لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

معرض القاهرة للكتاب ..عرس ثقافي يجيب على أسئلة القراءة حول العالم

10:54 ص السبت 27 يناير 2018

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة - (أ ش أ):

مع افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب أمام الجمهور اليوم السبت في دورته التاسعة والأربعين تحت شعار "القوة الناعمة-كيف؟" يكون أهم حدث ثقافي مصري على مدار العام قد بدأ بمشاركة 27 دولة من بينها 15 دولة عربية فضلا عن دولتين إفريقيتين وعشر دول صديقة أخرى ويكون "عرس الكتاب" قد انطلق ليجيب على أسئلة القراءة التي أمست أسئلة كونية تتوالى حول العالم.

وكانت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم قد افتتحت مساء أمس "الجمعة" رسميا فعاليات الدورة التاسعة والأربعين لهذا العرس الثقافي المصري في أرض المعارض بمدينة نصر وتفقدت أجنحة عدة دول من بينها الجزائر ضيف الشرف، فيما يفتح المعرض أبوابه أمام الجمهور اعتبارا من الساعة العاشرة صباح اليوم وحتى العاشر من شهر فبراير المقبل.

ولأنه "معرض لا يضارعه معرض آخر للكتاب في العالم من حيث عدد الزائرين" الذي تجاوز في العام الماضي الـ 4 ملايين زائر حسب تقديرات رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور هيثم الحاج علي فمن الطبيعي أن يسهم معرض القاهرة الدولي للكتاب في الإجابة عن أسئلة كونية بشأن القراءة.

ومن الطبيعي والمنطقي أيضا أن تتجه أنظار المعنيين بقضايا القراءة حول العالم لهذا العرس الثقافي المصري للكتاب الذي يصل عدد أجنحته إلى 1194 جناحا ويشارك فيه 849 ناشرا من بينهم 368 ناشرا من دول عربية فضلا عن ناشرين إفريقيين وعشرة ناشرين أجانب.

كما تشارك بإصداراتها في الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب سبع مؤسسات صحفية مصرية و33 مؤسسة حكومية إضافة إلى 117 من أكشاك سور الأزبكية، ولفت الدكتور هيثم الحاج إلى إقامة "معرض خاص للكتاب المخفض بالتعاون مع اتحاد الناشرين المصريين" في سياق هذا العرس الثقافي الذي تزهو به القاهرة كل عام منذ 49 سنة.

ولئن ترددت مقولات مثيرة للقلق مثل "أزمة القراءة" فإن الإقبال الجماهيري على معرض القاهرة الدولي للكتاب قد يقلص من حيز القلق الذي تثيره مثل هذه المقولات الباعثة على التشاؤم فيما قال الدكتور هيثم الحاج إن مبيعات الهيئة المصرية العامة للكتاب في دورات سابقة بالمعرض زادت بنسبة 150 في المائة.

وإذ يقول القاص والفنان البريطاني مارك بيلينجهام إن "القراءة لابد وأن تكون متعة" مؤكدا أنه "ينحي جانبا أي كتاب عندما يفتقر للمتعة أثناء قراءته" فواقع الحال أن قضايا القراءة في العالم أو "علم القراءة" كما يحلو القول للبعض باتت تشكل تخصصا ثقافيا له أعلامه من المثقفين الكبار المهمومين بهذه القضايا مثل الكاتب والروائي والمترجم الأرجنتيني الأصل والكندي الجنسية البرتو مانجويل.

والبرتو مانجويل وهو وصاحب عدة كتب وأعمال ثقافية لافتة بمنظورها الكوني على هذا المضمار مثل "تاريخ القراءة" و"فن القراءة" يرى أن "التاريخ الحقيقي للقراءة هو في الواقع تاريخ كل قارئ مع القراءة".

وفيما يقول المهموم بقضايا القراءة وعاشق الكتاب البرتو مانجويل إن "الإلحاح للحصول على كتاب وامتلاكه هو نوع من الرغبات التي لا يمكن مقارنتها بأية متعة أخرى" فلعلها حقيقة تسعد هذا المثقف بقدر ماهي باعثة على التفاؤل لأي مثقف مصري أن تمتد صفوف الزوار طويلا أمام بوابات الدخول والأجنحة المختلفة بأرض المعارض بمدينة نصر برهانا على أن مصر دولة صديقة للكتاب.

وفي الأعوام الأخيرة كان من اللافت بالفعل لأي مراقب للحياة الثقافية توافد حشود على معرض الكتاب وخاصة من الشباب في ظاهرة استوقفت المعنيين بعالم الكتاب والنشر وبصورة تدعو عمليا لعدم التسليم المطلق بمقولات باتت أشبه بالمسلمات دون محاولة للتمحيص أو التحقق من صحتها مثل مقولة إن عصر القراءة والكلمة المطبوعة قد انتهى وأصبحنا في عصر الصورة ومقاطع الفيديو والمشاهدة!.

ولئن كانت القراءة "متعة" عند القاص والفنان مارك بيلينجهام الذي يحذر المؤلفين من تحويل الكتب "لنوع من حروب الاستنزاف والإرهاق للقراء" فإن البرتو مانجويل يذهب إلى أن اقتناء الكتاب مع فعل القراءة أمر يمنح البعض معنى حقيقيا للوجود في الحياة.

وتشكل "قضايا القراءة" هما ثقافيا في الثقافة والغربية وقد تكون أحيانا سببا لتناول طريف يتجلى في إبداعات روائية أو آراء وطروحات طريفة مثل الدعوة التي أطلقها مثقف بريطاني مؤخرا لكتابة تاريخ القراءة في فراش النوم ناهيك عن رؤية الكاتب الإيطالي الراحل ايتالو كالفينو لقضايا القراءة والعلاقة ما بين المؤلف والقارئ.

فمن الطريف أن يقول الكاتب الروائي البريطاني هوارد جاكوبسون أن هناك حاجة "لكتابة تاريخ القراءة في السرير" معتبرا أن ما كتبه الأرجنتيني المولد والكندي الجنسية البرتو مانجويل في عمله الأدبي الشهير والمثير للدهشة :"تاريخ القراءة" لا يكفي في ظل متغيرات الحياة السريعة في العصر الرقمي.

وفي هذا العصر الذي تعددت فيه "عوامل طاردة لخصوصية القراءة" يطرح هوارد جاكوبسون السؤال :"كم منا مازال يقرأ في السرير" أو فراش النوم ؟! مضيفا أنه كان لا ينام قبل أن يقرأ 30 صفحة من قصة والآن فإنه يسهر حتى وقت متأخر أمام شاشة التلفزيون لمتابعة آخر الأخبار!.

وإذا كان الكاتب والناقد والأكاديمى ريك جيكوسكى الذي تولى من قبل رئاسة لجنة تحكيم جوائز البوكر قد أقر بأنه "يقرأ لمتعة القراءة ذاتها ولأنه يشعر بالسعادة في صحبة الكتاب" فإن ما يصفه البعض "بالصخب الكرنفالي" أو الطقوس الاحتفالية الشبابية في معرض الكتاب ليست بالظاهرة التي تتعارض بالضرورة مع الاحتفاء بالكتاب بل أنها تضفي المزيد من البهجة على هذا العرس الثقافي الذي يشكل الشباب عماده بقدر ما تنفي أن الثقافة تعني العبوس أو التجهم.

وقال الدكتور هيثم الحاج علي :"في معرض هذا العام وضعنا محورا خاصا بالشباب سنناقش من خلاله جميع المبادرات الشبابية التي صنعها الشباب على الأرض وكيفية تفعيلها وتنميتها كجزء من القوى الناعمة".

ولفت الحاج علي إلى أن نسبة الشباب بين الزائرين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في السنوات الأخيرة لا تقل عن 65 في المائة أي أنهم "عماد المشهد" و الفئة الأكبر بين الجمهور الزائر فيما كان شعار الدورة السابقة للمعرض :"الشباب وثقافة المستقبل".

ومن قبل نوه هيثم الحاج علي بأن معرض القاهرة الدولي للكتاب هو ثاني أهم وأكبر معرض في العالم بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب فيما أكد على استمرار خدمة "عم أمين" للعام الرابع على التوالي وهو "تطبيق إلكتروني إرشادي يخدم جمهور الزائرين للمعرض".

وإذا كان من المطلوب والمفيد أن تبقى أسئلة القراءة مطروحة مصريا وعربيا وعالميا مع تحديات تبحث عن حلول وطموحات بإعلاء قيمة الكلمة والكتاب فينبغي ملاحظة ظاهرة دالة في معرض الكتاب في الأعوام الأخيرة وهي الإقبال الكبير على الكتب ذات المحتوى الثقافي الجيد.

ومنذ أكثر من نصف قرن صدر كتاب حول قضايا القراءة في مصر والعالم العربي بعنوان :"لماذا نقرأ"؟ فيما صدرت طبعة جديدة منه مؤخرا وهو يحوي رؤى وطروحات لآباء ثقافيين ومبدعين كبار مثل عباس محمود العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ويحيي حقي واسماعيل صبري عبدالله وحسين فوزي وحلمي مراد والسيد ابو النجا وجمال العطيفي وصلاح عبد الصبور.

وفي هذا الكتاب الذي صدرت طبعة جديدة منه مؤخرا ويعيد للأذهان "زمن الغرام بالقراءة" والصادر ضمن سلسلة "اقرأ" التاريخية الشهيرة لدار المعارف يلتقي القارئ العربي بهؤلاء المثقفين الكبار في فصول متتابعة حول "القراءة" وخبرات وآراء وانطباعات مثيرة للدهشة بقدر ماهي ممتعة ومفيدة لاستعادة عادة القراءة.

ولعل اللقاءات المباشرة بين الكتاب والمؤلفين مع القراء في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يشهد الكثير من احتفاليات توقيع الكتب الجديدة ظاهرة تصب في مربع خدمة قضايا القراءة وبناء المزيد من جسور التواصل الإنساني بين الجماعة الثقافية والجماهير في وقت يتحدث فيه مفكرون مثل الدكتور مراد وهبة على أن النموذج المطلوب للمثقف في القرن الواحد والعشرين هو "المثقف الجماهيري".

وإذ درج اتحاد الناشرين المصريين على دعوة دور النشر المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بمنح خصومات خاصة لطلاب الجامعات والشباب عموما فان الهيئة المصرية العامة للكتاب تقدم هذا العام تخفيضات هائلة تصل نسبتها في بعض الإصدارات ل90 في المائة.

ونوه الدكتور هيثم الحاج علي بأن طلاب المدارس والجامعات يتمتعون هذا العام بأكبر نسبة خصم على إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب سواء داخل المعرض أو عبر منافذ البيع الأخرى فيما يتجه معرض القاهرة الدولي للكتاب اتجاها إيجابيا بتخصيص "سرايا للكتب المخفضة الأسعار" إسهاما في مواجهة ظاهرة الارتفاع الكبير في أسعار الكتب لدى بعض الناشرين.

وفيما تشير دراسات إلى أن العامل الاقتصادي أو القدرة الشرائية تنطوي على أهمية كبيرة في مسألة القراءة أوضحت دراسة منشورة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن نسبة قدرها 48 في المائة من الشباب المصري في الفئة العمرية من 15-29 عاما تأتى القراءة في المرتبة الثالثة ضمن هواياتها كما أظهرت أهمية المكتبات العامة لأن نسبة تصل إلى 61 في المائة من بين هذه الفئة تعتبر الاستعارة من المكتبات هي المصدر الأساسي لقراءة الكتب.

وعلى المستوى العربي يفيد "تقرير المعرفة العربي" أن عدد متوسط ساعات القراءة للإنسان العربي يبلغ سنويا نحو 35 ساعة من بينها نحو 15 ساعة للمجالات ذات الصلة بالدراسة أو العمل كما يوضح التقرير وهو ثمرة لجهد مشترك بين "مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي" أن المتوسط العربي لعدد الكتب المقروءة سنويا يبلغ نحو 16 كتابا من بينها نحو سبعة كتب للمجالات ذات الصلة بالدراسة أو العمل.

ويسلم الناشرون بأهمية العامل الاقتصادي في قضايا القراءة واقتناء الكتاب فيما تنتج مصر نسبة تتجاوز 85 في المائة من الكتب في العالم العربي واعتبر بعضهم أن السبيل لصنع "مجتمع قارئ" يتمثل في قيام الأسر بتنمية عادة القراءة لدى الأبناء واهتمام مؤسسات التعليم بالمكتبات وتيسير سبل الاستعارة والتوسع في إنشاء المكتبات العامة.

ولأن أسئلة القراءة تشكل هما عالميا وعابرا للثقافات فها هي الكاتبة الأمريكية إيلي كابلان تتناول عبر منصة "ميديوم" للنشر الإلكتروني أهمية القراءة وسبل زيادة معدلاتها مؤكدة أن "القراءة مفتاح رئيس للنجاح" ومعيدة للأذهان بعض النماذج الشهيرة عالميا كأمثولة للنجاح مثل الملياردير بيل جيتس حيث عمد هذا المبرمج العبقري والمؤسس لشركة" مايكروسوفت" لتكريس حيز كبير من وقته للقراءة.

والأمر المهم عند مثقفة مهمومة بقضايا وأسئلة القراءة مثل ايلي كابلان "تحويل القراءة إلى عادة يومية" فيما تنقل عن خبراء ومتخصصين في قضايا القراءة أنه إذا كان المرء يريد حقا أن يقرأ فسيجد الوقت للقراءة مثلما يجد الوقت " لممارسة الألعاب ومشاهدة التلفاز وتصفح الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي".

وترى ايلي كابلان أن من فوائد القراءة أنها "تقلل الشعور بالتوتر وتزيد من مستويات التركيز وتساعد على تقوية الذاكرة" لافتة إلى أن هناك "الكثير من الأوقات المهدرة أو الخفية على مدار اليوم يمكن استغلالها في القراءة".

وحتى على مستوى الكتابة الرقمية أو على الانترنت فثمة نصائح في الصحافة الثقافية الغربية من أجل جذب المزيد من القراء وهى نصائح موجهة للكتاب مثل ضرورة استغلال جوانب القوة في الوسيط الإلكتروني والبحث عن الأفكار المتفردة والملهمة والاهتمام بجماليات الأسلوب والعرض والسعي لإحداث الانفعال المنشود لدى القارئ بكتابة متقنة ومفعمة بالمشاعر مع اتفاق عام على أن الكاتب هو في نهاية المطاف "محصلة ما يقرأه".

ولئن كان الجدل حول "دوافع القراءة" يضارع في الثقافات عبر العالم ذلك الجدل حول "دوافع الكتابة" فمن الجدير بالتقدير في سياق السعي لتحفيز عادة القراءة أن تقوم بعض المكتبات الخاصة بإتاحة حيز للقراءة المجانية لتسهم بذلك بدور مهم في خدمة قضايا القراءة إلى جانب الدور المشهود للمكتبات العامة ومعارض الكتب التي يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من اكثرها أهمية وشعبية وشهرة على مستوى العالم .

فلننصت إذا بالتفاؤل كله لحوارات القراء والكتب في معرض القاهرة الدولي للكتاب أو هذا العرس الثقافي المصري الكبير فيما تضيف مصر الخالدة صفحات مهمة للتاريخ الكوني لبهجة القراءة!.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك: