إعلان

ودنك منين يا جحا؟

ودنك منين يا جحا؟

03:58 م الثلاثاء 29 نوفمبر 2011

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم: د. حسن نافعة 

رغم تحفظى على الانتخابات البرلمانية التى بدأت مرحلتها الأولى بالفعل، لأسباب شرحتها أمس، فإننى أطالب جميع الناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع لممارسة حقهم ولأداء واجبهم الانتخابى، بصرف النظر عن سوءات العملية الانتخابية نفسها.

لكن على الناخب أن يلم فى الوقت نفسه بجميع الحقائق المتعلقة بطبيعة وحدود الدور الذى ستلعبه هذه الانتخابات، والعمل على استخلاص دلالاتها بنفسه، واستشراف تأثيراتها المحتملة، ليس فقط على إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية ولكن أيضاً على مستقبل النظام السياسى المصرى ككل.

بعض هذه الحقائق يتعلق بالفترة الزمنية التى ستستغرقها، وبعضها الآخر يدور حول علاقة البرلمان الذى ستفرزه الانتخابات البرلمانية الحالية بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، من ناحية، وبالحكومة، من ناحية أخرى.

ففيما يتعلق بالفترة الزمنية، يلاحظ ما يلى:

١- عدم تزامن انتخابات مجلسى الشعب والشورى بعد أن تقرر الفصل بينهما وكأنهما عمليتان منفصلتان تماما.

٢- تقسيم كل منهما إلى ثلاث مراحل، تمتد كل مرحلة ليومين، وتجرى انتخابات الإعادة لكل مرحلة فى يومين آخرين.

وكان من نتيجة هذا «المط» غير المبرر فى لحظة زمنية بالغة الحرج، ما يلى:

١- بدأت انتخابات مجلس الشعب يوم ٢٨ نوفمبر، ومن المقرر أن تنتهى يوم ١١ يناير، وأن تعلن نتيجتها النهائية يوم ١٣ يناير ٢٠١٢، ولذا لن يكون بإمكان مجلس الشعب أن يعقد أولى جلساته إلا خلال النصف الثانى من شهر يناير

٢- من المقرر أن تبدأ انتخابات مجلس الشورى يوم ٢٩ يناير، وأن تنتهى يوم ١٢ مارس، وأن تعلن نتيجتها النهائية يوم ١٤ مارس ٢٠١٢، وبالتالى لن يكون بإمكان مجلس الشورى الجديد أن يعقد أولى جلساته قبل النصف الثانى من شهر مارس ٢٠١٢.

معنى ذلك أن الاجتماعات المشتركة للأعضاء المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى، والذين يحق لهم وحدهم انتخاب لجنة المائة التى ستتولى كتابة الدستور، لن تبدأ قبل أول أبريل ٢٠١٢. وعلى هؤلاء، وفقا لنص الإعلان الدستورى، أن يختاروا أعضاء لجنة كتابة الدستور خلال مدة أقصاها ستة أشهر، وسيكون أمام لجنة كتابة الدستور بعد تشكيلها مدة أقصاها ستة أشهر أخرى للانتهاء من مهمتها.

بعبارة أخرى، لن يكون لمصر دستور جديد، فى حال استنفاد المدد القصوى المسموح بها، قبل أول أبريل عام ٢٠١٣، بل من المحتمل أن يمتد هذا الموعد إلى ما هو أبعد من ذلك، فى حال ما إذا لم تتمكن الهيئات المعنية من إنجاز المهمة المطلوبة منها خلال المهلة المحددة لها.

أما بالنسبة لعلاقة البرلمان المقبل بالسلطة التنفيذية، بشقيها العسكرى والمدنى، فتقضى الأصول والقواعد الدستورية والقانونية المتبعة فى مثل هذه الأحوال أن تكون صيغة العلاقة على النحو التالى:

١- يتعين أن يتولى البرلمان الجديد ممارسة السلطة التشريعية، وأن تقتصر صلاحيات المجلس العسكرى، خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية، على ممارسة السلطة التنفيذية (ويقصد بها هنا صلاحيات رئيس الجمهورية فقط دون صلاحيات الحكومة).

٢- يتعين أن تشكل حكومة مدنية تعكس خريطة القوى السياسية، حسب نسب تمثيلها فى البرلمان الجديد، وأن تخضع الحكومة لمساءلة ورقابة البرلمان الجديد.

غير أن هذا المنطق لا يتسق، فيما يبدو، مع طريقة تفكير اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومسؤول الشؤون القانونية، الذى نسبت إليه مؤخرا تصريحات تؤكد أن البرلمان الجديد لا يملك صلاحية سحب الثقة من الحكومة، وبالتالى لا يملك مساءلتها على أى صورة من الصور.

ويبدو واضحا من هذه التصريحات - إن ثبتت صحتها - أن المهمة الأساسية للبرلمان الجديد، وربما المهمة الوحيدة فى الواقع، هى اختيار اللجنة التى ستتولى صياغة الدستور. لذا يصبح السؤال التالى مشروعاً تماماً: لماذا لا يتوجه الناخب مباشرة إلى صناديق الاقتراح لاختيار اللجنة التى ستتولى كتابة الدستور، اختصاراً للوقت وتوفيراً للنفقات؟

يبدو أننا مازلنا ندمن السير على الدروب المعوجة، وفقاً لنهج «ودنك منين يا جحا؟».

اقرأ أيضا:

انتخابات برلمانية ملغومة

إعلان

إعلان

إعلان