لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شماس كنيسة طنطا يروي لمصراوي.. كيف قطع صوت الانفجار ترانيم صلاة العيد؟

12:28 م الثلاثاء 11 أبريل 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نورا ممدوح وأحمد جمعة:

في أحد أروقة مستشفى معهد ناصر بالقاهرة، كانت أصوات ترانيم صلاة الجنازة على ضحايا تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، تكسر سكون غرفة الشماس "كيرلس عوض" أحد المصابين جراء تفجير كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا. يرقد على سريره يشاهد بعض اللقطات التليفزيونية التي تُعرض لإناس كُتبوا في سجلات ضحايا التفجير، لا يجول في خاطره سوى أنه كان قاب قوسين أو أدني أن يكون بين هؤلاء الـ 28 شهيدًا الذين صعدوا إلى السماء جراء الحادث.

يتحسر كيرلس على هؤلاء الصاعدين إلى السماء. يُعزي نفسه أنهم الآن أفضل حالًا. بخطوات حثيثة اقتربنا منه، حاولنا الحديث إلا أنه لم يسمع لنا، طالبنا والده أن نقترب منه ويعلو صوتنا، إذا أصابته إحدى شظايا التفجير بثقب في الأذن الوسطى. يقول "كنت قاعد في المكان المخصص للشمامسة ناحية الشمال، كنا بنصلي وفجأة الدنيا بقة حمرا وحسيت إني طرت ووقعت ع الأرض ومحستش بحاجة غير حد بيفوقني".

تربى كيرلس منذ صغره بين أحضان تلك الكنيسة، يُدرك معالمها واتجاهاتها، كادت الشظايا أن تودي بحياته، لولا تواجده خلف هذا العمود الخرساني: "ربنا نجاني بفضل العمود اللي كنت واقف واره، هوّ اللي فداني والشظايا كلها جت فيه، بخلاف حاجات بسيطة أصابتني وتسبب في ثقب في أذني".

لم يستطع الشاب العشريني إدراك ما جرى، ينظر حوله هنا وهناك لا يجد سوى أشلاء كل من كان واقفاً بجواره "كل اللى ماتوا نعرفهم وفيه واحد صاحبي أكتر من أخويا في حالة حرجة في المستشفي الجامعي. فجأة بقيت وسط دم وأشلاء". لم يمر سوى دقائق حتى جاء من يحمل " كيرلس" لنقله إلى المستشفى: "شالوني على الإسعاف وروحت مستشفى المنشاوي، أسعفوني ولكن لجنة الصحة أمرت بنقلي إلى هنا -معهد ناصر-".

لم يتخيل "كيرلس" يوماً أن يخرج من كنيسته في سياة إسعاف تاركاً خلفه أثار دمار ودماء: "دي كنيستي اتربيت فيها من صغري من وأنا شماس حتى بقيت أستاذ. ليا ذكريات في كل ركن فيها وإحنا كنا بنصلي ونكلم ربنا وقتها ليه يحصل كده؟!".

 

ما وقع بكنيسة مارجرس لم يثني "كيرلس" عن الذهاب إليها مرة أخرى، هيّ بيتها الثاني، وملاذه في التضرع إلى ربه، يحمل همومه وآلامه فينقلها إلى ربه في صلواته: "أنا هرجع الكنيسة لما أخف ودا شئ اكيد وهلبس التونيا بتاعتى وهخدم فيها واعيش حياتى عادي. إحنا مش بنخاف ولا هنخاف".

نار الدمار والانفجار لم تُذهب ما في قلب الشباب من محبّه. يستبدل الذي هوّ أدنى بالذي هوّ خيّر. يسترجع وصايا السيد المسيح "احبوا أعدائكم. احسنوا إلى مبغضيكم". بل تخطى ذلك إلى الصلاة إلى هؤلاء المجرمين كي ينفضوا من غيهم: "عايز أقول للي عمل كدا إحنا بنصليلك إن ربنا يهديك ويزرع في قلبك الحب والإنسانية وان ربنا يغير قلبك. الله محبة ولو انتو مش في قلبك المحبة يبقة متعرفش ربنا وهو خلقنا علشان الحب. ربنا ليس آله دمار".

كيرلس هوّ واحد من بين 10 حالات جرى نقلهم إلى معهد ناصر. يقول الدكتور هاني راشد مدير المعهد إن حالته مستقرة، وتم إخضاعه لعدة فحوصات للاطمئنان على حالته، وفي غضون 48 ساعة سيغادر إلى منزله بعد الانتهاء من معالجة الثقب في أذنه.

وقع ما جرى آثر على أسرة كيرلس، فبجوار تجلس والدته مرتدية زياً أسوداً تنظر إلى إبنها نظرة يتخللها الدموع، تضع يدها على رأسها من هول ما يدور بها، تحمد ربها أن نجى نجلها من هذا الانفجار: "كنا بنصلي في كنيسة تانية وهو خادم في مارجرجس لما حصل التفجير كلنا عرفنا وجرينا على هناك".

"قلبي اتخلع على ابني"، قالتها بينما هرولت إلى مكانه في الدقائق الفاصلة بين الكنيسة التي كانت تصلي بها و الكنيسة التي كان يرقد هوّ بها: "وصلنا هناك ملقتهوش كنت بدور عليه في أشلاء الموجودين والجثث لحد ماروحنا نشوفه في المستشفي ولقيته".

لم تدرك الأم أن ولدها نجى من المشهد التي عايشته عندما توجهت للكنيسة "الكنيسة مدمرة واشلاء وجثث في كل حتة ومنظر صعب جدا ونشكر ربنا ان ابني نجى من الانفجار". لم يُثنيها عن العودة إلى الصلاة في بيت الرب: "هنفضل نصلي ونروح كنايسنا مهما عملوا وحتى لو ضربوا كنائس مصر كلها، لان كل ما بيضرب الناس بيزيد أمانها اكتر وبيروحوا كنايسهم برضو".

فيديو قد يعجبك: