"جنود مجهولة".. وحدة صحية بالعريش تنقل تطعيمات شلل الأطفال بـ"الكارو"

كتب- أحمد جمعة:

جنود مجهولة في سيناء، تساعد مع القوات المسلحة، في الإجراءات المتخذة لضمان عدم تأثر الأهالي بالجهود المبذولة للقضاء على الإرهاب، وبالتزامن مع العملية العسكرية الشاملة التي تشنها قوات الجيش والشرطة، أطلقت وزارة الصحة حملة قومية للتطعيم ضد شلل الأطفال منذ يوم الأحد الماضي، الأمر الذي دفع الفريق الطبي في المدينة السيناوية للبحث عن طرق غير تقليدية للنزول إلى الشارع وتنظيم فرق متجولة تعطي التطعيمات لأطفال العريش.

أحمد عكاشة، مراقب صحة بالوحدة الصحية بمركز العبور بالعريش، ظلّ لساعات يبحث عن حل لتوقف سيارته الخاصة عن السير داخل المدينة، فمعه التطعيمات التي وفرتها الوزارة، وبقي يومين فقط على انتهاء الحملة (اليوم الأربعاء)، الأمر الذي دفعه لاستقلال "عربية كارو" لنقل التطعيمات للفرق الثابتة داخل دائره عمله.

"اتغلبنا على كل الظروف اللي بتواجهنا أنا وفريق التمريض الخاص بي باعتبار كل طفل مستهدف من حملة التطعيم زي أولادنا".. هكذا تحدث "عكاشة" لمصراوي، عن استقلاله "الكارو" بدلًا من سيارته "الملاكي" لتوزيع تطعيمات شلل الأطفال: "تخيلنا الكرسي المتحرك وعليه طفل عاجز من أطفالنا، وهو بيتحرك أمامك"، ولم تكن هذه الطريقة محل سخرية من المواطنين على الإطلاق: "الناس عارفة الظروف، وبيقدروا إننا اتغلبنا عليها".

لـ 5 سنوات مُتصلة عمل "عكاشة" داخل مدينة العريش، في بدايته تولى مهمة "مراقب أغذية" بالمدينة، قبل نقله إلى إدارة "مراقبة الأوبئة". يعرف دورب المدينة، بوحداتها الصحية، بأهلها الرابضين في مواجهة جماعات الإرهاب: "زي ما في ناس بتحارب الإرهاب، إحنا بنحارب شلل الأطفال، وهنحافظ على مصر خالية من المرضين".

"مغامرة".. هكذا ينظر "المراقب الصحي" إلى عمل الفرق الطبية بشمال سيناء، لكنهم قبلوا التحدي: "بصراحة، بالنسبالي وبالنسبة لباقي الناس، الخروج وتغطية الأطفال المستهدفة من التطعيم في حد ذاته مغامرة في ظل الظروف دي، لكن إحنا قد المسؤولية.. ومبخافش، وكل واحد بيخدم وطنه من موقعه".​

قصص من هذه كثيرة يسطرها الفريق الطبي داخل مدينة سيناء: "كل واحد طلع الحملة أول اشتغل في الإسعاف أو مستشفى، من أول الدكتور لغاية العامل، كل واحد واجهته مشاكل وحلها، وأصبحت لها قصة يتكتب عنها"، موضحًا أن عمله لا يقتصر على أوقات الحملات الطبية التي تطلقها وزارة الصحة فحسب "لا يقتصر عملنا على التطعيم، بل بنتابع الأمراض المعدية وبنعمل زيارات للمنازل المصابة ونجري حصر لها، ونتابع الحالات حتى مرحلة الشفاء".

​"تم الوصول للمستهدف وتخطيه بنسبة 106% بمجهود الزملاء وفرق التمريض".. حسبما ذكر "عكاشة" لوكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، الدكتور عربي محمد، الذي قال بدوره: "برغم الظروف الاستثنائية الراهنة، إلا إننا عازمون على آداء واجبنا الوطني والأخلاقي تجاه أطفالنا بشمال سيناء، والمراقب الصحي بمنطقة العبور ضرب خير مثال في التضحية وآداء الأمانة".