لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

زواج القاصرات والنفقة".. شومان يفند الاعتراضات على مشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية

12:06 م الأحد 17 نوفمبر 2019

كتب- محمود مصطفى:

رد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق، على بعض الاعتراضات على بعض مواد مشروع قانون الأزهر الأحوال الشخصية.

وقال وكيل الأزهر الشريف السابق، في تصريحات له على صفحته الشخصية بـ"فيسبوك" إن هناك بعض الاعتراضات على مشروع قانون الأحوال الشخصية فيما يتعلق ببعض المواد منها المتعلق بالرؤية والاستضافة والولاية التعليمية، وزواج القاصرات والمجنون، وتأخير الأب في حضانة الطفل، والنفقة وسن الحضانة.

وأضاف، أنه من الاعتراضات على مشروع قانون الأحوال الشخصية، ما يتعلق بالرؤية والاستضافة، مؤكدا أن مشروع القانون لم يتجاهل الرؤية؛ فالمادة (102) تنص على:

أ- لغير الحاضن من الأبوين الأجداد رؤية المحضون مجتمعين في وقت واحد.

ب- إذا لم يتم الاتفاق على تنظيم الرؤية بين الطرفين، نظمها القاضي في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيًّا.

ج- لا ينفذ حكم الرؤية قهرًا، فإن امتنع الحاضن عن الرؤية بغير عذر أنذره القاضي، فإن تكرر منه ذلك، جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتًا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها».

وأضاف أن مسألة الاستضافة أو الاصطحاب، لا مانع إن رأى نواب الشعب بعد أخذ رأي الجهات المعنية بالطفل من صياغة مادة لها.

وأوضح أن من وجهة نظره الشخصية، فإن الرؤية بشكلها الحالي مهما وُضع لها من ضوابط، لا تشبع حاجة الأب في الوقوف على حال ولده وإحساسه ببنوته إشباعًا لغريزة الأبوة، ولا سيما أنها تنفذ غالبًا بطريقة وفي أماكن غير مناسبة، ومهما كان سبب الطلاق ومن تسبب فيه، فلا ينبغي الإجحاف بحق غير الحاضن في ابنه، وليس في شرعنا ما يمنعها، بل نص السابقون على ما يدل عليها.

وقال إن في "المقنع" وغيره من كتب الحنابلة: "وإذا بلغ الغلام سبع سنين خُيِّرَ بين أبويه، فكان مع من اختار منهما، فإن اختار أباه كان عنده ليلًا ونهارًا، ولا يُمنع من زيارة أمه، ولا تُمنع هي من تمريضه، وإن اختار أمه كان عندها ليلًا وعند أبيه نهارًا ليعلمه الصنعة والكتابة ويؤدبه...".

ولفت إلى أنه مع أن مسألة تخيير الطفل عند بلوغ السابعة غير مناسبة لزماننا وواقعنا ولا تحقق مصلحة الطفل؛ لأنه سيختار من يراه أكثر لينًا معه وتدليلًا له، ولكن النص دل على شيء مهم يجيز الاصطحاب، وهذا النص التراثي الفقهي يجعل مسألة اصطحاب المحضون التي يتحدث البعض عنها مسألة جائزة شرعًا متى رأى أهل الاختصاص ملاءمتها وتحقيقها لمصلحة المحضون، وما يطالب به أولياء المحضون أقل مما حملته العبارة بكثير؛ فهم يطالبون به يومًا في الأسبوع مثلًا، وليس نهار كل يوم كما نصت العبارة، ومن المهم استطلاع الرأي المجتمعي حول هذه المسألة تحديدًا، مع وضع الضوابط الكفيلة بعدم استغلال ولي المحضون لمسألة الاصطحاب بما يضر بحق الحاضن، وإلا تعرض للحرمان منها مؤقتًا أو كليًّا إن تكرر منه مثلًا تأخير رد المحضون أو محاولة الاحتفاظ به.

واستكمل تفنيده، بأن من اعتراضاتهم جعل الولاية التعليمية للأب وسلبها من الأم، وهو ما يضر بالمحضون ويترتب عليه كثير من المشكلات، قائلا: "هذا اعتراض غير صحيح؛ فالولاية التعليمية في المشروع مشتركة بين الأب والأم؛ حيث يتفقان على نوع التعليم، ويكون على والده جميع تكاليفه، ثم يكون للأم وحدها ما بقي من هذه الولاية، فإن اختلفا فهي للأب، بشرط ألا تقل عن درجة التعليم المناسب لأقرانه"..

وأوضح أنه في نص المادة (103): "تكون الولاية التعليمية المتمثلة في اختيار نوعية التعليم للأب والأم بالتراضي، فإن تنازعا فتكون للأب، بشرط ألا تقل نوعية مستوى التعليم عن مستوى نظائر المحضون، وعلى الأب أداء تكاليفه.. وتكون الولاية للحاضن فيما عدا ذلك، فإن رغب الحاضن في نوعية تعليم تزيد تكاليفه عما اختاره الأب، تحمل الحاضن فرق التكاليف".

وتابع: "إنما صيغت المادة على هذا النحو حتى لا يتعنت الحاضن فيختار نوعًا من التعليم لا يستطيع والد المحضون تلبية نفقاته؛ لأن نفقة التعليم كاملة تكون على الوالد، وأعتقد أنه لو جُعل اختيار نوع التعليم بيد الحاضنة لندر أن تختار حاضنة لولدها التعليم العام مثلًا، ولا تخفى تكاليف التعليم الخاص وتعدد مستوياته التي منها ما يرهق الأغنياء، فضلًا عن الفقراء! وقد تختار الحاضنة أعلاه نكاية في والده، ومع ذلك فقد أعطت المادة الحق للحاضن في إلحاق المحضون بنوع التعليم الذي يختاره، ويتحمل هو الفرق بين تكلفة التعليم المناسب لأقرانه - التي يتحملها والد المحضون كاملة - ونفقات التعليم الذي اختاره الحاضن"

زواج القاصرات

وقال وكيل الأزهر السابق، إن البعض يرى أن المشروع يفتح الباب لـ تزويج القاصرات، حيث أعطى الحق للقاضي في الإذن بتزويج الصغير أو الصغيرة.

وأوضح "شومان"، أن مقترح قانون الأحوال الشخصية يفتح الباب لـ تزويج القاصرات حيث أعطى قانون الأحوال الشخصية الحق للقاضي في الإذن بتزويج من لم تلبغ الثامنة عشرة، حيث جاء نص المادة (18): "أهلية الرجل والمرأة للزواج بتمام ثماني عشرة سنة ميلادية، والزواج قبل بلوغ هذه السن لا يكون إلا بإذن القاضي للولي أو الوصي في حالات الضرورة تحقيقا لمصلحة الصغير والصغيرة".

وتابع: أن النظرة الظاهرية لهذه المادة في قانون الأحوال الشخصية دون الوقوف على فلسفتها يعطي بعض العذر للقائلين بأنها تفتح الباب لتزويج الصغار والصغيرات، ولكن الوقوف على فلسفتها قد يجعلها مقبولة عند رافضيها، حيث راعت المادة بعدًا إنسانيًا مجتمعيًا واقعيًا خفي على منتقديها، حيث صيغت المادة بهذا الشكل لبيان أن سن التزويج هو الثامنة عشرة إذ به ينتهي سن الطفولة، ومعنى هذا أن الزواج قبل هذه السن يكون مخالفًا للقانون ويعرض عاقده للمساءلة القانونية، ولكن بالنظر إلى الواقع العملي.

وأوضح: ماذا لو وجدنا فتاة بلغت السابعة عشرة أو أكثر ولكنها لم تبلغ الثامنة عشرة؟، وفقدت أسرتها بالكامل في حادث سير أو أي كارثة جماعية وأصبحت بلا عائل ولا مأوى أو مع عائل يحتاج لعائل يعوله، ووجدت شابًا على استعداد أن يتزوجها ويحفظها من الضياع والتشرد، وحيث إنها لم تبلغ سن التزويج قانونًا، وحيث تريد هذا الزواج لتحمي نفسها شر الضياع والانحراف ألا يكون من المناسب رفع أمرها إلى القاضي، فإن رأى الزواج هو الحل الوحيد لحفظ هذه الفتاة من الضياع أذن في تزويجها إن كان لها ولي فإن لم يكن زوجها هو أو جهة تحددها الدولة".

وأضاف: فما بالنا إذا كنا بصدد مادة زواج القاصرات في قانون الأحوال الشخصية، التي تحفظ حق الحياة ودرء العار المطلوبين شرعًا ولو كان على حساب مادة قانونية من وضع البشر جعلت سن الزواج محددًا بهذه السن الاجتهادية غير الثابتة أو المقطوع بها بدليل رفع سن الطفولة إليها بعد أن كان أقل منها، أم أن قدسية النصوص البشرية أكثر تقديسًا من نصوص الكتاب والسنة القطعية؟!.

جواز زواج المجنون

وقال وكيل الأزهر الشريف السابق، إن الجنون أنواع، منها الدائم والمتقطع، فإذا كان متقطعًا وكان من يجن يفيق أيامًا ويجن أخرى، وأثبت أهل الخبرة أنه مدرك عاقل وقت العقد، فلا مانع شرعًا من إنشائه للعقد حال إفاقته، وإن كان جنونه دائمًا فلا يكون أهلًا لإنشاء العقد، وإنما يتولاه عنه وليه كالصغير، كما يبيع له ويشتري ويطالب بحقوقه أمام المحاكم وغيرها، فلا مشكلة في إنشاء العقد.

وأضاف: "المجنون أو المجنونة من البشر، ولهما حاجتهما الجسدية والنفسية كالعقلاء، فإذا وجد أحدهما شريكًا يرضى بحاله ويعلم أنه قادر على العيش معه دون خوف مضرة، وأثبت التقرير الطبي الرسمي أن هذا الشخص صالح للزواج ولا خوف من سلوكه على شريكه، أليس من المناسب عندئذ إعطاء القاضي الحق في تزويجه، أم أننا ينبغي أن نعاقبه بالحرمان لجنونه ونهدر حقوقه كإنسان؟! ثم أيهما أولى: تزويج هذا المجنون وجعله في كنف من ترعاه ورضيت به أو يرعاها ورضي بها، أم تركه يعيش مع حرمانه أو يلبي حاجاته البشرية بطريق غير مشروع متى وجد له سبيلًا، ولا سيما أنه لا سبيل لعقابه وردعه شرعًا لجنونه؟!

وأشار "شومان" إلى أن هذه المادة في مشروع قانون الأحوال الشخصية

راعت بعدًا إنسانيًّا موافقًا لمقاصد شرعنا الحنيف، وقد كان الأولى الثناء عليها لعدم إغفالها حاجة فريق من البشر فقدوا نعمة العقل، ولكنهم لم يفقدوا إنسانيتهم، ولو أصابتنا نحن العقلاء مصيبتهم لكان من الجميل إحساس إخواننا العقلاء بمعاناتنا وتحقيق احتياجاتنا متى كانت ممكنة.

تأخير ترتيب الأب في حاضنة الطفل

وأوضح "شومان" أنه من الاعتراضات على مشروع القانون، أنه جعل الأب في المرتبة السادسة، وهي مرتبة متأخرة وفيها ظلم للأب، وكان من الأولى أن يكون بعد الأم مباشرة في مسألة الحضانة؟

وقال إن الفقهاء اتفقوا على أن الأم تأتي في الترتيب الأول بين الحاضنين، وذلك لما روي أنَّ امرأةً قالَت: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ ابني هذا كانَ بطني لَه وعاءً، وثَديي لَه سِقاءً، وحجري لَه حِواءً، وإنَّ أباهُ طلَّقني وأرادَ أن ينتزِعَه منِّي. فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: "أنتِ أحقُّ بِه ما لم تَنكِحي"، ولكنهم اختلفوا في ترتيب الحاضنين بعد الأم؛ فهي مسألة اجتهادية، وفيها آراء كثيرة، منها ما يجعل الأب بعد الأم في الترتيب، وهو ما ذهب إليه الحنابلة في رواية ليس عليها العمل عندهم، ومنها ما يجعل الأب في مرتبة بعيدة جدًّا؛ حيث لا تصل إليه الحضانة إلا إذا لم توجد حاضنة من النساء كأم الأم، وأم الأب، وأخواته بأنواعهن الثلاثة... إلخ.

وأضاف أن السبب في ذلك أن المحضون في حاجة إلى رعاية خاصة لا يقوى عليها الرجال، ولا سيما في السن الصغيرة، كما أنه يحتاج إلى تدليل وزيادة حنان، والنساء أكثر قدرة عليهما من الرجال، وما ذهب إليه مشروع الأزهر هو رأي وسط بين هذه الآراء.

وتابع: "وما يتفق عليه غالب الناس من خلال بحث المشكلات من قبل جهات الاختصاص، وأهمها محاكم الأسرة، والمجالس والجمعيات المهتمة بالأسرة، وعلماء النفس والاجتماع، لا مانع من صياغة المادة على أساسه متى كانت تحقق مصلحة المحضون".

وأكد أن المشكلة الأساسية ليست في ترتيب الحاضنين، ولا تقديم الأب أو تأخيره، ولكن في الأطراف نفسها، فغالبًا لا تكون المطالبة بقصد تحقيق مصلحة المحضون بقدر ما تكون تنفيذًا لأغراض وسعيًا لتحقيق انتصار من طرف على الآخر ولو على حساب المحضون! فكثير من الأمهات لا تناسبها الحضانة لسبب أو لآخر كالعمل مثلًا، ومع ذلك تتمسك بالحضانة مستغلة اتفاق الفقهاء على أحقيتها بالحضانة في المرتبة الأولى، مع أن حقها في الحضانة مشروط بصلاحيتها وقدرتها على رعاية المحضون، ولذا تملك الأم هذه الأحقية ما لم تتزوج زواجًا يؤثر على رعايتها للمحضون، وإنما ضرب الزواج كمثال يبين أن العارض الذي يعرض للحاضنة ويؤثر على رعايتها للمحضون يسقط هذا الحق ومن ثم تنتقل الحضانة لمن يليها، وليس المسقط للحضانة الزواج لذاته.

وأوضح: "من وجهة نظري الشخصية، ينبغي إعطاء القاضي صلاحيات أوسع لاختيار الحاضن الأصلح للمحضون من بين الحاضنين، أو حتى من غيرهم إذا لم يجد بين من لهم الحق من يصلح لحضانة الطفل، ولقد كررت هذا الرأي ونشرته أكثر من مرة، ولا سيما بعد مقتل الطفلة جنة على يد جدتها الحاضنة. وعلى أي حال، فإن ما اختاره الأزهر ليس من عنده، بل هو من بين الآراء القوية المسطرة في كتب الفقه، وهو رأي وسط كما سبقت الإشارة إليه، فإن ناسب أكثر الناس فليأخذوا به، وإلا فليختاروا غيره، وسيجدون له تأييدًا في كتب فقهنا أيضًا".

النفقة

وقال شومان، إن من الملاحظات التي يتحدث البعض عنها، أن المواد (95 - 97) تلزم الزوج بالإنفاق على أولاده، وفي حال امتناعه يلاحق قضائيًّا، وهو ما يترتب عليه احتمال الحكم بحبس الممتنع، مع أنه لو حُبس فلن يكون قادرًا على الكسب، ولذا يرى المنتقدون لهذه المواد أنه كان من الأولى النص على خصم النفقة من راتبه بدلًا من الحبس.

وذكر عباس شومان، أنه يلاحظ أن من ذكروا هذا قد افترضوا أن جميع الرجال من الموظفين الذين يملكون دخلًا ثابتًا يمكن أخذ النفقة منه، والواقع ليس كذلك، وفي رأيهم هذا إغفال لمصلحة الأولاد؛ فهم يراعون مصلحة من وجبت عليه النفقة فقط، وكان على المنتقدين أن يفكروا تفكيرًا يوازن بين المصلحتين معًا ما لم يكن تقديم مصلحة الأولاد هو الأولى؛ لأنهم الجانب الأضعف، كما أن مبدأ الحبس في الديون مبدأ مطبق في الديون بصفة عامة، وليس خاصًّا بدين النفقة، ولذا كان عليهم أن يطالبوا بهدم المبدأ من أساسه بعدم الحبس في الديون بصفة عامة، وهو أمر لا يمكن أن يقره عاقل؛ لما فيه من ضياع الحقوق ومساعدة المماطلين مع قدرتهم على الوفاء.

وتابع: من اعتراضاتهم كذلك أن القانون تضمن مادة نزلت بسن الحضانة فجعلت نهايتها للولد سبع سنوات وللبنت تسع سنوات، وهي - في نظرهم - لا تناسب تغيرات العصر وواقع حياة الناس، وكان من الأولى رفع السن للبنت والولد على السواء إلى خمس عشرة سنة.

وأكد "أنه في الحقيقة هذا اعتراض في غير محله، ومشروع القانون لم يخفض سن الحضانة، بل يقترح رفعها لأكثر مما يطلبه المعترضون؛ حيث تنص المادة (100/ب) على أن تنتهي الحضانة بزواج البنت، وبلوغ الصغير خمس عشرة سنة ميلادية كاملة، ويخير بعدها".

الطلاق

وقال شومان إن من بين الاعتراضات على مشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية أنه جعل الطلاق بكلمة من الزوج دون اعتبار للزوجة، كما في المادة (51) وهذا - في نظرهم - يترتب عليه ظلم للزوجة.

وأشار في معرض رده على الانتقادات التي وجهت لمشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية، إلى أن هذا الاعتراض لا يوجه لمشروع القانون؛ لأنه ليس هو من جعل الطلاق بكلمة من الزوج، بل الشرع هو الذي نص على هذا، وذلك في جميع آيات كتاب الله – عز وجل – التي تحدثت عن الطلاق وجهت الخطاب للرجال وليس النساء مثل قوله – تعالى: { إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وهو أمر أجمع عليه الفقهاء.

وأضاف، أن الشرع أعطى في المقابل للزوجة حق الخلع، ولم يعطِ حق التطليق للرجال دون النساء من باب التفضيل، ولكن حفاظًا على الأسر؛ لأن الرجال أكثر تحكمًا في عواطفهم من النساء، فلا تدفعهم العاطفة إلى التعجل في إيقاع الطلاق، ومع ذلك فهذا الحق الذي أعطاه الشرع للرجال دون النساء ليس للهوى والتشهي، فمن يقدم عليه في زوجية مستقرة بلا سبب فطلاقه مبغض من قبل الشرع، فهو أبغض الحلال إلى الله، والطلاق شرع لرفع الحرج عن تعثر إبحار سفينة الزواج وتغلب الأمواج العاتية عليها، وليس للتلاعب بالنساء وإفساد حياتهن بهدم زوجيتها، ولذا جعله بعض الفقهاء حراما متى كان لغير سبب، وهو ما تطمئن النفس إليه ويوافق مقاصد شريعتنا الغراء.

وذكر وكيل الأزهر السابق قول ابن قدامة: (الطلاق من غير حاجة إليه مكروه. وقال القاضي: فيه روايتان إحداهما: أنه محرم؛ لأنه ضرر بنفسه، وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حرامًا، كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».

والرواية الثانية: أنه مباح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق». وفي لفظ: «ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق». رواه أبو داود. وإنما يكون مبغضًا من غير حاجة إليه، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالًا، ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها، فيكون مكروها).

وأوضح أنه بدلا عن السعي لاشتراط موافقة المرأة على الطلاق، وهو مالا تحتمله نصوص الشريعة وفيه من إضرار بها لكونها تتعجل بطلبه خلافا للرجل، يكون التركيز على تحذير الرجال من إيقاعه بلا سبب، وحث الطرفين على اتباع تعاليم شرعنا الحنيف بالعشرة بالمعروف، وتنفيذ وصايا رسولنا الكريم بالنساء حيث قال: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان