يعيش في فرنسا.. هي في النهاية عيون غربية حتى لو حملت في دمائها جينات عربية.. الإرهاب المسلح باسم الدين بالطبع لم يختفِ في العالم العربي، ولكننا بحاجة إلى رؤية أكثر طزاجة وعمقاً وموضوعية، لا تُقدم نفس البضاعة كل عام في المهرجانات العالمية والعربية!!.

إعلان

إعلان

إعلان