لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رئيس جامعة القاهرة: المسلمون اليوم خارج التاريخ ومنفصلون عن التقدم

03:19 م الأربعاء 04 مارس 2020

كتبت- داليا شبل:

استقبل الدكتور محمد عثمان الخُشت رئيس جامعة القاهرة، الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وذلك في مكتبه بمبني القبة لمناقشة قضية التجديد الديني، وتطوير العقل الديني ضمن مشروع الجامعة لتطوير العقل المصري. ثم شاركا في الاجتماع الأول لمجلس إدارة مركز إعادة بناء الذات.

وأكد الخشت خلال اللقاء على أن التجديد قضية أمة وتحتاج إلى أصحاب الفكر والعلم لطرح رؤي جديدة تتحدث عن تعددية الصواب، خاصة وأن المسلمين اليوم خارج التاريخ ومنفصلون عن حركة التقدم ولابد من العودة إلى الإسلام الأول بعيدا عن الفرق الدينية التي فرقت الدين في الماضي.

من جانبه أكد الدكتور سعد الدين الهلالي، أن الفكرة في الدين أن يكون مساعدا للإنسان في إعانته على بناء نفسه مع الله عز وجل، والخطاب الديني يجب أن يكون مؤهِّلا لهذا الإنسان لأن يقف على قدميه.

وأشار الهلالي، إلى أن ما عرضه الدكتور الخشت خلال مؤتمر الازهر حول تجديد الفكر الديني مؤخرا بشأن أطروحته التي عرضها على الوجه الشامل؛ جعلني أعلن إيماني الكامل بريادته في التنوير، وأنه رائد هذا الفكر لخدمة الإنسان، قائلا :" سبق أن بدأ هذا التيار الدكتور الخشت منذ بواكير تأليفه وكتاباته الأولى، التي برزت ونضجت عندما علمها الشعب المصري، وأنا لم أكن أعرف الدكتور الخشت بالصورة الكاملة إلا بظهوره الإعلامي الأخير في مؤتمر حول تجديد الفكر الديني، حيث أظهر أطروحته على الوجه الشامل؛ مما يجعلني الآن أعلن إيماني الكامل بريادته في التنوير، وأنه رائد هذا الفكر لخدمة الإنسان".

وأوضح الهلالي، أن الدين يخدم الإنسان، والثقافة تخدمه، والعلم يخدمه، وكذلك كل صاحب فن يخدم بفنه ذاك الإنسان، من أجل ذلك كان يجب انضمام أصحاب الخطاب الديني لخدمة الإنسان، بجانب الأطباء والمهندسين وغيرهم، فعلى أصحاب الخطاب الديني أن ينصهروا في نسيج المجتمع مع سائر أطيافه وقطاعاته لخدمة الإنسان.

وأكد الهلالي على ضرورة العمل علي محور” الرشد الديني"؛ فالإنسان إذا بلغ ٢١ سنة، أصبح له حق البيع والشراء والزواج والطلاق بنفسه، وصار صاحب قرار، فلماذا لا يحصل على رشده الديني، ولماذا يظل عالة على الفتاوى وينتظر من يقول له هذا صواب وهذا خطأ؟!.

وتابع: النبي صلى الله عليه وسلم جعل الفتوى حقًّا لأبسط الصحابة وهو "وابصة بن معبد" وليس من أشهرهم علمًا، ولعله كان من أحدثهم إسلاما؛ بدليل ما جاء في قصة "وابصة بن معبد"، من أنه كان يُمنع أن يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قدامى الصحابة خوفا عليه، فجاء ابن معبد ونادى من بعيد، وقال أنا "وابصة بن معبد" ووالله لا أحد أحب إلى قلبي منك يا رسول الله، فقال النبي: خلوا بيني وبينه، فدخل عليه، فقال له النبي: جئت تسألني؟ قال نعم، فقال له النبي: أتريد أن أجيبك قبل أن تسألني؟ قال: أتعلم ما في نفسي؟ إذن أجبني، فقال له النبي: لقد جئت تسأل عن البر والإثم، قال: صدقت يا رسول الله، فقال له النبي: البر ما اطمأنت إليه النفس واستراح إليه القلب، يا وابصة: استفت قلبك، استفت نفسك، وإن أفتاك الناس وأفتوك؛ إذن أعطاه الرشد الديني من أول لحظة.

وأضاف الهلالي، نحن محرومون من ذلك الرشد الديني، وأتمنى أن نعلن أن الرشد الديني حق لكل إنسان، وما على أهل الذكر إلا العلم والبيان. فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر.

وأشار إلي أن الجامع الأزهر افتتح سنة ٩٧٢ بغرض أن يكون الجامع الرسمي للدولة الفاطمية الشيعية؛ ولذا لقب بالجامع ولم يلقب بالمسجد، وحينما تم بناء مسجد الفتاح العليم اتجهت الدولة في تسمية مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية إلى احترام وصف المسجد الذي وصف الله به مسجده الحرام والأقصى.

ولم تتخذ اسم الجامع الذي له دلالة سياسية لتأكيد الدور المدني والحضاري المعاصر. فقد سمي الجامع الأموي جامعًا؛ لأنه كان جامعًا للمسلمين يوم الجمعة وبه كان الخليفة يلقي الخطبة الرسمية للدولة في وقت لم تكن فيه أجهزة إعلام؛ لذلك لعب الجامع هذا الدور، على غرار ما يحدث الآن في الجريدة الرسمية، فلا يعتد بقرارات رئيس الجمهورية إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية، كذلك أوامر الخليفة وقراراته كان لا بد من إعلانها بالجامع.

وتابع الهلالي: أريد أن أقول إن الجامع الأزهر حين أنشئ عام ٩٧٢ إنما أنشئ من أجل تدريس الفكر الشيعي الإسماعيلي، وظل الأزهر قرابة ٢٠٠عام يدرس الفقه الشيعي، حتى جاء صلاح الدين الأيوبي وأغلقه فترة إلى أن يتأهل المصريون للدخول في الفقه السني، والفقه السني ليس كما يشاع عنه من أنه الالتزام بأحد المذاهب أو الفرق؛ بدليل أن أبا الحسن الأشعري نفسه كان معتزليا، ولما استقل لم يعتبره المعتزلة زنديقا لكن احترموه؛ ولذا فلا زعامة لفكر دون فكر؛ فالفكر السني يعطي للإنسان حق السيادة، وجاء المماليك بعد الأيوبيين، ثم جاء العثمانيون، الذين قاموا بشيء خطير، فبعد أن كان رئيس الأزهر ناظرًا أي رجلا إداريا غير مختص من علماء الدين، أمر العثمانيون أن يكون على رأس الأزهر عالم دين مختص، وفي ١٦٧٩ عينوا الشيخ محمد عبدالله الخراشي كأول شيخ للأزهر، وكان له منصب ديني ووظيفة سياسية في المقام الأول.

وأنشئت فيما بعد جامعة القاهرة ضد رغبة المستعمر، ولم تنشأ كما هو شائع بموافقة اللورد كرومر، بالعكس، كان كرومر متخوفا من إنشائها، وكان يقول: لو تعلم المصريون، سيطالبون بخروجنا من مصر، ونجح المصريون في إنشاء الجامعة الأهلية وتحولت بعد سنين إلى الجامعة المصرية، ثم تحولت إلى جامعة الملك فؤاد الأول، ثم صارت جامعة القاهرة، وكان هدفها من البداية هو التنوير وخدمة الإنسان، فمنذ أنشئت جامعة القاهرة عام ١٩٠٨ وإلى يومنا هذا وهي في رقي دائم يوما بعد يوم.

وأكد الدكتور الهلالي، علي أننا الآن نعيد بناء وصياغة الدولة؛ فالدولة لا تسير بالفتاوى، وإنما تسير الدولة بالقانون، وهذا ما يتم في مجلس النواب، فالبرلمان يقر القوانين في العلن، وليس في الخفاء، والشعب يعلم ما يدار به، فيجب إذن أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا، من أجل بناء الدولة بالقانون، وأن تكون الفتاوي اختيارية، هنا جاءنا الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة بمبادراته الرائدة ورؤاه المستنيرة، وأتمنى من يريد لمصر الخير، أن يشد على يديه، في سبيل تحقيق هذه الاستنارة وحماية الإنسان في دينه وفي كرامته وفي مستقبل حياته.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان