في انتظار مصير مجهول.. حكاية بائعين من قلب العتبة

كتب- محمد نصار:

على أحد الشوارع المؤدية لميدان العتبة جلس "حسن خلف" 81 سنة، مستندًا إلى السور الحديدي الذي يفصل الميدان عن رصيف الأبنية، يحاول الاحتماء من حرارة الشمس الشديدة، بعد أن اطمئن على ذهاب أجهزة الأمن التي تنفذ حملة إزالة.

يحاول خلف بسرعة إعادة فرش بضاعته بعد أن غادرت قوة إزالة الإشغالات، قائلًا: الحمد لله مخدوش مني حاجة، أنا عايز بس أعيش وآكل".

ما يزيد عن 25 عامًا قضاها المسن، الذي تعود جذوره لمحافظة سوهاج في جنوب مصر، بين شوارع وأرصفة ميدان العتبة، ولا يريد أن يتركه الآن ليبحث عن مكان جديد لا يعرفه، وربما لن يجده رائجًا بنفس درجة العتبة، حسبما روى لـ"مصراوي".

تنوعت بضاعة المسن السوهاجي، بمرور السنوات ما بين الملابس والأحذية وصولًا إلى المبيدات الحشرية والمركبات الكيميائية، والتي يجد فيها سبيله الوحيد لكسب الرزق.

كان عم خلف مضاعفًا، فليس هم الفقر فقط أو الحاجة إلى العمل الشاق في هذه السن المتقدمة، بل يعاني أيضًا جفاءً من أولاده، والبالغ عددهم 11 ما بين ذكور وإناث، لكنهم جميعًا لا يهتمون بأمره.

وعلى امتداد خطوات من عم "خلف" افترش "محمود عبدالعال"، جزء من الرصيف بعدد من ألعاب الأطفال، وجلس خلفها وسط أقدام المارة التي سرعان ما تزايدت عقب انتهاء حملة الإشغالات.

وسط ضجيج أصوات الباعة المنتشرين في كل مكان، خفت صوته وهو يقول "قربي يا مدام.. فرحي ولادك بلعبة رخيصة"، في محاولة منه لجذب انتباه المارة عل أحدهم يقبل على الشراء منه، بعد أن استعاض بالصوت العالي عبر موقعه الجيد، مؤكدًا أن العتبة أفضل مكان يمكنهم كسب رزقهم فيه، وليس لديهم أي استعداد للتخلي عنه.

يضيف عبدالعال: "كنت في الترجمان ومن بعده أحمد حلمي، ثم أتيت إلى العتبة منذ عام تقريبًا، فوجدت هنا رزقا أوفر وحركة رواج أكبر، هنا مبندفعش فلوس بس مفيش مشكلة ندفع ويسيبونا".

يعبر الرجل الأربعيني، عن سعيه الحثيث خلف الرزق الوفير، بأنه خلال تواجده في الترجمان ظل 15 يومًا لم يبع فيها سوى بـ5 جنيهات فقط، ما دفعه للمغادرة والقدوم للعتبة.

4 أطفال فوقهم والدتهم يدفعونه للعمل اليومي بشكل مستمر فلا مجال هنا للراحة، لأن الراحة تعني الجوع، على حد تعبيره، إلى جانب سكنه بالإيجار الذي يرتفع بشكل سريع في ظل ارتفاعات الأسعار الكبيرة.

وتنفذ محافظة القاهرة بالتعاون مع وزارة الداخلية حملة إزالة مكبرة لإشغالات الباعة الجائلين في منطقتي العتبة والموسكي، بدأتها الأحد الماضي، ومن المقرر أن تستمر حتى القضاء على أي باعة جائلين في هذه المناطق.​