نائب رئيس جامعة الأزهر: أقول لأهل الأديان تعالوا نُصلِحْ ما أفسدته الحروب
كتب - محمود مصطفى:
قال الدكتور يوسف عامر، نائب رئيس جامعة الأزهر، إن "لقاء حوار السلام والطمأنينة.. سفراء الأزهر والرهبنة الفرنسسكانية"، امتدادًا لوثيقة الأخوةِ الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخِ الأزهر وقداسة البابا فرانسيس.
وأضاف، خلال كلمته في فعاليات حوار السلام والطمأنينة الذي عقد صباح السبت بالتعاون بين الأزهر والرهبان الفرنسيسكان، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر- أن علاقة الإسلام بالآخر تقومَ على أساسٍ سليمٍ، وحرص الإسلامُ منذ بعثةِ النبيِّ محمد علي ترسيخ كثيرٍ من المبادئ التي تسمحُ بإعمار الأرض على أساسٍ من التكاملِ والتعاونِ والتسامحِ مع جميعِ البشر، ومن هذه المبادئ ما يلي:
أولًا مبدأُ الحرصِ على مكارم الأخلاق: فقد جاء الإسلامُ لنشر القيمِ الصحيحة، وقال النبي: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» وهذه المكارمُ لا يرادُ بها أن تكونَ بين المسلمين فقط، وإنما للناس كافة. يقول رسول الله: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" رواه أبو داود والترمذي. والرحمةُ هنا جاءت عامةً أي ليست مقصورةً على بني آدم فقط بل تشملُ الحيوان والنبات والجماد.
وأشار إلى أن من مكارم الأخلاق التي يحث عليها الإسلامُ في التعامل مع الناس جميعًا، عدمُ الظلمِ: فقد حرم اللهُ الظلمَ بين العبادِ حتى مع من يظلمُ، قال اللهُ تعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون»، وذلك ضَمانًا لحياةٍ كريمةٍ لجميعِ البَشَرِ في الشَّرْقِ والغَرْبِ بعيدًا عن سياسةِ الكَيْلِ بمِكيالَيْن.
ونوه إلى أن الإسلام ما جاء لِيُقِرَّ علاقةُ الزواج لو أن هناك صراعًا بين الطرفين بحيث يُقْصي كلّ منهما الآخر أو يحاولُ القضاءَ عليه؛ لأن علاقةَ الزواجِ هذه من أسمى العلاقاتِ الإنسانية بين البشر، فهي مبنيةٌ على الحب، فالحبُّ هو الوسيلةُ الوحيدةُ التي تسمحُ للجميع بالتعايش.
وأضاف ثالثًا مبدأُ عدمِ التمييز: جاء الإسلامُ بعدم التمييز بين جنسٍ وآخر أو لونٍ ولون، وكان من وصايا النبيِّ- صلى اللهُ عليه وسلم- في حِجَّةِ الوداع: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِي عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى...»، رابعًا مبدأُ: التعايشِ: دينُ اللهِ واحدٌ: وما كان لشخصٍ أن يفرقَ بين دينٍ ودين: قال اللهُ تعالى: «شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ».
وخامس المبادئ هو حريةٍ الاعتقاد: لم يُجْبر الإسلامُ غيرَ المسلمين على اعتناقِ الدينِ الإسلامي، فقال تعالى: «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، وقال تعالى: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين».
وختم نائب رئيس الجامعة كلمته بقوله أن الَنوايا الحسنةَ متوفرةٌ من أجلِ سلامٍ يَعمُّ العالمَ، ولن يتمَّ هذا السلامُ إلا بالسعي من أجل تحقيقِ ما تصبو إليه هذه النوايا من خيرٍ لصالح الإنسانية، وذلك من خلال التوحدِ والعملِ المشترك، القائم على الاحترامِ المتبادلِ.
وتابع: "كما تَعلمونَ أنَّ السلامَ يتحققُ بالعمل كأسرةٍ واحدةٍ من أجلِ توريثِ أبنائِنا إرثًا غيرَ إرثِ السابقين خاليًا من العداوة والبغضاء.. فتعالوا نعمل معًا من أجل استخلافِ أبناءٍ صالحين، فتعالوا نُصلِحْ ما أفسدته الحروبُ وما خلّفتهُ في نفوسِ".
فيديو قد يعجبك: