لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى وفاته.. "في الشعر الجاهلي".. أشرس معارك طه حسين الفكرية

07:12 م الأحد 28 أكتوبر 2018

طه حسين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد عاطف:

لايزال كتاب "في الشعر الجاهلي" الذي ألفه الدكتور طه حسين، يحفظ مكانه كأهم كتاب عربي صدر في العصر الحديث، وكذلك تحتفظ المعركة التي خاضها عميد الأدب العربي، على إثر صدور الكتاب مكانها كأهم وأضخم معركة فكرية خاضها المثقفون المنتمون للفكر التنويري ضد الرجعية.

وبالتزامن مع ذكري وفاة عميد الأدب العربي، يستعرض "مصراوي" أشرس معارك طه حسين الفكرية، والتي قادته للمحاكم، ووصلت لحد التكفير، والهجوم من قبل قادة دينين وسياسين وقتها.

لم تأت أهمية الكتاب من فراغ؛ لكن لأنه كان بمثابة صدمة قاسية للتفكير العربي السائد في العصر الحديث، فهو أهم كتاب وضع أسس المنهج العلمي الحديث في اللغة والأدب.

وفجر الكتاب عاصفة حادة، وجدل واسع، استمر ما يقرب من عشر سنوات كاملة، بدأت فور انتهاء عميد الأدب العربي من كتابته، وإلى أن برأت المحكمة العميد من الاتهامات التي وجهت إليه، وتمثلت في الكفر والزندقة وغيرها من اتهامات كاد يدفع حياته ثمنها.

واعتمد الأديب الراحل في تناوله للكتاب على المنهج الديكارتي، (نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي ديكارت) وهو منهج يعتمد على الشكل في كل شيء، بل ويرفع شعار "أنا أشك إذن أنا موجود".

ويرى العميد أن الشعر الجاهلي تم تفصيله على القرآن، كالثوب الذي يتم تفصيله على لابسه، لاكتساب عدد من الخصال والمكاسب التي كانت القبائل العربية تتباهى بها في العصر الجاهلي، كأن تتباهى بشعرائها وبما قدموه، كما أن تتباهى بحضارتها المزعومة وإنجازاتها، وغير ذلك من الأمور، ومن هنا كان رأيه ضرورة مراجعة كل ما قيل على الشعر الجاهلي، وعدم التسليم بكل ما وصلنا منه.

ويؤكد صاحب "الأيام" في كتابه المثير للجدل "في الشعر الجاهلي"، أن صورة الحياة الجاهلية في القرآن، مخالفة لما هو موجود في الشعر الجاهلي، فحياة الشعر الجاهلي في القرآن مشرقة وجميلة، على عكس ما هو موجود بالشعر الجاهلي، التي اقتصرت على جوانب الغزل والإبل والصحراء والحرب وغيرها، دون أن يتطرق الأمر من قريب أو من بعيد للدين السائد وقتها، مشيرا إلى أن أفضل طريق لمعرفة فترة الجاهلية يكون القرآن نفسه.

ردود الأفعال التي أثارها الكتاب، لم تقتصر على المستوى الثقافي فقط، وإنما امتد ليصل إلى المستوى السياسي، أيضا وفق ما أكده العميد نفسه في لقاء له مع برنامج "كاتب وقصة" للمذيعة سميرة الكيلاني، حيث قال: إن الثورة التي فجرها الكتاب من خصومة مع بعض الأطراف لم تكن خصومة دينية ولا أدبية وإنما كانت خصومة سياسية، وشارك فيها الأزهر باسم الدين، ولكن شيخا من شيوخه تبرأ من أن يكون له دخل في هذه الخصومة، ودعا على الذين حرضوه، وحرضوا الأزهر على هذه المشاركة.

وأكد العميد أن حزب الوفد الذي وقف ضد الكتاب، وقدم نوابه استجوابا في البرلمان، كان ظاهر الأمر دينيا وباطنه سياسيا، بسبب مواقفه التي سطره في جريدة السياسة التي أصدرها الأحرار الدستوريين وقتها، مشيرا إلى أنه تلقى تهديدات كثيرة بالقتل من أجل هذا الكتاب.

كل هذه الثورة التي فجرها الكتاب، أدت إلى سحبه من الأسواق لتعديل بعض أجزائه، وقامت وزارة إسماعيل صدقى باشا عام 1932م بفصل مؤلفه من الجامعة كرئيس لكلية الآداب، فاحتج على ذلك رئيس الجامعة أحمد لطفي السيد، وقدم استقالته، ولم يعد طه حسين إلى منصبه إلا عندما تقلد الوفد الحكم عام 1936.

وبعد ما يزيد على تسعة عقود من إصدار الكتاب الأزمة، نرى العميد قد انتصر على كل معارضيه، بعد أن صار ما كان يطالب به "حسين" واقعا بل ويتم تدريسه في عدد من المناهج التعليمية، وبعد أن كان البعض يسخط عليه سخطا شديدا صار يتم تدريسه، وهو أكبر مكافأة لعميد الأدب العربي.

فيديو قد يعجبك: