خبيران عن استئناف مفاوضات سد النهضة: مراوغة إثيوبية لتجاهل "الدراسات الفنية"
كتب- محمد قاسم:
يخوض وزراء الري والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا، غدًا السبت، جولة مفاوضات جديدة حول بناء "سد النهضة" الإثيوبي، على أن يعقب ذلك جولة أخرى على بحضور وزراء الخارجية ومديري مخابرات الدول الثلاث في 15 مايو المقبل.
وقال الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن عودة اجتماعات اللجان التفاوضية الفنية بحضور وزراء الري بالدول الثلاث مجددًا بعد أكثر من 6 أشهر من آخر اجتماع لها؛ يشير إلى نية إثيوبيا تجاوز الدراسات الفنية بالكامل والاتجاه إلى مرحلة التفاوض حول فترة ملء خزان السد والتفاوض حولها.
في 13 نوفمبر الماضي، أجريت آخر جولة للمفاوضات الفنية بين وزراء الموارد المائية الثلاثة للتشاور حول التقرير الاستهلالي تمهيدًا لبدء الدراسات الفعلية الفنية على السد، وحينها رفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير، وأعلن وزير الري محمد عبدالعاطي فشل المفاوضات، وبعدها تدخلت وزارة الخارجية في الأزمة.
بعد أشهر من التعثر الفني، وتحديدًا في 5 أبريل الماضي، أجري اجتماع تساعي بين الأطراف الثلاثة بحضور وزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات الدول الثلاث في الخرطوم، لكن الاجتماع الذي استمر أكثر من 16 ساعة لم يتوصل لتوافق ليتواصل مسلسل تعثر المفاوضات.
"رسلان"، قال في تصريحات لمصراوي، أن إثيوبيا دعت لاجتماع اللجان الفنية قبل الاجتماع "التساعي" في 15 مايو، رغم أن آخر اجتماعات اللجان الفنية كان في نوفمبر الماضي حينما فشلت الأطراف الثلاثة في التوصل لاتفاق حول التقرير الاستهلالي للدراسات الفنية، وهي خطوة تثير الشكوك حول النوايا الإثيوبية وتعتبر "مراوغة" جديدة من جانب أديس أبابا.
وفي 12 أبريل، وجّه سامح شكري، وزير الخارجية، خطابًا إلى نظيريه السوداني والإثيوبي يدعو فيه إلى عقد جولة ثانية من المفاوضات التُساعية في القاهرة، حول سد النهضة في 20 أبريل، لكن "شكري" أعلن بعد ذلك عدم تلقيه رد من الجانبين السوداني والإثيوبي.
ورأى رسلان أن "البند 5 من اتفاق المبادئ الموقع في الخرطوم عام 2015 ينص على ضرورة إجراء الدراسات الفنية الخاصة بتوضيح الآثار المترتبة على بناء سد النهضة على مصر وبعدها يتم ملء خزان السد لتشغيله، لكن إثيوبيا تحاول المراوغة وتقول إن ستملئ خزان السد بشكل تجريبي وليس بشكل نهائي وغير ملزم انتظار انتهاء الدراسات".
وأكد أن إثيوبيا ماطلت في المفاوضات وأضاعت الوقت حتى لا تتمكن المكاتب الفنية الاستشارية الفرنسية من إجراء الدراسات التي أوصت بها اللجنة الدولية قبل 5 سنوات، حتى اقترب موعد ملء خزان سد النهضة قبل أن تبدأ تلك المكاتب الاستشارية في إجراء دراستها.
وفي مايو 2013، أوصت أول لجنة دولية لدراسة آثار بناء السد الإثيوبي، بإجراء دراسات هندسية تتعلق بارتفاع السد وسعة تخزينه وأمان السد (أهم محور بالنسبة لمصر)، ومائية تتعلق بمؤامة السد مع المياه التي يقف أمامها ونسب التسرب. وبدأت الخطوات الفعلية لإجراء الدراسات في أغسطس 2014.
وقال: "هناك نية إثيوبية مبيتة بالمماطلة وعدم إكمال مسار الدراسات الفنية، لأنها ستثبت أن هناك ضررًا على مصر وسيترتب على ذلك مطالبات مصرية أخرى لتعديل بناء السد، وهو ما يعني ضياع أكثر من 4 سنوات من الاجتماعات والمفاوضات حول إجراء الدراسات واختيار المكاتب الاستشارية".
ورأى أن المفاوضات الآن يحيطها الكثير من الغموض وليس معروفًا حتى الآن ما يدور فيها، لكن المعلومات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن إثيوبيا تحاول القفز على خطوة الدراسات الفنية.
وأكد أن هناك تسريبات سودانية وإثيوبية تقول إن مصر طلبت وجود بعثة فنية مصرية دائمة لمتابعة خطوات ملء وتشغيل السد وهو ما تعارضه إثيوبيا بشدة -بحسب قوله.
فيما أبدى عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الإفريقية في جامعة القاهرة، استغرابه من دعوة اللجان الفنية بالدول الثلاث للاجتماع بطريقة مفاجأة رغم فشل اجتماعهم السابق في نوفمبر الماضي، قائلاً: "كان من المفترض أن تُستكمل المفاوضات على المستوى التساعي بحضور وزراء الخارجية ومديري مخابرات الدول الثلاث والتي عقدت في 5 أبريل".
وأوضح شراقي في تصريحات لمصراوي، "الاجتماع التساعي لم يتوصل لاتفاق في اجتماعه السابق بالخرطوم، ومصر وجهت الدعوة لاستكمال المفاوضات على هذا الأساس، فلماذا تستأنف المفاوضات على المستوى الفني فقط؟"، مردفًا: "دعوة إثيوبيا لاستكمال المفاوضات على المستوى الفني فقط غدًا السبت، جاء لامتصاص الغضب المصري لعدم رد إثيوبيا والسودان على دعوة مصر للاجتماع في القاهرة يوم 20 أبريل".
وعن موقف الدراسات الفنية، قال "شراقي"، إن المفاوضات باتت تتركز حول فترة ملء خزان سد النهضة وكذلك مسألة تشغيل السد، مؤكدًا أن الموقف المصري لايزال يتبع المرونة في المفاوضات ولم يصعد من الأزمة حتى الآن.
وقبل يومين من عقد الجولة، التقى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، وعمر البشير الرئيس السوداني أمس، وقال أبي أحمد: "ليس لدينا أي نية لإلحاق الأذى بالسودان أو بمصر وإن مناقشاتنا واستخدامنا لمياه نهر النيل سوف يكون على أساس إعلان المبادئ المتفق عليه بين الدول الثلاث".
فيما رأى الباحث في مركز الأهرام، أن تصريحات رؤساء وزراء إثيوبيا الثلاثة الذين تعاقبوا منذ بداية قضية سد النهضة تتناقض مع أفعالها حيث "تراوغ" منذ بداية بناء السد لفرض أمر واقع على مصر.
اقرأ أيضًا:
7 سنوات من المفاوضات.. وأزمة سد النهضة "مستمرة" - تسلسل زمني
"ندعمه منذ أن كان فكرة".. تصريحات قادة السودان وإثيوبيا عن سد النهضة
فيديو قد يعجبك: