مصراوي يحاور أبطال "الصحة" الأربعة المكرمين بمؤتمر الشباب
كتب - أحمد جمعة:
قبل ساعات من انعقاد مؤتمر الشباب السادس، تلقى الطبيب شريف الملواني اتصالا هاتفيًا من وزارة الصحة؛ للذهاب إلى جامعة القاهرة وحضور جلسة "تطوير منظومة التأمين الصحي" باليوم الثاني من المؤتمر: "قالولي تعالى بكره ومعرفش جمعوا البيانات إزاي".
حضّر شريف نفسه وتسلم دعوته وجلس في الصفوف المتقدمة بقبة جامعة القاهرة، دقائق وبدأت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد استعراض منظومة التأمين الصحي الجديدة، والتي من بينها إطلاق البرنامج التحفيزي للمتميزين، قبل أن تطلب من الحضور تكريم 4 من العاملين بالقطاع الطبي، وقتها شعر "شريف" بالفخر لما قدمه خلال 5 سنوات مضت.
انتقل الدكتور شريف الملواني إلى مستشفى العلمين المركزي بمطروح عام 2013 للحصول على درجة مساعد أخصائي التي تتطلب منه العمل في منطقة نائية لمدة 6 أشهر، لكنه رفض أن يغادرها منذ هذا الحين: "كنت رايح أخد الترقية في منطقة نائية، ووقتها كان المستشفى يعاني من عجز بين أطباء العظام، لكنني انبهرت بموقعها والإمكانيات الموجودة فيها والعمل كأسرة واحدة، حتى التعامل الطيب من المرضى المترددين على المستشفى.. مفيش زحمة والدكتور بيدي كل مريض حقه".
"فضلت اشتغل بهذا الوقع لغاية ما مريض في مرة قالي متمشيش من هنا الناس محتجالكم"، مثَّل هذا الطلب دافعًا قويا أمام "شريف" للاستمرار في موقعه.
قدّم "شريف"، طلبا لمد الانتداب لمدة عام وباشر مهام عمله من جديد: "التردد على المستشفى زاد خلال السنين اللي فاتت بسبب الحوادث على الطرق، لكن الفريق داخل المستشفى دايما على قلب رجل واحد، وبقيت منتمي للمكان بشكل كبير، لدرجة إن المرضى من محافظات تانية ييجوا يتابعوا معانا رغم المشوار والسفر".
بمرور الوقت، بدأت الرغبة تزداد لدى الدكتور شريف في تأسيس قسم خاص لجراحة العظام ووحدة للمناظير بالمستشفى: "وصلنا لدرجة متميزة في مستوى العمليات وبدأنا نبحث عن التخصصية في الجراحات مثل المناظير والمفاصل، ولجأنا إلى وكيل الوزارة محسن طه الذي دعمنا بشكل كبير، وقدمنا طلب لشراء منظار وسعينا في الموضوع لغاية ما تم بالفعل".
لا يرغب شريف في الرحيل عن العلمين: "الواحد صعبان عليه المكان"، يتمنى لو استمر في موقعه سنوات بعد سنوات "مكمل في العلمين".
يصف شريف التكريم بمؤتمر الشباب بأنه "أحسن تكريم في حياته خاصة أنه غير متوقع"، لكنه يرى أن هذا التقدير يعد دافعا لكثير من الفرق الطبية التي تعمل في ظروف صعبة أن تستمر وتُحسن من الخدمة المقدمة للمرضى: "الدعم المعنوي أكبر من الدعم المادي بكتير، خاصة الوزيرة ترى إننا جنود مجهولة وتكون شيفانا وتكرمنا قدام مصر كلها".
"العودة للعملية الشاملة"
قبل شهور بدأت العملية الشاملة في سيناء، ومعها رفعت وزارة الصحة درجة الاستعداد بمستشفيات إقليم قناة السويس وسيناء إلى الحالة القصوى.
في تلك الأثناء كان الطبيب أحمد حفني، غادر المستشفى في إجازة: "مكنتش موجود في العريش وقتها، وقطعت إجازتي ورجعت للمستشفى وكنت لسه نازل بعد مدة طويلة قاربت 5 شهور من العمل المتواصل بالمستشفى".
عام و8 شهور حتى الآن قضاها "حفني" في مستشفى العريش، تعامل مع الكثير من الحالات التي تنقل إلى المستشفى على مدار الساعة: "الوضع بقى أهدى شوية، وقبل كده كان صعب"، لم يجبره أحد على الذهاب إلى العريش، بل كانت بمحض إرادته: "أعمل متطوعا بفريق الرعاية العاجلة بوزارة الصحة وأنا من اختار المكان ومكنتش أعرف إن الوضع هناك صعب للدرجادي وكنت بقول هقعد شهر تجربة".
هذا الشهر غيّر قناعات "حفني" تجاه الاستمرار في المستشفى: "لما رحت لقيت البلد محتاجة والظروف صعبة، قررت إننا أكمل هناك"، لا يرى أنه سيترك موقعه في القريب العاجل، بل سيستكمل حتى أن تهدأ الأوضاع بشكل كامل.
التكريم بمؤتمر الشباب لم يكن متوقعا على الإطلاق بالنسبة للطبيب أحمد حفني: "كلمتني دكتورة شيماء من مكتب الوزيرة قالتلي عاوزين بيانات علشان بنعمل قاعدة بيانات للأطباء ومقالتش فيه تكريم خالص، وقبل المؤتمر بيومين كلمتني تاني وشرحت التفاصيل، وبالصدفة كنت إجازة في الوقت ده، ولو كنت موجود في العريش مكنتش هعرف أجي".
ينظر "حفني" إلى التكريم بمؤتمر الشباب بأنه "تغيير في فكر وزارة الصحة"، خاصة منذ تولي الدكتورة هالة زايد منصبها: "الفكر رايح ناحية تكريم الأطباء ورفع كفاءة المنظومة الطبية بشكل كامل بتطبيق قانون التأمين الصحي وده هيفرق مع المواطن المصري".
"نظام في 72 ساعة"
قبل نحو شهر من الآن، طُلب من المهندس أنتوني سمير، رئيس قسم التتبع والتحكم في هيئة الإسعاف، أن يجهز نظامًا إليكتروني يمكن من خلاله الحصول على بيانات جميع مرضى قوائم انتظار العمليات الجراحية في مصر. منحوه مُهلة "72 ساعة" فقط لتسليم النموذج: "عملت تحت ضغط كبير، وكنت بشتغل بدون نوم لمدة 3 أيام".
في الموعد المحدد كان "أنتوني" انتهى بالفعل من الموقع الإليكتروني لتسجيل بيانات المرضى وربطه بجهة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، ومقدمي الخدمة الطبية. سلّمه إلى رئيسه المباشر وأقرته وزيرة الصحة، ليبدأ المرضى في الأيام الماضية تسجيل بياناتهم عليه قبل تحويلهم إلى المستشفيات: "التدخل في موضوع قوائم الانتظار كان مطلوب، ودورنا لم ينقطع بل لا نزال ندخل تطويرًا على النظام لمساعدة للجنة المشرفة على المنظومة".
مبعث سعادة "انتوني سمير" يكمن في أمرين: الأول إنهاء الكثير من العمليات الجراحية للمرضى "لما نشوف مريض تم إجراء العملية له باكون في قمة السعادة"، ثم التكريم بمؤتمر الشباب أمام الرئيس السيسي "موقف سعيد وفخر ليا طول العمر".
"تمريض في ظروف صعبة"
منذ 4 سنوات، التحقت دعاء فتحي بتمريض مستشفى العريش العام.
حصلت على فترة الامتياز ثم أصبحت ضمن الفريق الأساسي للمستشفى، تنقلت بين عدد من الأقسام: "استلمت الشغل في قسم عناية الأطفال، وكان الوضع مش سهل، لأننا بنستقبل أطفال بتكون في حالات خطرة ومطلوب نتعامل معاها بكل دقة"، ثم انتقلت إلى القسم الباطنة وأصبحت تتولى الإشراف عليه حاليًا.
ظروف صعبة يعمل فيها الفريق الطبي بمستشفى العريش، لكن "دعاء" تؤكد أنهم يقدمون كل ما في وسعهم لرعاية المرضى: "بنشتغل 12 ساعة ولو حكم الأمر أكمل في الأوقات الصعبة والحالات الحرجة اللي بنتعامل معاها"، لكن الصعوبات لم تتوقف عند هذا فحسب: "جت فترة مفيش مواصلات وكنا بنمشي حوالي 2 كيلو للمستشفى ومطلوب الالتزام في العمل، والموضوع كان مرهق لكل الناس".
هم في الأساس عرضة لتفجيرات الجماعات الإرهابية: "في طريق شغلي حصلت 4 انفجارات على الطريق اللي بنمشي فيه".
تلقت "دعاء" اتصالات مكتب وزيرة الصحة لتكريمها بفرحة غير مسبوقة: "شعور لا يوصف وحاجة تخليني أدي أكتر ما كنت بشتغل، والتكريم مش ليا بس بل لمستشفى العريش كله، ولأفراد التمريض اللي كل واحد فيهم يستحق تكريم لوحده، وشكرا لوزيرة الصحة إنها شايفة المتميزين وبترفع من روحهم المعنوية".
فيديو قد يعجبك: