خبير سياسي يكشف عن تأثير الدعم البريطاني لسوريا على المصالح التركية
كتب- حسن مرسي:
أكد الخبير السياسي محمد عبدالجواد، أن العلاقات التركية - الأوروبية مرت في العقدين الماضيين بتوترات كثيرة، وفترات صعود وهبوط تبعًا لتطورات الأحداث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمتغيرات الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة بشكل عام.
وأضاف "عبدالجواد" في مدخلة هاتفية بفضائية الحدث اليوم، أن أحداث الربيع العربي والثورة السورية وما رافقها من أحداث ومتغيرات دولية، كانت أبرز الملفات التي سببت توترًا شديدًا في العلاقات بين تركيا والغرب، وذلك بسبب قرب سوريا من تركيا، وأزمة اللاجئين، وتدخل تركيا عسكرياً وسياسياً وأمنياً في الصراع السوري إلى جانب عدد كبير من الأطراف الدولية المنخرطة في الصراع، وتعقد مصالحهم، بالإضافة للملف الأهم الذي يقلق تركيا وهو ملف الأكراد وبشكل خاص "قوات سوريا الديمقراطية" المعروفة بـ "قسد" وكابوس حزب العمال الكردستاني.
واضاف الخبير السياسي، أن اسم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ارتبط بالحرب، حيث تم تأسست عام 2015، بمدينة الحسكة، إحدى المناطق الحدودية بشمال سوريا التي تسكنها أغلبية كردية، وقدمت نفسها على أنها "تكتل عسكري وطني لكل السوريين يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان"، وأوضحت أن هدفها الرئيسي هو دحر "داعش" واستعادة جميع الأراضي.
واستطرد أن "قسد" مدعومة مباشر من الغرب، وأصبحت شريكًا أساسيا لقوات التحالف الدولي الذي تشكل عام 2014 ضد "داعش" في سوريا.
وأوضح عبدالجواد، أن "قسد"، حصلت على الدعم المالي والعسكري من التحالف الدولي، ومع ذلك أثار استحداث هذا التشكيل المسلح، ومناطق تمركزه ومكاسبه في شمال شرق سوريا المتاخمة للحدود الجنوبية لتركيا، حفيظة أنقرة، ومن بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية، أعلنت "قسد" عن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في مارس 2019.
وأضاف أن الدعم العسكري والمالي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" مازال مستمرًا حتى العام الحالي، وترافق بدعم سياسي زاد من مخاوف تركيا، حيث استمرت الإدارة الذاتية بقيادة مظلوم عبدي باستقبال الوفود الأوربية السويدية والفرنسية والألمانية والبريطانية، التي تعبر عن دعمها الصريح لقسد وتعترف بها، موضحًا أنه تم اعتقال 4 عناصر من قوات "الجيش الوطني" من مجموعة "العمشات" قرب سد تشرين في ريف حلب، بينهم إثنان يحملون الجنسية التركية، بدعم وإشراف مباشر من الاستخبارات البريطانية.
وتابع أن هناك تنسيق أمني ومعلوماتي بين الاستخبارات الغربية والبريطانية وقوات "قسد" بشكل مستمر، مشيرًا إلى أنه انتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه عناصر "الجيش الوطني" في قبضة "قسد"، مؤكدًا أن "الجيش الوطني" هو قوة مسلحة أسستها تركيا عبر دمج مجموعة من فصائل المعارضة السورية المسلحة المتواجدة في الشمال، وقامت بتدريبه وتجهيزه وشارك في كل العمليات العسكرية التي نفذتها تركيا ضد "قسد" في الشمال السوري.
وفي سياق متصل، كانت الإدارة الذاتية لقوات سوريا الديمقراطية في مايو الماضي، قد سلّمت الحكومة البريطانية امرأة بريطانية وثلاثة أطفال على صلة بتنظيم "داعش"، ولم تعلن السلطات الكردية حينها أسماء الأربعة، لكنها قالت إنهم كانوا في مخيم "الروج"، حيث زار وفد بقيادة آن سنو ممثلة بريطانيا الخاصة لدى سوريا، مناطق قسد، وعبروا عن دعمهم لقسد وناقشوا معها التهديد المستمر يشكله تنظيم "داعش".
وبحسب "عبدالجواد"، فإن هناك الكثير من المؤشرات على وجود تعاون وثيق بين بريطانيا و"قسد" خلف الكواليس ولم يظهر للعلن بشكل واضح، في السنوات السابقة، وحتى الآن، وذلك لما قد يسببه من مشكلات كبيرة للعلاقة بين أنقرة ولندن، مشيرًا إلى أن بريطانيا كغيرها من الدول تريد حصة ونفوذ وبعض الأوراق القوية في سوريا للضغط على أنقرة والحد من نفوذها، والأكراد ورقة قوية جداً في المنطقة.
وبحسب الخبير السياسي، فإن التعاون البريطاني مع "قسد" إلى جانب الفرنسي، يشكل تهديدًا للمصالح التركية في شمال شرق سوريا إذا استمر على الصعيد الاستخباراتي والعسكري مع الدعم السياسي، حيث أن "قسد" قوة عسكرية ضخمة وتحظى بتأييد ودعم غربي منقطع النظير، وتهديدها لتركيا يمكن أن يتجاوز الحدود السورية، وبالتالي فهي ورقة قوية جداً بأيدي بريطانيا والدول الغربية للضغط على تركيا.
وأكد بأن "قسد" تعمل بشكل نشط على استثمار الدعم الغربي لها ضد "داعش"، وتضع الوفود الغربية بصورة مستمرة بوضع الانتهاكات التي تقوم بها تركيا والفصائل التابعة لها من قصف بالأسلحة الثقيلة وطائرات الدرون لمناطق شمال وشرق سوريا، واستهدافها للمنشآت الحيوية والاقتصادية في المنطقة.
وأوضح أن تقارب الغرب مع "قسد" نقطة خلاف طويلة بينهم وبين حليفتهم في الناتو تركيا، التي دأبت لعقود على مناهضة تطلعات الأكراد في المناطق الحدودية سواء في سوريا أو العراق.
وأنهى حديثه بأنه تباينت الآراء حول البنية الأساسية لقسد، حيث تشير تقارير إلى أن عدد المقاتلين العرب كبير جداً وتزايد مع تقدم "قسد" في شرق الفرات، لكن ذلك لم يحل دون قلق تركيا منها.
فيديو قد يعجبك: