خبير سياسي: التدخلات الخارجية سبب رئيسي في أزمة السودان
الحرب في السودان أرشيفية
قال الخبير السياسي، محمد صادق، إنه على مدى أكثر من عام ونصف يشهد السودان صراعات تفاقمت بتدخلات خارجية وارتباطات دولية معقدة أفضت إلى إنشاء تحالفات سياسية جديدة وسط انقسامات حادة، مضيفا أن هذه الأزمة لم تنفصل عن ولاءات غير وطنية لبعض القوى، خاصة مع تضارب مصالح قوى غربية ودول إقليمية.
وأضاف صادق، أن قوات الدعم السريع باتت ركيزة أساسية للخلاف، وأن تحالفات سرية جمعت تنسيقية "تقدم" مع هذه القوات بدعم بعض من دول غربية وعربية، وعزز ذلك خيار البعض بتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع في محاولة لإضعاف الحكومة السودانية المتمركزة في بورتسودان إلا أن الخسائر العسكرية المتلاحقة لـ الدعم السريع لا سيما في الخرطوم جعلت استمرار الرهان عليه صعبا بالنسبة للجهات الخارجية الداعمة له، إذ برزت فكرة استقطاب بديل جديد لم يتم توريطه.
وتابع صادق، أنه جاء الإعلان عن تحالف «صمود» في 11 فبراير كخطوة مفصلية عقب قرار تنسيقية "تقدم" حل نفسها، ويرأس هذا التحالف الجديد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي اُعتبر آنذاك وجه السودان المدني حين تولى رئاسة الحكومة الانتقالية في 2019 إلا أن حكومته لم تحقق إنجازات تُذكر، كما أن ارتباطاته الخارجية مع بعض العواصم الغربية والإقليمية أدت إلى الخلاف مع المكون العسكري، ما فاقم الفجوة بين القوى السياسية.
وأكد صادق أن الدول الداعمة لتحالف "تقدم" خاصة بعض من الدول العربية وفرنسا وأمريكا الذين يدعمون الانقسام لتحالفين، أحدهم يعمل على تشكيل حكومة موازية بالمناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، والتحالف الآخر «صمود» الذي يعمل على تشكيل كيان سياسي بعيدًا عن الدعم السريع، تحسبًا لخسارة القوات المتمردة للأراضي المسيطرة عليها خاصة بعد تقدم القوات المسلحة في الشهور الماضية.
وأوضح صادق، أن تنسيقية "تقدم" شهدت انشقاقا حادا، فانقسمت الكتل المنضوية تحت لوائها لجناحين، الأول اختار المضي مع حمدوك في تحالف «صمود»، والثاني تبنى خيار تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة "الدعم الرسيع" تحت اسم تحالف السودان التأسيسي، مشيرا إلى أن الانقسامات برزت في اجتماع قيادي في "عنتيبي الأوغندية" نهاية ديسمبر الماضي حين اقترحت بعض فصائل الجبهة الثورية تأسيس حكومة بديلة لنزع الشرعية عن حكومة بورتسودان الذي أدى لتصادم في وجهات النظر، وأفضى في النهاية إلى حل التنسيقية القديمة وإعلان تحالفين جديدين.
وألمح صادق إلى أن القوى المنضوية تحت راية تحالف السودان التأسيسي تتجه لـ توقيع ميثاق تأسيسي في نيروبي لإنشاء ما سمته حكومة السلام والوحدة، ويضم هذا المشروع أحزابا سياسية وحركات مسلحة ومنظمات مدنية وإدارات أهلية، إضافة إلى قوات الدعم السريع، إذ يهدف التحالف للتأكيد على بطلان شرعية حكومة بورتسودان، في سعي لإبراز نفسه ممثلاً وطنياً قادراً على توحيد البلاد.
ونوه بأن الدعم الدولي لعب دورا في تأجيج الخلافات الداخلية، فـ حمدوك الذي أمضى سنوات طويلة في كل من بريطانيا وأمريكا، واتصل بالغرب أثناء عمله في منظمات دولية مثل اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة والمعهد الدولي للديمقراطية، جرى تقديمه بوصفه شريكا مدنيا للمرحلة الانتقالية، لكن هذا الدعم انقلب عند ظهور تحالفات سرية مع قوات الدعم السريع المدعومة أيضاً من أطراف خارجية، ونتيجة لذلك، أصبح حمدوك في نظر البعض مسؤولاً عن ترسيخ الشقاق داخل قوى الثورة بدلا من رص صفوفها ضد العنف وإراقة الدماء.
وأشار إلى أن التحالف المدني الديمقراطي "صمود" أعلن مؤخراً تلبية دعوة للاجتماع مع الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى ومنظمة الإيقاد في مقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا للتشاور حول إنهاء الحرب، إذ يتكون هذا التحالف من 13 تنظيما من بينها حزبي الأمة القومي والمؤتمر السوداني والحركة الشعبية إضافة إلى كيانات مهنية ومدنية، موضحا أن هذه التحالفات تعكس استمرار فشل القوى المدنية في توحيد الصف ووقف الحرب منذ سقوط نظام المؤتمر الوطني 2019، ويؤكد أنّ ما يثير الريبة هو تركيز بعض القوى على تشكيل تحالفات بديلة أو حكومات موازية بدلا من توحيد الرؤية حول كيفية إنهاء النزاع.
ولفت إلى أن "صمود" لم يقدم بعد رؤية لإنهاء الحرب أو برنامجا بل اكتفى بتصريحات لا تسلم بشرعية مؤسسات الدولة الرسمية وتتعامل معها كخصم سياسي، ويضاف إلى ذلك شكوك متزايدة حول مدى ولاء بعض المكونات الوطنية، مع ما يحكى عن تدخلات خارجية تزيد من نار الانقسام، لافتا إلى أن المشهد السوداني يبدو أكثر تعقيداً مما كان عليه؛ إذ ولدت التدخلات الدولية والإقليمية تحالفات جديدة وانشقاقات متجددة، بينما يواجه المدنيون والعسكريون طريقاً مسدوداً نحو تسوية حقيقية، مشيرًا إلى أنه بينما تتصارع القوى السياسية على شرعية الحكم يظل الحل النهائي معتمداً على مدى استعدادها للتفاهم الداخلي بعيداً عن الوصايات الخارجية التي عمقت من أزمة البلاد.
فيديو قد يعجبك: